الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تنصحون بالزواج من مواقع الزواج على النت؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أنا شاب أبلغ من العمر 28 عاماً، وغير مستعد للزواج حالياً، ولكن يشغلني هذا الموضوع كثيراً، وأفكر فيه كثيراً، وأدعو الله، وأناشدكم الدعاء لي أن يكرمني الله بالزوجة الصالحة في أسرع وقت إن شاء الله؛ لأصون وأعف نفسي وأحقق حلمي بتكوين البيت المسلم بإذن الله.

مشكلتي ليست مشكلة حالية ولكنها مستقبلية، أنتم تعلمون أن عملية الاختيار صعبة جداً، فالزوجة الصالحة أصبحت عملة نادرة في هذا الزمان، وأدعو الله العلي القدير أن يكرمني بتلك الزوجة الصالحة التي هي متاع الدنيا والآخرة -إن شاء الله- في النطاق المحيط بي.

هناك الكثير من الفتيات، ولكني لا أجد فيهن تلك الزوجة التي أرتضيها خلقاً وديناً؛ ولأني أستخدم دائماً الإنترنت فأنا أدخل كثيراً على مواقع الزواج، وأجد أن هناك الكثير من الفتيات المتدينات المتفقهات في الدين وفيهن كل الخصال الحميدة -أعزهن الله دوماً إن شاء الله- ويخالجني شعور قوى بأني عندما أرتبط فقد أرتبط بإحدى تلك الأخوات؛ نظراً لفقداني إياهن في المحيط القريب مني، علماً بأني -إن شاء الله- سآخذ بباقي سبل ووسائل الزواج الشرعي عندئذ، فهل أنا مخطئ في هذا التفكير؟ وما هو رأيكم أفادكم الله؟ فهناك الكثير من الشباب الذين يشغلهم موضوع الارتباط بأخوات صالحات من الإنترنت.

أفيدونا أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد.

فإن الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة، وسعيد في الناس من وجد امرأة صالحة تذكره بالله إذا نسي، وتعينه على طاعة الله إن ذكر، وتشاركه في القيام والسجود لله رب العالمين، يأمنها إذا غاب، ويفرح بها إذا حضر، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها أسرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله.

ولكننا نتمنى أن لا يشغل الشباب أنفسهم بهذه المواضيع إلا عندما يتهيؤون لها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، ومن هنا فنحن نتمنى في الوقت الحالي أن تجتهد في الصوم والعبادة وإعداد ما تستطيع من العدة، فإن الزواج مسؤولية، ولا يقبل أحد بالانتظار طويلاً بعد الخطبة، وليس في الانتظار والتأخير مصلحة، وأرجو أن تهتم برضى والديك وتشركهم في الأمر، كما أرجو أن تهتم بالجوانب الأخرى؛ فإن المرأة الصالحة مطلوبة ومرغوب فيها، ولكن الشريعة تريد منا أن نبني حياتنا الزوجية على أسس ثابتة، ولن يستطيع الإنسان عن طريق الإنترنت أن يقف على الحقائق، فلا تستعجل بالحكم بمجرد سماع الكلام، وعلى مثل الشمس فاشهد.

واعلم أن المرأة قد تكون صالحة وفيها خير، لكنك لا تطيقها، وقد لا تدخل إلى قلبها، وذلك لأن الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، كما أن الزواج علاقات وميثاق غليظ وروابط اجتماعية، والعاقل لا يرضى إلا بذات الدين كما وجهنا رسولنا الأمين، وإذا لم تجد في محيطك ما تريد فلا مانع من البحث في مناطق أخرى، وأرجو أن يعاونك في ذلك أخواتك وعماتك وأصدقاؤك، فإذا رشحوا لك فتاة فصلّ صلاة الاستخارة وشاور أهل الخبرة والدراية، ثم توكل على ربك وأسأله الثبات والهداية، واعلم أنك المسؤول عن البيت وبيدك القوامة، فكن من أهل القرآن والصلاة والهداية، ولن يخذلك رب العزة إذا قصدت العفاف والصيانة.

ونحن لا نفضل الارتباط عن طريق الإنترنت، ولا أظن أن الصالحات خافيات حتى نبحث عنهن في مواقع لا تخلو من المخادعين الماكرين، ونخاف على من تزوج عن طريق الإنترنت أن تطارد الشكوك أسرته، ويجد الشيطان سبيلاً إلى بيته.

فالزم طريق المتقين وراقب الله رب العالمين، واعلم بأنه سبحانه يدافع عن المؤمنين ويجزي المحسنين، واحفظ الله يحفظك، واعلم بأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، وأبشر بالخير وأمل ما يسرك، ومرحباً بك بين آبائك وإخوانك.

ونسأل الله أن يرزقك صالحة ودوداً ولوداً، وأن يصلح لنا ولكم النية والذرية، والله ولي التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً