الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوج عقيم لا يسمح بتربية يتيم

السؤال

جزاكم الله خيراً، أرجو أن أجد عندكم الحل لمشكلتي.

أنا متزوجة منذ عامين وثلاثة أشهر، وأنا وزوجي تزوجنا عن حب، ولا يوجد عندنا أطفال، وذلك لأن زوجي لا ينجب، وحالته لا علاج لها أبداً أبداً، حيث أننا لم نترك مستشفى ولا استشارة إلا وكان الرد أنه لا أمل أبداً.

فكرت ملياً وقررت عدم ترك زوجي ووجدت حلاً، وهو أن أكفل رضيعا يتيما يعوضني عن الابن ويملأ علي عاطفة الأمومة، المشكلة أن زوجي كان موافقا على الفكرة ولكنه رفض بعد ذلك، والآن هو يتهرب من هذه الفكرة.

أنا لن أستطيع العيش بدون طفل، وفي آخر نقاش لنا بالموضوع خيرته إما أن نكفل يتيما أو نترك بعضنا، وعلى أساس آخر وعد له أنه خلال سنتين سنقوم بهذه الخطوة، ولقد قلت له ما تعني كفالة اليتيم في الإسلام، وأن هذا الطفل سيكون المنقذ لنا وسيملأ حياتنا الفرحة والسعادة، ولكني أشعر أنه لا يفهمني.

المشكلة الأكبر الآن أني لا أشعر بحبه لي ولا بعطفه، وأحياناً أشعر أني أنا الرجل وهو المرأة لأني أنا التي أهتم به وأراعيه وأسايره وأداريه، هو لا يشعرني أني أنثى تحتاج لرجل كسند لها؛ لذلك أنا مصرة على الولد وذلك لأني أعلم أن زوجي ليس بالكفء ليكون سندا لي بكبري وعجزي.

أنا تعبانة ومثقلة بالهموم والتعب النفسي، وهو لا يحاول أن يهتم بي ويرعاني ويحس بما يدور بداخلي، ولقد وصلت المشاكل بيننا لحد الطلاق ولكني كنت أنا التي أهدئ الموضوع مع أنه يجب أن يتمسك هو بي لأني أمله الوحيد بدوني سيبقى وحيداً، لا أردي كيف يفكر! حاولت التحدث معه مراراً وتكرارا، وكوني خريجة أدب إنجليزي ومثقفة ولي اطلاعات على كتب علم النفس، وحاولت معه كل السبل والطرق، حتى إني لجأت لدكتورة نفسية لمساعدتنا، ولكنه رفض ذلك.

هو الآن يغلق كل الأبواب أمامي، يجب أن يصحو لحاله ويحاول أن يصلح حاله، ولكن للأسف يعتقد أن الرجولة هي السيطرة والتحكم، وأن كلمته إذا مشت بالبيت فمعنى هذا أنه رجل، أنا لا أريد أن أصغر من زوجي ولكن هذه المشكلة، أشعر أني سأتركه يوماً ما بسبب طباعه وتعامله وليس بسبب إنجاب الأولاد، لا يحاول أن يعوضني النقص الذي سأعيشه معه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نسأل الله العظيم أن يهيئ لكما من أمركما رشداً، وأن يجعل لكما مما أنتم فيه فرجاً ومخرجاً، وأن يصلح الأحوال ويبارك في الآجال.

إن نعم الله مقسّمةٌ بين عباده، والسعيد هو الذي يعرف مقدار ما عنده من نعم وما يتقلب فيه من منن ليؤدي شكرها، وبالشكر ينال المزيد ويحفظ النعم من الزوال، وعندما يتأمل الإنسان في أحوال الناس يجد أن هذا أُعطي مالاً، وذاك أُعطي عافية، وهذا أعطي عقلاً راجحاً وحُرم المال والعافية، ومن الناس من يُعطى المال والعافية والعقل ويحرم الولد، فسبحان من (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا) [الشورى:49-50].

إذا فعل الإنسان السبب، ودخل على زوجته ولم ينجب، فعليه أن يبحث عن العلاج، ثم يتوكل على الكريم الوهاب، ولا يأخذ كلام الأطباء كأنه من آي الكتاب، فكم من مريض حددوا له لحظة الموت وعاش سنوات! وكم من صاحب عافية زارهم فرجع بصنوف العلل والأمراض! فلما ذهب إلى غيرهم وجد أن ذلك محض اتهام، ولذلك فإن المسلم يلجأ إلى من وهب العجوز العقيم، فسبحان من يُخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، فأكثروا من الدعاء والتوجه إلى من يجيب المضطر ويكشف السوء، واجتهدوا في الاستغفار؛ فإن الله يقول في كتابه: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) [نوح:10-12].

احرصوا على مساعدة المحتاجين، والسعي في حوائج المعدمين، وعليكم باللجوء إلى الله، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي، وتجنب السخرية والشماتة بالناس، والإكثار من الصدقات وأعمال البر، فإنه من يسَّر على معسر يسَّر الله عليه.

وأرجو أن تحترمي مشاعره، فلا تكثري من الكلام عن موضوع الأولاد والإنجاب؛ لأن هذا يؤثر على نفسيته، وينعكس على تصرفاته، وننصحك بالصبر؛ لأنكم في بداية الحياة الزوجية، وهذه الأشياء قد تحتاج لبعض الوقت، وحتى إذا حصل الفراق والطلاق فلابد أن يكون بالتي هي أحسن وبدون مشاكل، كما قال تعالى: ( فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) [البقرة:229]، فهو فراق لا تعقبه فضائح ولا شتائم وقطيعة.

إذا رفض فكرة الكفالة، فالأفضل هو كفالة الأيتام عن طريق البعد؛ لأن وجود طفل في البيت قد يكون سبباً في تجدد جراحه وآلامه، كما أن هذا اليتيم سوف يكبر ويصبح رجلاً فكيف سيكون تعاملك معه ودخوله عليك بعد كبره؟

إذا كان يرغب في التمسك بك فعليك بمبادلته المشاعر الطيبة، واستخدام الأساليب اللطيفة في محاورته، وذلك لأنه أيضاً يواجه ضغوط نفسية أكبر وأكبر، وكلامك عن الأطباء النفسيين وكثرة الطرق على قضية عدم وجود أولاد وخوفك من المستقبل كل ذلك يضايقه، وتذكري أن الإنسان قد ينجب أولاد ويندم عليهم، وقد يأتي بأولاد ولا يستفيد منهم عند ضعفه، وقد يأتي بولد يذيق والديه الشرور ويرهقهما طغياناً وكفراً.

عليك أن تغيري طريقتك في التعامل، وسوف تشعرين بإذن الله بنتائج طيبة ومعاملة حسنة، وسوف يعود الحب الذي ذهب مع كثرة المشاكل، وتذكري أن الأمر ليس بيده ولكن الأمر بيد الله، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته واللجوء إليه.

وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً