الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشخصية المحطمة

السؤال

السلام علكيم.
أنا في 16 سنة من عمري، كتبت لكم كثيراً قبل هذه المرة وأشكركم على اهتمامكم وجدكم وردكم على استشاراتي.

أنا شاب مدمر الشخصية، عشت طفولة لا أظن أبداً أنها سعيدة، مررت فيها بمشاكل لا أسوء منها، عشت حياة لا يمكن لأي كان أن يعيشها، حياة جحيمية بالفعل، أفراد عائلتي لا يعرفون معنى العائلة أبداً، رأيت منهم أموراً لا يمكن أن تصدر عن إخوة.

لن أروي لكم كل حكايتي لأنني سأحتاج لأشهر أمام الحاسوب لأكتبها لكم، وبالمختصر المفيد أنا شخص محطم الشخصية تماماً، لا شخصية لي، حتى أحياناً أشعر أنني لست إنسانا، أرجو أن تساعدوني على إعادة بناء نفسي ومهارات شخصيتي لأنني لم أعد أحتمل ما يجري لي نهائياً.

وأريد أن أعلمكم أنه لا شيء عادي في نفسي، لا شيء، لا شيء، لا شيء نهائياً، لا شيء عادي! وأرجو أن تجيبوني باهتمام، وأن تساعدني أجوبتكم، وأريد أن أقدم لكم في الأخير اقتراحا بزيادة مساحة ورقة إجابتكم على الأسئلة لأنني لاحظت أنها محددة ومحدودة جداً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مراد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أبدأ بما انتهت به رسالتك، فأقول: نعم في الكثير من الحالات تكون إجاباتنا مختصرة؛ لأننا لا نعتمد إلا على الدلائل العلمية الموثقة، وكل المعلومات التي نفضي بها للناس نود أن تكون ذات جدوى ومنفعة لهم، وقائمة على الأساس العلمي، ويمكن أن يكون هنالك بعض الاسترسال في بعض الحالات التي تتطلب ذلك، ولكن لا نعتقد أن الإكثار أو التطويل سيكون مفيداً للناس .

بالنسبة لحالتك، لا توجد وصفة طبية يمكن أن تغير مما أنت عليه، ولكن وباختصار شديد: أرجو أن لا تعيش السلبية المطلقة في ماضيك، وأن لا تجد لنفسك التبرير بأنك عشت حياةً غير سعيدة في طفولتك، وتبني حاضرك ومستقبلك على ذلك، فالماضي تجارب، وفي كثير من الأحيان لا دخل للشخص به مطلقاً، ولا يعتبر الماضي السيئ كله سلبية، فالسلبية يمكن أن يحولها الإنسان إلى إيجابية إذا اتعظ منها .

الشيء الآخر: إذا عاش الإنسان حاضره بقوة ودون تكاسل، واعتماد على الذات، وتحديد جدول أسبقياته، ومعرفة كيفية إدارة الزمن، والتزم بدينه وعقيدته، وكان واضحاً فيما يريد أن يفعل، لا شك أن هذا الإنسان سوف ينجح ويعيش حياة معقولة جداً، وهذه هي نصيحتي لك.

أما الرؤية للمستقبل، فنحن مطالبون أيضاً بأن نعيشها بأمل ورجاء، ونسعى لذلك، وإذا رأى الإنسان أن مشاكل الحياة تحاصره، فلا أقول أنه يمكن أن يعيش اللحظة، ولكن يجب أن يأخذ الأمور بالتدرج، أو كما تأتي يوم بيوم كما يقولون.

المهارات الشخصية تُبنى أيضاً بالتدرج، والمهارات الشخصية تأتي دائماً وتُكتسب عن طريق الأفعال، ومن الأفضل لك أن تحدد هدفاً ولو بسيطاً، وتحتم على نفسك أنك سوف تنجزه في زمنٍ معين، لا تحيد عن هذا الزمن مطلقاً زيادةً أو نقصاناً .

وضع البرامج اليومة كتابةً سيكون أيضاً مفيد لك، بمعنى أن أحدد لكل فعل وقته في اليوم، وأن ألتزم بذلك .

أيضاً: التواصل مع الآخرين، والإقدام على فعل الخير، وأن تنظر إلى نفسك أنك يد عليا، هذا سوف يساعدك أيضاً.

الانضمام للجماعات والجمعيات والنشاطات والأندية التي بها النشاطات المفيدة، تظهر خبرات الإنسان وتحسن من مهاراته.

أرجو أن أنبه إلى حقيقة مهمة أن معظم الإخوة والأخوات الذين يعتقدون أن لديهم مشكلة في المهارات والثقة بالذات يعرفون كيفية تحسين أوضاعهم من ناحية المهارة، ولكن ربما تكون الإرادة والدافعية لديهم أضعف، فأرجو أن تحسن أيضاً من ذلك، وأنا على ثقة إن شاء الله أنك بنظرة تفاؤلية وتطبيق عملي وعدم مساومةٍ مع النفس، ورفع الهمة، سوف تحقق ما تصبو إليه إن شاء الله.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً