الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لماذا ينظر الناس للفتاة التي تدخل النت أنها ليست جيدة؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا إنسانة محجبة منذ صغري، وأصلي وأقوم بواجباتي الدينية ولله الحمد.

دخلت مرة على موقع للزواج الديني، وهو محترم جداً، لا يسمح لك بالاتصال بين الأشخاص الآخرين إلا بعد التوفيق بينهما، ولمجرد الفضول، ومعرفة أغوار الموقع من أجل صديقة لي، كتبت اسمي عليه، وفي يوم تم توفيقي مع شخص في بلد آخر.

لا أريد الحديث عن تجربتي في هذه الاستشارة، لكني أريد طرح سؤال، قرأت كذا عن إجابات الدكاترة على الاستشارات فوجدت أنهم ينظرون للفتاة التي تدخل النت إنسانة غير محترمة، ويجب تجنب الارتباط بها، واللجوء إلى بنات البيوت، لكني أخبركم من واقع تجاربي أن هناك فتيات مميزات جداً، وعلى خلق يدخلن النت باحترام، وحتى لو دخلن مواقع للزواج فيكون أيضاً باحترام، فلماذا نحكم على الناس بأنهم غير محترمين؟ وذنبهم الوحيد أنهم يعتبرون النت أداة للثقافة، أو ربما عملهم يجبرهم على دخول النت!

وتجربتي فرضت علي أن أكتشف أن بعض الفتيات المحجبات والمنقبات لا يخرجن من بيوتهن، ومع ذلك يقومون بأعمال مشينة ومخلة، ولا يصلحن أن يكن زوجات صالحات. فلماذا نحكم على الناس من غير معرفة أخلاقهم؟ وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك: (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يثبتك على الحق، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظك بحفظه.

وبخصوص ما ورد برسالتك:

فأحب أن ألفت نظرك إلى أن مسألة التعميم في الأحكام السلبية والإيجابية ليس منهجاً إسلامياً، ولا يتفق مع روح الشرع ونصوصه؛ لأن الإسلام دين العدل والإنصاف ومراعاة الفوارق بين البشر، حيث قال جل وعلا: ((وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)) [فاطر:18]، والمولى جل وعلا في كلامه عن اليهود -وهم أسوأ البشر وأعداء الله ورسوله- لم يعمم حكمه عليهم، وإنما قال جل وعلا: (( وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا )) [آل عمران:75].

فهذا هو عين العدل والإنصاف، وعليه فالحكم على جميع الفتيات الداخلات على النت بأنهن لسن صالحات أو مؤدبات أو غير محترمات هذا حكم جانبه الصواب قطعاً، وأنا حقيقة أقول: بأن أمثال هؤلاء الدعاة أو المشايخ قلة قليلة جداً، لا يجوز لنا نحن أيضاً أن نعمم الحكم على الجميع، حيث أن غالب علماء الإسلام ودعاته على خير من فضل الله، والأمر يتوقف على هدف الفتاة وقصدها من استعمال هذا الاتصال، فإن كان هدفها لا يتعارض مع الشرع، فقطعاً لا يمكن أن يكون حراماً بحال من الأحوال، حيث أن هناك فتيات لهن دور متميز في الدعوة إلى الله وهداية الكثير من الأخوات، وهن بذلك يقفن في خندق واحد من إخوانهم الدعاة.

أما إذا كان الهدف التسلية وضياع الأوقات، وإقامة العلاقات المحرمة، فهذا بلا شك لا يجوز لأي أحد، بصرف النظر عن جنسه رجلاً كان أو امرأة، وهذا ما يذكره أهل العلم دائماً.

وأما الزواج عن طريق النت، فإن الأمر ليس حكماً شرعياً فقط، وإنما هناك قضايا اجتماعية أخرى تترتب على هذا الارتباط، حيث ثبت أن نسبة نجاحه قليلة جداً، ً وليس هذا كلام علماء الشريعة، وإنما حتى علماء التربية والاجتماع وعلم النفس، وعليه فلا يجوز لنا أن نحمل العلماء كل شيء، بل على العكس، فإن الشرع لا يعارض الارتباط بأي صورة ما دامت لا تتعارض معه، وإنما المشكلة في الآثار المترتبة على ذلك، وهذا هو ما جعل علماء الاجتماع وعلم النفس يرفضونه، ويرون أن الوضع التقليدي الطبيعي هو أفضل وسائل الارتباط وأكثرها نجاحاً.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً