الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تربية أبنائي على دينهم يستحق أن أترك رفاهية كندا وتعليمها؟

السؤال

السلام عليكم.
لقد أقمت عدة سنوات في الغرب، في كندا تحديدا ثم خرجت منها قلقا من بعض الأمور -وإن كانت لها مميزات كثيرة- وأهمها: تأثر أبنائي الذين دون العاشرة بالبيئة المحيطة في المدرسة والجيران، فأصبحت اهتماماتهم كاهتمامات بيئتهم بمناسباتهم وهواياتهم ورغبة في تقليدهم، وتراجعت اللغة العربية عند أبنائي مع مرور الوقت، والقلق من مستقبل العائلة من ناحية ذوبانها في المجتمع وتشتتها خاصة في الجيل الثاني، فأحسست أن التماسك والوحدة بين أفراد الأسرة تحتاج إلى جهد كبير.

فقررت الإقامة في دول عربية حتى تترسخ لديهم المفاهيم ثم أعود إلى كندا حينما يبلغون سن الثانوية والجامعة، وقد لاحظت سهولة حفظهم للغة وتطويرها، ومتابعتهم للقرآن خاصة أنهم يدرسون في مدارس إسلامية، وأيضا وجود بيئة محيطة من الأصدقاء الذين يربون أبناءهم على الأخلاق والقيم.

أنا في حيرة من أمري، هل قرار عودتي المؤقتة كان صحيحا؟ رغم أني ضحيت بالكثير من الميزات الكندية لنفسي ولعائلتي، من ناحية النظافة العامة، الحقوق والحريات، والخدمات المميزة من تعليم وصحة ورفاهية للأبناء وغيرها، حتى إنهم يعطون الأولاد جرعات في الثقة بالنفس والصدق والأخلاق في التعامل، وبالمقابل فالدولة العربية التي أعيش فيها يكثر فيها الفساد والمحسوبيات والغش والكذب في التعامل، والصراعات الطائفية والمشاكل الأمنية والظلم والاضطهاد.

فهل ما ذكرته أعلاه من القلق في النقاط الثلاث واقعي أو مبالغ فيه؟ وأي الخيارين أفضل لديني ودنياي؟ هل أستطيع الجمع بين ميزات الخيارين وتجنب سلبياتهما؟

شكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فتفكيرك صائب وقرارك صحيح، فالعيش في المجتمع الغربي يؤثر على قيم وأخلاق ودين الناشئة، مهما حاول الآباء تدارك ذلك، وخاصة في فترات الطفولة والمراهقة.

صحيح انه يوجد لديهم مميزات وإيجابيات في الجوانب المادية ورفاهية الحياة وبعض الأخلاق العامة، لكنها بالمقارنة بما لديهم من انحراف في القيم والأخلاق والدين لا تساوي شيئا.

والمسلم العاقل يعتبر دينه وأخلاقه رأس ماله، وأولاده أمانة في عنقه خاصة في فترة ما قبل البلوغ، فيجب عليه أن يحافظ على دينه وأخلاقه ودين أولاده وأخلاقهم حتى لو خسر شيئا من متاع الحياة الدنيا من أجل ذلك!

كما أن انتقالك إلى بلد عربي للمحافظة على دين الأولاد وأخلاقهم ولغتهم وتربيتهم عليها حتى يكبروا ويستقيموا عليها أمر طيب وقرار حكيم.

ومع هذا قد تجد في بعض البلدان بعض السلبيات والمخالفات، لكن يمكن تجاوزها وعلاجها من خلال البحث عن محاضن آمنة لأولادك ورفقة صالحة لهم، مع اهتمامك بالمتابعة لهم وتوجيههم إلى الخير وإصلاح ما تأثروا به من البيئة المحيطة بهم.

ولا شك أن ما اخترته هو أفضل لدينك، وإن حصل فيه نقص في دنياك، فالدنيا تتعوض ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.

وفي حال كبر أولادك واستقام دينهم وقويت لغتهم وأمنت عليهم من الفتنة في بلاد الغرب، فبإمكانك الرجوع إليها مرة أخرى، ولو أمكن ترتيب أوضاعك المادية للاستقرار ببلد عربي أقل فسادا وأكثر صلاحا لحالك ولأولادك فهو الخيار الأمثل.

نسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى، ويصلح لك أولادك وييسر أمرك حيث كنت.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً