الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حقوق الآباء وحقوق الأبناء

السؤال

أنا شاب أبحث عن عمل، وأهلي لا يقدرون هذا الشيء، وأريد معرفة حق الابن على والده والوالد على ابنه.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ تامر حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نسأل الله العظيم أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يرزقك رضا والديك بعد طاعة رب العباد.

إن الشريعة العظيمة لم توص الآباء بأبنائهم؛ لأنهم فُطروا على حبهم والسهر لراحتهم، ولا يوجد في الدنيا من يتمنى أن يكون إنسانُ آخر أفضل منه إلا الوالدان؛ فإنهم يتمنون لأبنائهم كل خير وفلاح.

من هنا كان تركيز الشريعة على تحريض الأبناء على البر والإحسان لآبائهم والأمهات، ولأهمية هذا الأمر فإن الله ربطه بعبادته التي هي أعظم مهمة للإنسان، بل هي الوظيفة التي لأجلها خلق الإنسان، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) [الذاريات:56]، وإذا تأمل الإنسان آيات القرآن فإنه يجد قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [الإسراء:23]، وقوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) [النساء:36]، حتى قال ابن عباس: (لا يقبل الله عبادة من لا يطيع والديه)، فقيل له من أين؟ فقال: من هذا التلازم والارتباط في كتاب الله.

لست أدري كيف لا يقدرون ظروفك وبحثك عن العمل؟ ولا أظن أن ذلك يمكن أن يحدث، وأرجو أن تحمل ما يصدر منهم على أحسن الوجوه، وتأكد أنهم يحبون لك كل الخير، ولكني أنصحك بالقبول بأي عملٍ شريف، ولا مانع من البحث عن الأفضل والأحسن، ولا يخفى عليك أن بعض الشباب يجلس سنوات يبحث عن عملٍ معين ولا يرضى بغيره، ومثل هذا التصرف يُزعج الآباء والأمهات الذين يرغبون في رؤية ثمرة جهدهم.

أما إذا سألت عن حق الولد على أبيه فهو أن يحسن اختيار أمه، وأن يحسن اسمه، وأن يعلّمه الكتاب، وأن يجتهد في النصح له والرعاية لمصالحه، وتوفير بيئة الإيمان.

أما حق الوالد فـ(لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه وعتقه)، ولا عجب فإن الوالدين هما أصحاب الفضل بعد الله سبحانه، وهما السبب في وجود الإنسان، وقد حملته أمه وهناً على وهن، واجتهد أبوه في تربيته وتعليمه والإحسان إليه، و(أنت ومالك لأبيك)، فاحرص على الإحسان لوالديك والبر بهما والصبر عليهما، فإن الإنسان لا يجد أغلى من والديه، والسعيد من ينال رضاهما ويفوز بصالح دعائهما، فإن دعوتهما أقرب للإجابة، وبرهما من أهم أسباب النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، كما أرجو أن تهتم بصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وعليك بأن تكرم صديقهما، وكن في عون الضعفاء ليكون في حاجتك رب الأرض والسماء.

ختاماً: نوصيك وأنفسنا بتقوى الله وطاعته، فإن ما عنده من توفيق لا يُنال إلا بطاعته سبحانه.

والله ولي الهداية والتوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً