الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوفي من المصائب والفضائح الوهمية جعل حياتي بلا قيمة.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر جزيل الشكر العاملين على هذا الموقع، حيث أني دائما أقرأ جميع الاستشارات هنا، وتريح قلبي جدا.

عمري 23 سنة، أدرس في الخارج منذ أربع سنوات، وأعيش حياة جيدة، لكني أشعر بالخوف من اليوم التالي كلما خرجت مع أصدقائي أو احتفلت معهم، أخاف أن يكون في اليوم التالي مصيبة أو فضيحة، مثلا أخاف أن يصورني أحد، أشعر أن هناك من يكيد لي، علما أني لا أفعل شيئا خاطئا، وليس لدي أعداء، فأنا شخصية صريحة وغير متلونة، لكن مع هذا أحس بهذا الإحساس الغريب.

أحس أنني لن أستطيع إكمال حياة طبيعية، فسوف تقع لي مصيبة في يوم من الأيام تدمر كل حياتي، هذا الوسواس يرافقني منذ ثلاث سنوات، ولم أعد أستحمل، لدرجة أصبت بالرهاب الاجتماعي، وابتعدت تماما عن المناسبات الاجتماعية، وصرت أخشى من القيام بأي عمل خوفا أن تتبعه مصيبة تنهي حياتي.

قرأت في الإنترنت كثيرا، وجربت كل شيء، ولا زلت كل يوم أسوأ من الذي قبله، أرجو المساعدة، فقد تعبت، وأصبحت أفكر بأن أؤذي نفسي، وأصبح الموضوع يؤثر على دراستي ونفسيتي وعلاقاتي مع أصدقائي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عليه حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

ما تحدثت عنه هو فكر نمطي وسواسي، والوسواس يؤثر على الإنسان أو مشاعر الإنسان من خلال محتواه، محتوى وساوسك بالفعل تشاؤمي، وهذا هو الذي يجعلك تحس بشيء من الكدر وعدم الطمأنينة، لكن أؤكد لك أن هذا سوف يزول تماماً، ولا أريدك أبداً أن تتوجس وتعتقد أنك تموت يومياً بداخلك، الحياة طيبة وأنت -الحمد لله تعالى- مرتاح من الناحية الاجتماعية، وقطعاً دافعيتك نحو الدراسة ممتازة، ذكرت أنك قد قرأت الكثير في الإنترنت، وجربت كل شيء، ولا زال يومك أسوأ من قبله، أنت محتاج لعلاج دوائي هذا يجب أن أؤكده لك، الفكر الوسواسي من هذا النوع يستجيب بصورة ممتازة للعلاج الدوائي، فإن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمر جيد، وإن لم تستطع في البلد الذي تعيش فيه، فأنا يمكن أن أصف لك أدوية سليمة وفاعلة، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

عقار بروزاك والذي يسمى فلوكستين دواء جيد، وإن كان بطيء الفاعلية نسبياً، لكنه سليم وفاعل ولا يزيد الوزن، ولا يؤدي إلى النعاس ولا يسبب الإدمان، والحصول عليه سهل جداً من الصيدليات لأنه دواء متوفر في كل الدول تقريباً، ولا يحتاج إلى وصفه في معظم الدول، تبدأ البروزاك بجرعة 20 مليجراما يومياً، يفضل أن تتناوله بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين وهي الجرعة التمهيدية، بعد ذلك اجعل الجرعة كبسولتين في اليوم، أي 40 مليجراما، وهذه الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، بعد ذلك اجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة 6 أشهر، وهذه الجرعة الوقائية والمدة ليست طويلة أبداً، لأن الوساوس تحتاج حقيقة لمدة زمنية تزيد عن الـ 6 أشهر لعلاجها، بعد انقضاء 6 أشهر اجعل الجرعة كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول البروزاك، يستحسن أيضاً أن تضيف له عقار تدعيمي آخر يسمى رسبيريادون تتناوله بجرعة 1 مليجراما ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، هذا أيضاً دواء سليم ممتاز، هو في الأصل يستعمل للذهان، لكن بجرعات صغيرة وجدناه مفيدا جداً للقلق، ويدعم علاج الوسواس القهري خاصة وساوس الأفكار.

أخي: الانتظام على الدواء وتناول الجرعة بانضباط شديد وإكمال المدة العلاجية هي أهم أسرار فعالية ونجاح العلاج الدوائي، فأرجو -يا أخي الكريم- أن تلتزم بذلك، وتوجد أدوية أخرى كثيرة، لكن هذه هي الأدوية الأسهل والأفضل والأنفع -إن شاء الله تعالى-، وبعد ذلك احرص على التطبيقات السلوكية، وأهمها التحقير لهذه الأفكار، وعدم الخوض فيها أصلاً مع نفسك حين تبدأ في شكل خاطرة بسيطة أوقفها هنا، قل للفكرة أنت فكرة حقيرة لن أهتم بك أبداً، أنا بخير، وتذكر كل ما هو إيجابي، انقل نفسك من فكرة سلبية إلى فكرة إيجابية، ثم تدبر وتمعن في الفكرة الإيجابية، هذا علاج مهم جداً، أحسن إدارة وقتك، التواصل الاجتماعي المفيد، الصلاة في وقتها، الورد القرآني، والأذكار خاصة أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، كلها متطلبات حياتية ترتقي بصحة الإنسان، احرص على التحصيل العلمي الجيد حتى تكون من المتميزين، تفرح أنت ويفرح أهلك -إن شاء الله تعالى- بذلك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً