الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلق وعدم ثقة بالنفس مؤثر على الدراسة الجامعية

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
إخوتي الأعزاء في الشبكة الإسلامية، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أكتب لكم هذه الاستشاره، والهم يعصر قلبي، وبلغ مني مبلغه، ولكني ما زلت أرى بصيص أمل ينبع من إيماني بأن الله لا محالة مفرج همي، وسيكفيني، وسيحقق لي ما أريد من خير، فأنا أؤمن به، وأتوكل عليه، وكتابتي لكم أعتبرها من باب الأخذ بالأسباب الذي يقتضيه التوكل.

أسأل الله أن يرزقني وإياكم حسن التوكل عليه، وأعرض لكم معاناتي بشيء من التفصيل، كي يتسنى لكم إرشادي إلى ما يجب علي فعله في حالتي هذه، خاصه وأرجو أن يتم الرد علي دون تحويلي إلى استشارات مشابهة.

أنا من اليمن، وعمري 23 سنة، أدرس في كلية طب الأسنان، المستوى الخامس.

مشكلتي بدأت تشكل لي معاناة حقيقية منذ سنتين تقريباً، وهي أنني عندما بدأت أتدرب في عيادات طب الأسنان في المسشفى الجامعي، ظهرت عندي حاله غريبة، وهي أني أرتعش ويدق قلبي بقوة، ويحمر وجهي، ويتصبب عرقاً، وأشعر بأني لا أستطيع التحكم بنفسي عندما أستعمل إبرة التخدير، لعمل مخدر موضعي، قال لي حينها بعض المشرفين: إنه خوف طبيعي، يأتي في البداية، ثم يختفي تلقائياً، بمجرد التعود، لكن هذا لم يكن الحال، حيث لاحظت أن بعض زملائي لم تأتيه هذه الحالة أصلاً، والأمور عندهم طبيعية إلى درجة كبيرة.

استمرت هذه الحالة معي، وسببت لي الكثير من الإحراج أمام زملائي، وأمام المرضى، وشعرت حقيقة بالإرهاق النفسي، بسبب كثرة تفكيري في هذا الموضوع، لدرجة أنني كنت أفكر في ترك دراسة طب الأسنان، والدراسة من جديد في مجال آخر، ولو كان ذلك سيكلفني سنوات إضافية.

ثم بدأت هذه الحالة تأتيني في مواقف أخرى، مثل أن أكون مدعواً إلى حفلة، أو وليمة، فحينها أكون قلقاً وأرتعش والكوب في يدي، وأشعر بارتباك شديد، وعندما انتهي وأرجع إلى البيت، أشعر بصداع شديد، وكأني كنت أحمل جبلاً فوق ظهري، وتظهر هذه الحالة أيضاً عندما أؤم الناس بالصلاة أو أقرأ القرآن ضمن حلقة، فأشعر بأن صوتي بدأ يضعف ويتقطع، وأبلع ريقي باستمرار.

عندما رجعت بذاكرتي إلى الوراء، اكتشفت أن حالة الخوف هذه كانت تأتيني بعض الأحيان، عندما كنت صغيراً، مثلاً في الإذاعة المدرسية كانت تهتز الورقة في يدي، وكنت أشعر بها بعض الأحيان عندما أكون خارج البيت في ضيافة أحد الأقارب، لكني أعتبرها خفيفة، وكانت تذهب بسرعة، ولم تكن تشكل لي أي قلق إطلاقاً.

أنا أعلم أن هذا الخوف غير منطقي، لكني لم أستطع التحكم به.

منذ سنتين بدأت نظرتي تجاه نفسي تتغير حيث أن تقديري الذاتي لنفسي انخفض كثيراً، وحقيقة أن ثقتي بنفسي بدأت تضعف، لكن خفف من ذلك أني عندما قرأت في استشارات الشبكة أن ما يسمى بالرهاب الاجتماعي، هو ليس من الخجل الزائد، الذي يقدح في الشخصية، ولكنه مرض له خلفيته البيوكيميائية، وسببه اختلال في إفراز مادة السيروتونين في الدماغ، وأنه مشكلة طبية يجب التعامل معها بجدية.

في شهر 4 من عام 2005 طلبت المساعدة الطبية، حيث أنه كان من المقرر أن ألقي بحثاً أمام الدفعة، وصفت الحالة للطبيب فوصف لي Anafranil 75 Mg+inderal 10 mg.

لم أكن أملك مبلغاً يؤهلني للاستمرار على الانافرانيل، فاستعملت الانديرال 3 مرات يومياً، لمدة أسبوعين، ثم خففتها إلى حبة، ثم انقطعت، وكان إلقائي للبحث ممتازاً! حيث أن زملائي لم يتوقعوا أن أكون بهذه الجرأة، وكنت أستعمل الانديرال في فترات متقطعة، عندما تكون هناك مناسبة اجتماعية، أو عندما يكون لدينا تطبيق عملي.

ومنذ 6 أشهر بدأت أستعمل حبة انديرال 10 ملغ كل يوم صباحاً، ولاحظت أن الأعراض لا تظهر، ثم ذهبت إلى الطبيب فوصف لي فافرين 50 ملغ، بدأت بنصف حبة صباحاً ومساءً، لمدة 20 يوماً، ثم نصف حبه 3 مرات في اليوم، لمدة شهر، بدأت خلالها أشعر بنسبة 70- 80 % تحسن، ثم قال لي الطبيب: بأن أرفع الجرعة إلى نصف حبة صباحاً، وحبة بعد الظهر، وحبة مساء، لكني لم أفعل؛ لأن هذا سيكلف كثيراً، لأني أشتري العلاج مما أجمع من مصاريفي.

المشكلة هو أني لا ريد إخبار أسرتي بالأمر، لأنهم لن يفهموا المشكلة كما هي، وسوف أزيد من قلقهم علي، فاضطريت إلى تخفيف الجرعة إلى نصف حبة صباحاً، ونصف حبة مساء، ثم خففتها إلى نصف حبة صباحاً، ثم انقطعت خلال 3 أسابيع، ورجعت إلى حبة انديرال 10 ملغ صباحاً.

لقد تأثر مستواي الدراسي كثيراً بسبب هذه المشكلة، حيث أصبحت أحقق مراتب متأخرة ( التاسع العاشر) أنا أشعر بأنني ليس لدي الكفاءة المناسبة من ناحية ال (Dental clinical practice) وأنا الآن بدأت أفكر في الزواج، لكن تذكري لهذه الحالة يقلقني.

أود أن أضيف بأنني في الصباح أشعر بعدم رغبة في العمل والدراسة، ولكني بمجرد أن أقحم نفسي في العمل، أشعر ببعض النشاط يدب في جسدي، وأشعر بأن مزاجي بعد الانتهاء من العمل في الكلية، وأثناء الليل أفضل بكثير مما كان عليه في الصباح.

بارك الله فيكم، أرشدوني إلى ما يجب علي فعله، فأنا أريد أن أكون داعية إلى الله، وشخصاً مؤثراً، وإيجابياً في مجتمعي، وأملي في الله كبير، فهو على كل شيء قدير.

وجزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً على رسالتك المفصلة والمعبرة جداً، والتي حقيقةً قد طرحت من خلالها مشكلتك ومعها الحلول.

أنت بالطبع تُعاني من حالة رهاب اجتماعي، وكما ذكرت فإن نصف حالات الرهاب الاجتماعي تبدأ بمخاوف في الطفولة.

الرهاب الاجتماعي يُعالج بصورةٍ فعّالة جداً عن طريق الأدوية والعلاج السلوكي، وذكاء المريض، ومستوى معرفته يلعب دوراً هاماً في شفائه، فالمقتدرين علمياً وفكرياً من أمثال شخصك الكريم دائماً فرصهم في الشفاء أفضل بإذن الله تعالى.

أنا أقدر جداً ظروفك المالية، ولكن لابد من أن تتناول الدواء، خاصة الـ Faverin بصفةٍ مستمرة لمدة ستة أشهر على الأقل، والجرعة المطلوبة هي 100 مليجرام يمكن أن تتناولها كجرعة واحدة ليلاً، ومدة العلاج ضرورية جداً مع الجرعة الصحيحة؛ لأن هذه هي الوسيلة الوحيدة لإيقاف الانتكاسات المرضية.

الإندرال (Indral) يُعتبر أيضاً علاجاً جيداً، ولا مانع من أن تأخذ منه حبة صباحاً ومساء (10 مليجرام) خاصة أنه غير مكلّف، وأنت الآن في المراحل النهائية من الدراسة الطبية، ولابد لك أن تتمتع بصحةٍ نفسية متوازنة حتى تستطيع أن تنجز وتصل إلى ما تصبو إليه.

الجانب السلوكي أيضاً يعتبر هاماً جداً، وهو يقوم على مبدأ أن تُعرض نفسك لمصدر الخوف مرات ومرات دون الهروب من الموقف، وسوف تجد بعد مدة أن الأمر أصبح طبيعياً، وهنا أود أن أشير أن الدواء سوف يجعلك أكثر قدرة وقبولاً للعلاج السلوكي.

وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً