الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية أتجاوز الصفات السلبية لدى الأطفال من أجل حثهم على التفوق الدراسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ربما يوحي العنوان عن بعض مضمون المشكل، الذي أود أن تساعدوني في حله.

لدي من الأبناء اثنان أحدهما يبلغ من العمر 13 سنة، والآخر 12 سنة، وبنتاً عمرها 8 سنوات، ولله الحمد.

نحاول قدر الإمكان أن نوفر لهم الظروف المناسبة لكي يتفوقوا دراسياً، كلما طلبوا منا شيئاً نهرع إلى شرائه! ظروفنا المادية ميسورة، لدينا سيارة، وأنا وزوجي متفاهمين، ليس لدينا حزازات، ولا تفكك، نقوم بنزهات داخل وخارج البلد، كما أننا عدنا من أداء فريضة الحج، ولله الحمد، لأبين لكم أننا دينياً مستقرون، أجبرهم على الصلاة، وأرسلهم إلى مجالس الذكر، كي يتشربوا الأخلاق والقيم الدينية، والتي لا غنى لنا عنها، ولله الحمد، أذكرهم بالله، وأحبب إليهم صلة الرحم، ولا أزكي نفسي ووالدهم على الله، نحاول أن نعيش وفق تعاليم ديننا الحنيف.

المشكلة تكمن في النتائج السيئة التي يحصل عليها ولدي دون البنت، حيث أن وقعها علي وعلى أبيهم كالصاعقة! نظراً للمجهود الذي نقوم به، وأحب أن أقربكم أكثر من البرنامج اليومي، لكي تحكموا.

عندما يعودون إلى المنزل على الساعة الخامسة، يجدون الأكل معداً مسبقاً، يشاهدون قليلاً من الرسوم، ثم أصعد معهم إلى غرفهم ،آخذ استعمالات الزمن لأرى المواد التي يجب أن تحضر للغد، وإذا لم أفعل ذلك وأتيقن بنفسي فإنهم سيخبئون علي باقي الواجبات، لذلك أفضل أن أتأكد بنفسي، تخيلوا أنني أفعل ذلك طيلة العام! إنه شيء مرهق.

مؤخراً طلبوا منا شراء مكاتب لهم، فلم نتردد، لكي نساعدهم على تنظيم أفكارهم وكتبهم، أحرم نفسي ووالدهم من الخروج حتى نبقى قريبين منهم، أدرس معهم أنا وابنة أختي اللغات، وأباهم يساعدهم في المواد العلمية، يعني أن معهم معلمين حتى بالبيت.

لكن النتيجة ماذا؟ نقاط سيئة! عدم تركيز ولا مبالاة! يخبئون النقط حتى لا نكتشفها! عقولهم مشغولة باللعب أكثر من الدراسة، والطفلان يعترفان بأنهما يشردان في القسم، والمشكلة أنهما يحضران للامتحان، ويلخصان الدروس، ويفهمان، لكن النتيجة لا تعكس المجهود المبذول.

هما ليسا غبيين، والدليل أن ولدي الأكبر هو الذي يصلح لنا الأجهزة في البيت، كالكمبيوتر، إلا أنه كتوم، ولا نعلم ماذا يدور في نفسه؟ وأيضاً المراهقة زادت الطين بلة.

أما الثاني، فالمشكلة أنه يكذب، ويتقن الكذب، خاصة فيما يتعلق بالدراسة، يخبئ النقط وإذا لم نكتشف ذلك بالصدفة فإننا لا نعلم أبداً.

السؤال: ماذا نفعل؟ وكيف أحمي أختهم الصغرى من التأثر بهم؟ وكيف أجعلهم يتفوقون في الدراسة، ويستغلون ذكاءهم ووقتهم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله العظيم أن يسعدك بصلاح الذرية وأن يرزقك السداد.

فقد أسعدني حرصكما على طاعة الله، وأفرحني اهتمامك بتوجيه الأبناء إلى الطاعات والخيرات، وهكذا ينبغي أن يكون الآباء والأمهات، وأرجو أن أبشركما بأن العاقبة سوف تكون طيبة –بإذن الله– فإن الإنسان يرى أثر طاعته لله في ولده وبيته ودابته، كما أن الوفاق والتفاهم بين الزوجين ينعكس إيجابياً على الأولاد، فإن البيوت المستقرة هي التي تخرج الناجحين، فاحرصوا على اللجوء إلى رب العالمين، فإنه سبحانه يقدر الخير ويعطي السائلين.

وأرجو أن تتخلل لحظات الجد والدرس والاجتهاد لحظات الفكاهة واللعب والضحك، كما قال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله: (لابد أن يتاح للطفل بعد الدرس شيء من اللعب يستريح إليه)، وقد ثبت أن أنجح الدروس هو ما كان بعد حصة الرياضة وبعد الإشباع العاطفي والاهتمام.

ولذلك فنحن ننصح أولاً بتنظيم أوقات الدراسة وعدم إجبارهم على الدرس في وقت لا يريدون أن يدرسو فيه، وأن لا تكون الحصة طويلة حتى قال بعض علماء التربية: (ينبغي أن تكون مدة الدرس على قدر سنوات العمر، فالذي عمره عشر سنوات تكون مدة الدراسة عشر دقائق ثم يرتاح دقيقتين مثلاً ويواصل)

ويمكن أن تستبدل الراحة بفكاهة أو بقصة أو بتغيير مكان الدرس، أو بالسماح له بالذهاب إلى شرب الماء أو النظر من النافذة أو نحو ذلك، مع ضرورة إظهار الاهتمام وإشباعهم بالعاطفة والعدل بينهم، وعدم عقد المقارنات السالبة، فلا تقولي فلان ممتاز وفلان بليد، ولكن قولي فلان ممتاز؛ لأنه اجتهد اليومن ويعجبني فلان بحرصه على الصلاة، وحبذا لو زاد الحرص على الدرس، وهذا منهج نبوي فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل، قال سالم -ولد ابن عمر- فما ترك ابن عمر قيام الليل حتى توفاه الله).

ومن الخطأ إعلان العجز، ومثله التذكير بالأخطاء السابقة، وأرجو أن تجتهدوا في اكتشاف مواهبهم ومشاورتهم في الطريقة المناسبة له واستخدام الكلمات اللطيفة واللسات الحانية، وتذكيرهم بحلاوة النجاح وأثره على مستقبلهم، ومراعاة الفروق الفردية، واكتشاف الإيجابيات والبناء عليها، فإذا كان هؤلاء الأطفال يحضرون الدروس ويفهمون، فلا داع للقلق، وأرجو التشجيع والتنسيق مع إدارة المدرسة.

ونحن نتمنى أن تكثروا من الدعاء لأبنائكم، فإن دعاء الوالدين أقرب للإجابة، وتجنبوا الدعاء عليهم، وشجعوا كل خطوة للإمام، وتوكلوا على من لا يعقل ولا ينام، وحددوا طريقة التوجيه، واعرفوا طبيعة المرحلة العمرية للطفل الأكبر، وحاولوا أن تشعروه بالثقة والحب وتشاوره على الأقل في الأمور الخاصة به، واستخدموا معه أسلوب الحوار.

أما بالنسبة للطفل الذي يكذب، فأرجو منحه جرعات من العاطفة، وتذكيره بفضل الصدق ومكانة الصادقين، وعدم ممارسة أسلوب التحقيق معه، وتربيته على الوضوح وعدم معاقبته إذا صدق، وعدم تعييره بصفة الكذب، فإن ذلك يكسر عنده حاجز الحياء، خاصة إذا كان ذلك أمام الآخرين، وأرجو أن يشاهد عندكم الصدق ويسمع منكم الصدق.

ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً