الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي طلبت الطلاق لأني تزوجت بأخرى.

السؤال

أنا شاب متدين تزوجت بامرأة متدينة، وعشت معها قرابة 13 سنة، ورزقت منها بخمسة أبناء، وقد تزوجت بامرأة ثانية، وزوجتي لا تعلم، وبعدما علمت أخذت نفسها وذهبت بيت أهلها طالبةً الطلاق، وإن رفضتُ فالخلع، وحجتها بأن غيرتها شديدة ولا تستطيع أن تعيش مع رجل مع امرأة ثانية خشية أن تخطئ على الثانية أو أن تقصر في حق الزوج أو تغلط عليه جراء الغيرة!

وقد تركت عندي أبنائي وأخذت معها طفلة رضيعة عمرها ثلاثة أشهر، وقد أخذت أبنائي واحتويتهم وبينت لهم المشكلة، وهم الآن يعيشون معي براحة واستقرار، وقد أخبرت زوجتي الثانية بالذي حصل، فرحبت بأبنائي وقالت: أنا أربيهم لك، وحيث أنها لم تحمل بعد، وقالت: هم في عيني حتى تعود أمهم ولو طالت المدة، أهم شيء راحتك النفسية يا أبا محمد.. إلخ.

وسؤالي: هل أطلق زوجتي بناءً على طلبها ولها الآن قرابة الشهر في بيت أهلها أم أحسن لها وأصرف عليها وعلى ابنتها حتى يفرجها الله من عنده؟

السؤال الثاني: هل لزوجتي طلب الطلاق في مثل هذه الحالات؟ وهل ما تفعله صحيح؟ مع العلم أني أكن لها من المحبة والميل الشيء الكثير وهي كذلك، ومعاشرتي معها كانت بالمعروف فلم أكن لعاناً ولا ضراباً ولا سباباً ولا بخيلاً ولله الحمد والفضل والمنة، العيب الذي أعترف به بأني قد انشغلت بعملي كطبيعته (احتساب) عن التواجد المستمر لأبنائي، فانشغلت زوجتي بتعليمهم ومراجعة دروسهم وحفظهم للقرآن.

مع العلم بأني قد وفرت جميع متطلبات الحياة من سائق للأبناء وخادمة في البيت حتى تقضي عن زوجتي أمور المنزل، فكانت حجة زوجتي علي بأنها لا تراني دائماً وتحملت مسئولية التربية وبعد كل هذا الوفاء أتزوج عليها! فذهبت لبيت أبيها، فأرجو إرشادي للرأي الصواب: هل أصبر وأحسن لزوجتي وأدعو الله أن يخفف من غيرتها الزائدة ؟ أم أطلقها بناءً على طلبها وإكراماً لها كما تقول هي؟


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله أن يعيننا وإياكم لما فيه خيري الدنيا والآخرة .

أخي! الحمد لله أنت في هيئةٍ أعضاؤها جميعهم على درجةٍ من العلم والمعرفة، وهذا سيوفر علينا الحديث عن كثيرٍ من الجوانب.

أستطيع أن أقول أنك تعرف أن المرأة العربية لها غيرةٌ شديدة على زوجها، ولذا فعند إقدام الزوج على الزواج يكون الأمر أكثر صعوبة وشدة عليها، وتصل بعض النساء إلى ارتكاب الجرائم إما مع نفسها أو مع زوجها، لذا فلا تستغرب من ردة الفعل، ففي هذه المرحلة هي تفعل كل شيء وأهون ما تفعله أن تطلب الفراق وتبتعد عن زوجها.

ولكن أثبتت التجارب أن أنجع علاج هو علاج الزمن، فالزمن كفيلٌ بأن ترجع لرشدها، وتحكم عقلها، وتتحدث مع نفسها، والزمن كفيلٌ بإقناعها، ولن يستطيع أحد أن يقنعها بالرجوع لبيتها لا أنت ولا والدها ولا أهلها، ولكن أرى أن تتركها عند أهلها، وزرها باستمرار، وإن رفضت فقم بواجب الإنفاق عليها وصلتها من غير انقطاع.

وتحيَّن الفرص أن تجلس معها، وتتحدث حول الزواج وسيرة السلف الصالح، وموقف الصحابيات وأمهات المؤمنين، ثم طمأنها بأن حقها لن ينقص، وسوف تعدّ لها منزلاً منفصلاً، وتقوم بكامل واجبك تجاهلها.

ثم كاتبها برسالةٍ مطولة، وسلمها لها، فإن استعدادها للقراءة منفردة سيكون أكثر استجابة من حديثك معها، ثم أرسل لها من أهلها من يتحدث معها حول الموضوع، فمجموع هذه الجهود ومع مرور الزمن ستهز موقفها وقناعتها وتجعلها تتراجع رويداً رويداً، ولكن الأهم في هذا العلاج هو الصبر على أقوالها وأفعالها مهما تصرفت، كما أرجو ألا تتعامل معها بردة الفعل، فإن أساءت فأحسن إليها؛ لأنها في حالة نفسية سيئة، وإن قطعتك فصلها، ثم تعمد أن يصلها أولادها، لكن يكونوا معك حتى تشتاق لهم ويكون هذا جزءاً من العلاج.

ومع كل ما سبق لا تنس أن تبتهل إلى الله تعالى في السحر أن يصلح حالها، فالدعاء سلاح المؤمن.

نسأل الله أن يعينك على ما فيه الخير والرضا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً