الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النبي صلى الله عليه وسلم.. وفن التواصل مع المحيطين

السؤال

إنني بصدد كتابة رسالة ماجستير بعنوان مهارات الاتصال النبوي، وحتى أستطيع مباشرة الكتابة لابد لي من عملية حصر الموضوع وهذا يتأتى من خلال الفهرسة المسبقة أرجو أن تبعثوا لي باقتراح.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ زكي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنسْأل الله أن يقدّر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

فهنيئاً لك بُحسن الاختيار لهذا الموضوع، وما أحوجنا إلى تسليط الأضواء على جوانب الهدي النبوي، حتى نقدم للدنيا صور الإعجاز في حياته وسيرته صلى الله عليه وسلم، والمتبع لسيرة هذا النبي يمتلئ بالعجب وحين يقف على تلك الكنوز العظيمة.

والمهارة هي إتقان أداء فعل أو عملٍ ما على أكمل صورة، والاتصال هو تلك العملية التي يتم بها انتقال المعرفة من شخص لآخر وتؤدي إلى التفاهم، ولأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش وحده، فلابد من وسائل لهذا التواصل، وقد بدأ التفاهم بالإشارة والخط على الرمل حتى قطع ووصل الإنسان للكتابة فأصبحت من وسائل التفاهم، ثم تطور هذا الفن حتى أصبح في زمننا تخصصاً له أهميته وله ضوابطه ووسائله وخطورته.

وطرائق الاتصال بفروعها، مثل الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة، تحتاج معها إلى مواهب ومكتسبات، وقد استخدم القرآن الكثير من المؤثرات والوسائل الموصلة، وكذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد استخدم النبي صلى الله عليه وسلم اللغة في التواصل، فقد أوتي جوامع الكلم، وكان يقول (وإن من البيان لسحراً) وربما كلّم بعض الناس بلهجاتهم، ورفع الصوت مع الأعرابي، واستخدم عليه الصلاة والسلام أسلوب الحوار، وهو من أنجح وسائل الاتصال، واستخدم الحركات المفهمة والإشارات الموضحة للمعاني، فقال: (بُعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بإصبعيه) وقال صلى الله عليه وسلم: (فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج هكذا وحلق بين أصابعه).

واستخدم أسلوب التواصل الجسدي، فعلّم ابن مسعود التشهد وكفه بين يدي رسول الله، وشبك يده في يد أُبي بن كعب رضي الله عنه، وقال: ألا أعلمك سورة ما أُنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها، فقال : (الحمد لله رب العالمين ..)، واستخدم أسلوب الاستفهام فقال: (أتدرون من المفلس .. ..) واستخدم وسائل الإيضاح فرسم خطاً، ورسم بجواره خطوطاً، وقال : هذا صراط الله وهذه السُبل .

واستخدم المواقف المؤثرة في التعليم وإيصال المعاني في قصة المرأة التي وجدت صبيها في السبي، فجعلها فرصة للتذكير برحمة الله.

واستخدم نبرات الصوت، وذلك في قوله: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت، وعرف الصحابة الغضب من قطعة الدم وهي تتحرك في وجنتيه، وقرأ الصحابة الرضا في إشراق وجهه، وعرفوا عدم الرضا من سكوته، واستخدم الأبعاد النفسية في الاتصال والتواصل فأمر ببعث الهدي عندما أرسلت قريش مفاوضاً يعظّم الشعائر.

واستخدم الثقافة الواسعة في التواصل والتأثير فقال لعدي بن حاتم: (أنا أعلم بدينك منك) وهذا يدل على فهم الآخرين وقدرته صلى الله عليه وسلم على التفاهم معهم.

وكان إشراق وجهه وحُسن هيئته صلى الله عليه وسلم من أهم وسائل التواصل، وكان يجبر من يراه على حبه وتصديقه كما قال الأعرابي الذي رآه: (هذا ليس بوجه كذاب).

واستخدم الابتسامة والملاطفة كما قال جرير بن عبد الله: (ما رآني رسول الله إلا تبسم).

واستخدم حسن الإصغاء والاستماع كما فعل مع عيينة بن ربيعة، فما كان يُقاطع من يحادثه.

وكان سريع التذكر دقيق الملاحظة، يلمس الجوانب الإيجابية، ولذلك قال لأشج عبد قيس لما تأخر عن الوفد: (إن فيك خصلتين يحبهما الله: الرفق والأناة) ومع هذا كله فقد كان مرناً لطيفاً لا ينزع يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزع، ولا يصرف وجهه حتى يكون الرجل هو الذي يصرف.

وانعكس كل ذلك على أصحابه، فعظمت في نفوسهم مشاعر الانتماء والمحبة والتواصل والشعور بالرضا والسعادة.

وقد قيل: (عقول الناس مدونة في أطراف أقلامهم) والكلام أيضاً هو صفة المتكلم، وهو أوسع طرق الاتصال، والمرء مخبوءٌ تحت لسانه، وأحسن من قال: (تكلم حتى نعرفك) ولذا كان لابد من مراعاة المستمع، وإدراك مستواه وميوله وعناصر التأثير في نفسه، وقيل لابد من اهتمام المتكلم بمظهره؛ لأن العين قبل الاختبار، والاهتمام بوضوح الصوت وتناسق النبرات وانتظام الإشارات، مع الحرص على قلتها، مع ضرورة الاهتمام بمناسبة الكلام لطبيعة العالم، وتجنب تنافر الحروف وغرابة الكلمات، والابتعاد عن التكرار والتطويل، وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك ولا عجب، فقد أوتي جوامع الكلم وأسلمت له البلاغة قيادها والفصاحة عنانها، وكان يجمع المعاني الكبيرة في الكلمات الموجزة اليسيرة.

وإذا أصلح الإنسان ما بينه وبين الله، وعمّق صلته بخالقه كتب الله له القبول عند الناس، ودخل كلامه إلى نفوسهم دون استئذان، ولذا فإن التوجه إلى الله هو رأس كل نجاح وعنوان كل فلاح، ونسأل الله أن يكتب لك التوفيق والسداد.

وأرجو أن تستفيد من النقاط التي ذكرت وتجعلها كعناصر في بحثك.


والله الموفق,,,



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً