الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عائلة كثيرة المشاحنات

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
أنا فتاة مغربية الأصل، أعيش وسط عائلة كثيرة المشاحنات، لا يمر علينا يوم بدون مشاحنة، بالرغم من أننا متحجبات ونحضر مجالس الذكر، أحاول تغيير ما بنفسيتي وأن أصلح ما بيننا، لكن ما أزيده إلا تهديما، فعندما أغضب لا أشعر بما أتفوه به وتكون النتيجة انقطاع الكلام بيننا، وأظل أتعذب بين تأنيب ضميري وخوفي من غضب الله فبدأت أتمنى الموت، ولم أعد أستطيع الجلوس داخل المنزل خوفاً من كثرة المشاكل، حيث أقضي الآن فترة تدريب بإحدى الإدارات بالرغم من أنني لا أستفيد شيئاً منها.

ساعدوني من فضلكم كيف أتخلص من عقدة المشاحنات، ولكم جزيل الشكر.

أخيراً: أسألكم الدعاء لي أن يرزقني الله عملاً.. آمين يا منان يا حنان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ المذنبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

ابنتي العزيزة: أسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأن يلهمنا السداد والرشاد.

إن وجود الإنسان في جماعة له ثمن وضريبة لابد أن يؤديها، فيحتمل الأذى ويصبر ويصابر، بل ويقابل ذلك بالإحسان، خاصةً إذا كان مصدر ذلك هو الأشقاء وأفراد الأسرة الذين تربطنا بهم صلة القرابة ورابطة الأخوة ورباط العقيدة، وكلها يجب أن نراعيها، والعاقل يقابل السيئة بالتي هي أحسن؛ (( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ))[المؤمنون:96].

وأفضل ما نجازي به من أساء إلينا هو أن نحسن إليه، فنقابل بعصبيته فينا بطاعتنا لله والصبر على أذاه، والدين يدعو إلى أن نعفو عمن ظلمنا، ونعطي من حرمنا، ونحسن إلى من أساء إلينا، والجنة مهرها غالٍ؛ (( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ))[الأعراف:199].

والغضب له علاج شرعي يبدأ بالتعوذ بالله من الشيطان الذي همه أن يثير العداوة والبغضاء، وبتغيير الهيئة بأن يجلس القائم ويتكئ الجالس مثلاً، وبتغيير مكان المشكلة والخروج إلى حجرة أخرى أو إلى فناء الدار، والوضوء والصلاة، وهي دواء لضيق الصدر، وكذلك التسبيح والذكر لله، قال تعالى: (( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ))[الحجر:97-98].
وعلى الإنسان أن يشغل نفسه بالهموم الكبيرة والمآسي التي تتعرض لها أمتنا، وعندها سوف ننسى ما عندنا من جراح وآلام، وإذا تذكرنا مشاكلنا كأسرة وكأمة، وتذكرنا الآخرة والوقوف بين يدي الله وصعاب الدنيا ومصائب الآخرين هانت مصائبنا، وتلاحمت نفوسنا، والمصائب يجمعن المصابينا.

والأفضل البحث عن أسباب هذه المشاحنات من أجل تفاديها، وسوف نجد أن بعض أسبابها تافهة وبعض أسبابها خارجية، وقد يكون جزءاً منها أسباب قديمة وأخطاء متوارثة، فإذا كان أحد الوالدين يفضل ابناً أو بنتاً على حساب الآخرين، فهذه مخالفة لمنهج الإسلام، وهي سبب للعداوات والأحقاد بين الأشقاء، وبعد أن كبرنا علينا أن نجتهد في تصحيح ذلك الخطأ، ولا يسكت الناس ويرضيهم مثل العدل والإنصاف.

والواجب أن نعطف على من حرم جرعات الحنان، ونحترم من يكبرنا في السن، ونجتهد في توزيع المهام والأدوار، ونترك الأنانية، ونتجنب الكلمات والتصرفات التي تغضب هذا أو هذه.

وإذا لم تكن هناك ضرورة لهذا الخروج أو فائدة فيه، فالأصل للمرأة القرار في بيتها؛ لأن الهروب من البيت -وهو المكان المناسب والآمن للفتاة المسلمة- إلى حيث الفتنة والافتتان ليس بصواب، ولا يكون حل المشاكل بالهروب منها، ولكن بالصبر والتوجه إلى الله والشجاعة في مواجهة الأخطاء، مع مراعاة الأدب، واختيار الأوقات المناسبة لمناقشة الأمور بروح من الأخوة والسماحة وحب الخير للجميع.

نسأل الله أن يجمع الشمل، وأن يعين الجميع على طاعته، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً