الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأبناء وطريقة التعامل معهم

السؤال

إخوتي في الدين والإيمان، لقد ترددت كثيراً قبل الكتابة لكم، ولكن لم أجد من معين لي في مشكلتي هذه سواكم.

أما مشكلتي فهي أننا من أسرة عربية مسلمة تعيش في ألمانيا منذ عشرين عاماً، ولنا ابنتان وولد (19 ـ 17 ـ 9 سنوات)، والمشكلة هي مع ابنتي الكبيرة حيث أن القوانين الاجتماعية في ألمانيا تعطي للأشخاص الراشدين حرية التصرف والاختيار كيفما يشاؤون، ولا يحق للأهل التدخل في حياتهم.

مع العلم بأن زوجتي وأنا لم نقصر معهم من ناحية التوجيه والنصح، ونحاول دوماً بقدر المستطاع أن نوفق بين ما يتعلمونه من المدرسة والأصدقاء وبين عاداتنا وتقاليدنا الإسلامية، وفي الفترة الأخيرة تركت ابنتنا الكبرى البيت دون أي سبب سوى أنها تريد أن تستقل بنفسها.

مع العلم أنها في أفضل المدارس، وهي من المتفوقات، وأنا وزوجتي لم نقصر في توجيه النصح والإرشاد لها، ومع أنه لا توجد أية مشاكل عائلية عندنا (والحمد لله) فزوجتي ربة منزل - متعلمة - وأنا موظف في إحدى الشركات، والمشكلة هي في عدم تمكننا من فعل أي شيء بسبب القوانين السابقة الذكر، ومع ذلك لم نقاطع ابنتنا، ولازالت تزورنا من وقت لآخر ونقدم لها كل ما تحتاجه من مساعدة، ولقد سألناها عدة مرات: لماذا فعلت ذلك؟ فيكون ردها أنني أصبحت كبيرة، وأريد أن أستقل بذاتي، دون إعطاء أي مبرر آخر، وهذا ما دفعنا للكتابة إليكم فنحن في حيرة من أمرنا، فإن تركناها ربما قد تقع فريسة سهلة لما هو أفظع من ذلك (لاسمح الله)، وإذا قبلنا بالأمر الواقع نكون قد أغضبنا الله وخالفنا تعاليمنا الإسلامية؛ لذا أرجو منكم المساعدة في إيجاد الحل المناسب لمشكلتنا هذه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نبيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يُصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يرد هذه الفتاة إلى رشدها وصوابها، وأن يُعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته..

فإن طائفة من إخواننا يدفعون ثمن بقائهم بين أظهر المشركين؛ لأن الإنسان اجتماعي بطبعه يتأثر بمن حوله وما حوله، خاصةً إذا كان في مرحلتي الطفولة والمراهقة؛ حيث الأثر الكبير لمجموعة الرفاق، والفوران الشديد للشهوات، والرغبة في العناد والمخالفة عند مرحلة البلوغ والمراهقة.

وأرجو أن تكونوا قريبين من هذه الفتاة؛ فإن البنت في هذه السن تشعر بأمرين متناقضين، فتارة تشعر بأنها امرأة يحقُّ لها أن تتصرف وتخالف وتصادق من تشاء، ولا يجوز لأحد أن يتدخل في شؤونها، وأحياناً تشعر بأنها مثل الطفلة تحتاج لعطف أبويها، وهذا هو الجانب الذي أرجو أن تتخذوه مدخلاً إلى قلبها، والصواب أن تتخذوا أسلوب الحوار أيضاً؛ لأنه يحفظ لها شخصيتها ويوصلها إلى الصواب بهدوء، كما أرجو أن تُشعروها بحاجتكم إلى وجودها معكم.

وإذا قام الوالدان بدورهما كاملاً فإنهما لا يُلامان، وإنما اللوم والعتب على المقصرين، وعليكما بالاستمرار في المحاولات، واتخاذ الأسباب والوسائل التي تعين الأبناء على الخير، ثم التوكل على الهادي سبحانه، ورفع أكف الضراعة إليه، فإن (القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء).

ومما يُعين على تجاوز هذه الأزمة ما يلي:

1- كثرة اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.

2- الحرص على طاعة الله وتقواه، وطلب الرزق الحلال.

3- اختيار الأساليب المؤثرة والكلمات اللطيفة المعبرة.

4- عدم توجيه النصائح إليها مباشرة؛ لأنها ترفض الوصاية.

5- احترام شخصيتها وعقلها، وعدم توجيه النقد إليها أمام الآخرين.

ولا داعي للتردد، فإن المسلم قويٌ -بعد توفيق الله- بمشورة إخوانه، ونحن في هذا الموقع في خدمة إخواننا، وهذا واجبٌ تمليه علينا هذه الشريعة العظيمة التي جعلت المسلمين كالجسد الواحد.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً