الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضعف الشخصية والخجل والرهاب الاجتماعي

السؤال

السلام عليكم، أيها الدكتور الفاضل، وفقك الله عز وجل في فضائل الأعمال وجعلها لك خالصة في ميزان الحسنات، آمين يا رب العالمين، مشكلتي النفسية تتلخص فيما يلي:

هو أني كبرت في أسرة متواضعة لكن أبي سامحه الله كان إنساناً قمعيا ومارس علينا العنف ولا زال كذلك حيث كان في صغرنا أنا وإخواني وأمي حيث كان مدرس وكان يفهم التربية بشكل مغلوط حيث كان يدرسنا في الليل بالعنف الشديد وكان يقمعني أنا وأخواتي الذكور والإناث، وخصوصاً أمي لأتفه الأسباب ظنا منه أنه يمارس رجولته وسلطته على البيت.

وكنت آخذه كقدوة لأني في الصغر كنت أرى فيه صور مثالية المجتمع لأنه كان يصلي ويقوم بالعبادات كأني كنت أتشبه بالملائكة، ونتاج هذه التربية الجحيمية حلت علي لعنتها في الكبر ونتائج تتلخص فيما يلي:

اشمئزاز جميع أفراد أسرتي منه خصوصاً إخواني الذكور، أما أنا شخصيتي تعتبر ضعيفة، خجول جداً، أو أخاف لأتفه الأسباب، لا أقوى على مواجهة المجتمع خصوصاً النساء، وكنت مدمنا على العادة السرية بكثرة في سن المراهقة أقلعت عنها تقريباً منذ 3 سنين وأصابني رهاب اجتماعي وخوف شديد، حيث كلما أرى في الشارع إحدى النساء يصيبني ارتباك ويتخيل لي وكأنها تسخر مني، أما الذكور إن ركز علي أحدهم النظر أشعر وأتوهم وكأنه يريد أن يمارس علي الجنس، حينها أصاب بالذعر والارتباك الشديدين والخجل ويحمر وجهي.

علماً أني لم أرضخ يوماً قط لتلك الوساوس الشيطانية وأني أمارس الحياة الجنسية بشكل طبيعي، وأشتهي النساء بشراهة حيث كل يوم أستيقظ من النوم وقضيبي جداً منتصب، إن تلك المخاوف هي عبارة عن أوهام ووساوس تؤرقني وتعذبني نفسياً لا أملك السيطرة، حيث تلاحقني حتى في النوم، أصبحت منطويا على نفسي مكتئبا، علماً بأني أقوم بواجباتي الدينية خير الأداء.

أفدني جزاك الله خيراً، هل يتوفر العلاج لمرضي هذا بصفة نهائية? وكيف ذلك؟

والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز/ منير حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً على سؤالك أيها الأخ الفاضل.

حين أتكلم عن الأمراض أو الظواهر النفسية بصفة عامة نتحدث عن أسباب مرسبة وأسباب مهيئة، والأسباب المرسبة تعتمد على شخصية الإنسان ومكوناته الوراثية والبايلوجية، أما الأسباب المهيئة فهي الظروف الحياتية، يرجح معظم العلماء الدور الأكبر للعوامل المرسبة، ومن هنا أرجو ألا تلصق بتفكيرك وذهنك أن الأسلوب التربوي الذي انتهجه والدك هو الذي أدى إلى ما تعاني منه من بعض العلل في نمط شخصيتك، أنا لا أنكر أنه ربما ذلك يكون عاملا ولكن يجب أن لا نعزي أو نرجع كل الصعوبات التي تواجهنا في حياتنا النفسية لغلظة أو شدة التربية، فقد رأينا الكثير من الناس الذين عاشوا حياة وتنشئة قمعية حقيقة وبالرغم من ذلك كانت صحتهم النفسية وحياتهم سوية جداً.

الجانب الآخر حتى لو سلمنا أن التنشئة وطريقة ومنهج والدك التربوي هو الذي أدى إلى ما حدث لك أرجو أن تكون أكثر تسامحا وأن تنظر إليه بنظرة الوالد الذي لم يرد بكم شرا ولكن ربما خانه المنهج والتعبير، ومن حقه عليك قطعاً أن تكون بارا به.

أنت محتاج لأن تكتسب المزيد من المهارات الاجتماعية وأن تكون لك الثقة في نفسك، أنت الحمد لله الآن رجل وتبلغ من العمر 29 عاماً، عليك أن تنطلق بقوة وأن تعتمد على نفسك وأن تتذكر دائماً أنك تعيش في عالم تنافسي، البقاء فيه لمن يستطيع أن يثابر وأن يجتهد وأن يقاتل في جميع الاتجاهات حتى يصل إلى ما يريده من خير لنفسه وللآخرين.

لاشك أن تعاني أيضاً من الرهاب ومن المخاوف وهذه أيضاً يستفيد الإنسان كثيراً إذا حاول أن يحسن من تواصله الاجتماعي بصورة مباشرة أو غير مباشرة، الصورة المباشرة أن تكثر من الزيارات والتواصل للأهل، والصورة غير المباشرة هي أن تمارس التمارين الرياضية الجماعية، وكذلك أن تحضر صلوات الجماعة، وأن تكون مواظباً على حلقات التلاوة فهي وسيلة فعالة من أجل رفع المهارات الاجتماعية التواصلية.

الجانب الآخر هو العلاج الدوائي، وتوجد الآن بفضل الله أدوية جيدة وفعالة وممتازة جداً لعلاج مثل الأعراض التي تعاني منها، والدواء الذي أود أن أصفه لك يعرف باسم زيروكسات، أرجو أن تبدأه بجرعة نصف حبةليلاً بعد الأكل وتستمر عليها لمدة أسبوعين، ثم ترفعها إلى حبة كاملة، وبعد أسبوعين أيضاً ترفع الجرعة إلى حبة ونصف، وبعد أن تكمل شهرين ترفع الجرعة إلى حبتين في اليوم، وتستمر عليها لمدة سبعة أشهر، ثم تخفضها بمعدل نصف حبة كل شهر، وبعدها يمكن أن تتوقف عن العلاج، وفي ذلك الوقت ستكون أعراضك خاصة المتعلقة بالخوف والرهاب والاكتئاب قد اختفت تماماً، وعليك المواصلة في اكتساب المهارات الاجتماعية وأن تكون أكثر ثقة في نفسك وأن لا تعيش في الماضي كثيراً، عليك أن تعيش حاضرك بكل قوة وأن تعيش مستقبلك بكل أمل، وأن تسعى حتى تصل إلى ذلك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً