الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كره الحياة والشك بالآخرين .. التشخيص والعلاج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي هي أنني أكره نفسي كثيراً وأمقتها، وأكره الدنيا لإحساسي بأنها السبب في عذابي وعيشتي التي أكرهها.

دائماً عندما يحدث أي مشكلة بين والدي أو مشكلة عند خطيبي أشعر وكأني أنا السبب في حدوث المشكلة، بالرغم من بعدي الكامل عن المشكلة، ولكني أحمل نفسي دائماً الذنب، وأشعر وقتها بكرهي لنفسي وكرهي للحياة، وأشعر بعدم حب الناس لي! وأشعر أنهم يعاملوني بلطف للمجاملة فقط، وليس لشخصي.

دائماً أشعر أن أختي ( التوأم ) أفضل مني! وشخصيتها أفضل مني، وأشعر أن كل الناس تحبها، وأنا يحبونني مجاملة فقط، وأنا أيضاً أقنع نفسي دائماً بهذه الأمور، بل وأصبحت يقيناً عندي.

أشعر دائماً بعدم حب خطيبي لي، وأنه مجبور على خطبتي، وأنا أحبه جداً، فما الحل لمشكلتي؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مثل هذه الأعراض التي تنتابك، تدل على وجود خلل بسيط، أو ما يعرف باضطرابات الشخصية البسيطة، حيث أن شخصيتك تعاني من سمات بسيطة من الظنان أو سوء التأويل والشعور الاضطهادي، وهذه حقيقةً مكون داخلي في الشخصية، وهي تعرف بالعوامل المرسِّبة.

الذي أنصحك به هو أن تأتي بورقة وقلم، وتكتبي كل هذه المشاعر السلبية في شكل نقاط، مثل:
1- عدم حب خطيبي لي.
2- أختي التوأم أفضل مني.
تقومين بكتابة كل مشتقات مشاعرك، وهذا يعرف بالتحليل السلوكي، ثم بعد ذلك تأخذين هذه النقاط واحدة واحدة، وتقومين بتحديد الكلمة أو المعنى المضاد، وتكررين هذا المعنى، على سبيل المثال: خطيبي لا يحبني، المضاد هو: خطيبي يحبني جدّاً، وإن لم يكن يحبني لم قام بخطوبتي. أي: أن تجدي المضاد ثم التفسير أو التبرير النفسي له، وتكرريه بتأمل وتعمق، هذا إن شاء الله يؤدي إلى استبدال هذه الأفكار الظنانية والسلبية بالفكرة الإيجابية.

مثلاً: أختي التوأم أفضل مني؛ يقابلها: لا، أختي التوأم مثلي، وقد خصنا الله بأن أصبحنا توأماً، فهي أقرب الناس إليَّ وأحب الناس إليَّ، ويجب أن أقتدي بها فيما هو جيد، وأتجنب ما هو سيئ، وهكذا، أي تحديد الفكرة السلوكية ومضادها مع وضع منطق وتفسير جديد للفكرة السلوكية، هذا -إن شاء الله- علاج مجرب وعلمي ومعروف، ولكنه يتطلب دقة في التطبيق والتزاما وتكرارا.

الشيء الآخر: إذا كانت هذه الأعراض متعبة جدّاً لكِ، ربما يكون دور للعلاج الدوائي، خاصة أن مشاعرك الظنانية لا تخلو من شيء من الهواجس الداخلية والوساوس.

هنالك عقار يعرف باسم استلزين، أنتِ محتاجة له بجرعة صغيرة جدّاً، وهي واحد مليجرام فقط في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ويمكن أن تتناولي معه عقارا آخر يعرف باسم بروزاك، والجرعة المطلوبة في حالتك هي كبسولة واحدة من فئة 20 مليجرام لمدة ثلاثة أشهر أخرى، هذه الأدوية بإذن الله مع التطبيق التمارين السلوكية سوف تساعدك.

الشيء الثالث: لابد أن توسعي من دائرة تواصلك ومعارفك الاجتماعية؛ لأن التواصل مع الناس يبني حبهم ويشعرنا بذلك، لكن بالتأكيد لابد للإنسان أن يتخير مع من يتواصل، وأنت إن شاء الله على وعي تام بذلك.

أرجو مخلصاً أن لا تظني الظن السيء بنفسك أو بالآخرين، أنتِ أفضل مما تتصورين في نظري، وبالنسبة للآخرين هم أيضاً -إن شاء الله- ليسوا بالسوء الذي تتصورينه.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً