الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية خدمة المسلم لنفسه ولأمته

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الثقلين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتوجه لكم بجزيل الشكر على ما تبذلون من جهود عظيمة لمساعدة إخوانكم في الله في كل مكان، وبعد:

فأيها الأحبة والأساتذة الكرام! لا أدري من أين أبدأ فأنا في فوضي فكرية، أقصد في التفكير؛ لأن حياتي في فوضى عارمة، وأريد ترتيبها وتحسينها للأفضل، وهنا تأتي (ولكن)، لكن وما وراءها وما تحتها وما فيها من آلام سببها عدم تحقق الآمال، وهاهو العمر يمضي والأيام والليالي تكر وتفر، وكأني بل إنني في دوامة لا أكاد أفيق منها! وكلما مر الوقت ومضى الزمن أزداد حيرة وقلقاً وخوفاً من المجهول!

أنا في الرابعة والثلاثين من عمري، لا أملك من متاع الدنيا أو حطامها شيئاً، لا المتاع المادي ولا المتاع المعنوي، لا مؤهلات ولا مال وإخوان ينفعون في نوائب الدهر، الكل من حولي عاجزون، والجميع بشؤونهم الخاصة مشغولون، وأنا بصراحة شديدة أعيش في بلد الطغيان والاستبداد، أغلق علينا كل منافذ الأمل، وصرت أشعر بخوف شديد من بقاء حالي على ما هو عليه.

لقد كنت وأنا في نعومة أظفاري أهتم بأمر المسلمين وقضايا الإسلام، وأفرح بكل خير يصيبه المسلمون في أي مكان وأحزن لمآسيهم، ولكن اليوم أصبحت لا يهمني إلا أمر نفسي، وأنا في أشد الحزن لهذا الحال الذي وصلت إليه، كنت أظن أنني سأنفع الإسلام والمسلمين، وإذا بي لا أنفع حتى نفسي، وأسأل نفسي هل أضيع وأنا بين قوم يوحدون الله ويتصلون بالله كل يوم خمس مرات؟! ويقفز في عقلي وقلبي سؤال معاكس: لماذا عجزت أنا عن تقديم شيء لديني وأمتي؟!

والسؤال الآن: هل العيب فيّ أنا أم العيب في الظروف التي أعيشها؟ والسؤال الآخر: كيف أخرج مما أنا غارق فيه من الضياع؟ هل أستطيع ذلك وحدي أم أحتاج إلى مساعدة الآخرين؟ وأعتذر بشدة على هذه الرسالة المليئة بالإحباط، ولكن أيضاً نفسي يغمرها الأمل وبين جوانحي لازال يسكن الحب لكل الناس، وأنا لا ألوم أحداً، ولكن أريد فعلاً الخلاص والانطلاق لأكون مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.

فهنيئاً لك بنفس تغمرها الأمل ويسكنها الحب للناس، والمؤمن لا ييأس؛ لأنه يوقن أن الأمور بيد الله، وأن عليه أن يسعى وليس من واجبه أن يُدرك النجاح، ولكنه لا يستسلم للفشل وإن تكرر؛ لأن الفشل عقبة تخطاها الكثيرون بتوفيق الله أولاً ثم بعزائمٍ لا تعرف الكلل والملل، وأنت الآن في عمر العطاء، وأرجوا أن تبدأ بإصلاح ما بينك وبين الله، وسوف يُصلحُ الله ما بينك وبين الناس.

والمسلم لا يستسلم للظروف مهما كانت قاسية، ولكنه يعمل حسب قدرته واستطاعته، (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ))[البقرة:286].

وإذا كنت ملتزماً بالطاعات فلست في ضياع، ولكننا ندعوك إلى الاجتهاد في العبادة والطاعة، والحرص على مساعدة من يحتاج للمساعدة، ومن كان في حاجة الناس كان الله في حاجته، فحطم هذه الأسوار الوهمية، وابدأ بعملٍ إيجابي ولو بإماطة الأذى عن الطريق أو بمساعدة الضعيف، فإن لم تجد فكفَّ أذاك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك، وأرجو أن تتأكد أنك تستطيع أن تفعل الكثير، فإن الكثير من الناجحين في حياتهم نهضوا من عثراتهم واستقبلوا المجد بعزمٍ جديد وبثقة في الله المجيد، ولابد لمن أراد العسل أن يذوق لذعة النحل، فلابد دون الشهد من إبر النحل.

وفقك الله لكل خير.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً