الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الرهاب الاجتماعي؟

السؤال

السلام عليكم.

بارك الله فيكم، ونفع بعلمكم، وجزاكم خيراً على ما تقدمونه من إفادة لعامة الناس.

أنا شاب عمري 23 عاماً، أدرس بالجامعة، أعاني من الرهاب الاجتماعي، أشعر بالخجل الشديد، واحمرار الوجه، والتعرق لدرجة لا تتصور, أخاف الدخول على جماعة من الناس في مكان ما أو اتحدث أمامهم، لدرجة أني أفضل عدم التحدت مع أحد أصدقائي داخل الفصل الدراسي، فأدخل وأحاول عدم جذب الانتباه؛ لأن تفكيري يوحي لي أن الجميع يراقبني.

أيضا إذا سألني أحد غريب عن غرض ما سواء كنا بالشارع أو داخل مكان مغلق أو وسط جماعة من الناس تأتيني فكرة بأن وجهي سوف يحمر، وفعلا أبدأ أشعر بأن وجهي أحمر، فأتمنى لو تنشق الأرض وتبتلعني.

بعض أصدقائي أصبحوا يحسون بمعاناتي فيشيحون بنظرهم عني عند الاحمرار، فمعظم المقربين مني يعلمون بشأن حالي هذا، وأنا لست منعزلا أو انفرادي، على العكس لدي أصدقاء كثيرون، ولكن تقع لي هذه الحالة مع الأشخاص الجدد.

كما أتجنب الذهاب لوحدي إلى أماكن بها أناس كثيرون، فهذه الأعراض كانت تأتيني منذ كنت أدرس بالإعدادي، أي قبل 9 سنوات من الآن، لكن بشكل طفيف، أما في الآونة الأخيرة ازداد الأمر، وللإشارة أنا الوحيد في العائلة الذي يحدث معي هكذا.

أيضاً أخاف أن أنظر إلى الناس عند الحديث معهم، لم أكن أعلم عن حالتي، ولم أكن أعلم عن شيء اسمه الرهاب الاجتماعي، كنت أظن أنني الوحيد الذي يشعر بهذه الحالة، وأن ليس لها علاج، إلى أن بحثت على النت وتعرفت على موقعكم الرائع، وقرأت استشارات الناس، ففرحت واطمأننت أني لست الوحيد.

من خلال متابعتي لاستشاراتكم وجدتكم تنصحون أغلب المرضى بعلاج seroxat (الزيروكسات)، ويبدو له أسماء أخرى كـ deroxat، وبحثت عن هذا العلاج في المنتديات، ووجدت أراء الذين استخدموه، وكيف أنه غير حياتهم، ولثقتي الكبيرة باستشاراتكم، فقد أعجبت بل وأحببت هذا الدواء، وذهبت إلى الصيدلية لأشتريه، ولكن تراجعت في اللحظة الأخيرة؛ لأنني لم أستشر طبيباً به، وخاصة أني قرأت عن بعض الإخوة أنه يسبب الزيادة في الوزن، والنعاس، أيضا يسبب الإدمان، أرجو منكم أن تقترحوا علي النوع الذي يلائم حالتي النفسية.

توجهت إليكم باستشارتي هذه طالباً من الله، ثم منكم النصح والتوجيه، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Chouaiib حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على كلماتك الطيبة في حق الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعًا.

أنت لديك درجة بسيطة جدًّا من الرهاب الاجتماعي، ليست درجة كبيرة، والذي يظهر لي أن خوفك خوفًا ظرفيًّا، أي في مواقف مُعيَّنة. احمرار الوجه والتعرّق: هذه ناتجة من زيادة نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي – أي جهاز السمبثاوي Sympathetic – وهذه عملية فسيولوجية بحتة، لكن الاحمرار الذي تُلاحظه على نفسك ليس بنفس الشدة التي تعتبرها، هنالك مبالغة دائمًا في المشاعر، هنالك بعض الشعيرات الدموية السطحية في الوجه، وحين ينشط الجهاز العصبي اللاإرادي من خلال زيادة إفراز مادة الأدرينالين – مثلاً – هنا يزداد تدفق الدم، ولذا يحصل إغمار للشعيرات الدموية السطحية، ومن ثم يحدث هذا الاحمرار، لكنه ليس بالشدة التي تتصورها. هذه نقطة.

النقطة الثانية: أنا أؤكد لك أنك لست مراقبًا من قِبل الآخرين، ولست مستهدفًا، ولن تفقد السيطرة في أي موقف اجتماعي، هذا أؤكده لك.

الأمر الآخر: تعلَّم فنّيات التخاطب الأساسية، والإنسان يجب أن يُراقب تعابير وجهه، ونبرة صوته، ولغة جسده. الوجه: اعلم أن تبسّمك في وجه أخيك صدقة. درِّب نفسك على هذا متى ما كان مناسبًا. نبرة الصوت: يجب أن تكون متوازنة، يسمعك من تُخاطبه، ويفهمك من تُحادثه بصورة جليَّة. لغة الجسد: إذا كنت من الذين يُحركون أيديهم عند مخاطبة الآخرين لا تُحرِّك يدًا واحدة، فيها شيء من الاستفزاز للطرف الآخر. استعمال اليدين دائمًا أفضل، لكن يجب أن يكون في حدود ما هو معقول.

أريدك أن تحرص على صلاة مع الجماعة، لأننا وجدناه من أفضل أنواع علاج الرهاب الاجتماعي، حيث هنالك تعريض، وتعريض إيجابي في مكان طيب وآمن، تحفك فيه الرحمة والملائكة، وتلتقي -إن شاء الله تعالى- بأفضل الناس وأفضل الشباب، مارس رياضة جماعية مثل كرة القدم مع مجموعة أيضًا من الصالحين من الشباب، هذا يجعلك تتعرَّض لمواقف اجتماعية اختلاطية فعالية وتفاعلية، وجدناها أيضًا تُعالج القلق والخوف الاجتماعي.

الالتزام بالواجبات الاجتماعية، أن تكون في مقدمة الناس، في زيارة المرضى، في الذهاب إلى الأعراس، حضور العزائم، المشي في الجنائز، تقديم واجبات العزاء ...، هذا كله يقوّي من مهاراتك الاجتماعية ويجعلك تتخلص ممَّا أنت فيه، وانضمامك لأي جمعية ثقافية اجتماعية لتحفيظ القرآن، هذا أيضًا يكثّف ويقوي من مهاراتك الاجتماعية.

أعتقد أننا أعطيناك إرشادات ممتازة وطيبة، وأرجو أن تأخذها منهجًا في الحياة، وسوف تعود عليك بخير عظيم. برَّ الوالدين يجب أن تعطيه أسبقية؛ لأنه يرتقي بالصحة النفسية عند الإنسان من جميع النواحي.

أمَّا بالنسبة للعلاج الدوائي فأقول لك: أبشر، نعم الزيروكسات من الأدوية الطيبة، ويُسمَّى علميًا (باروكستين)، ومن الأفضل تستعمل الزيروكسات CR، ابدأ بـ 12,5 مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم اجعلها 12,5 مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها 12,5 مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم 12,5مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء بالفعل في حوالي ثلاثين بالمائة من الناس ربما يؤدي إلى شراهة نحو الحلويات، وهذا قد يزيد الوزن، فإن حدث لك شيء من هذا أرجو أن تكون حريصًا ألَّا يزيد وزنك. ممارسة الرياضة مهمّة – كما نصحتك - . الدواء ليس إدماني، ليس تعودي أبدًا، فقط بالنسبة للمتزوجين عند المعاشرة الزوجية ربما يؤخّر الإنزال المنوي، لكنه لا يؤثّر على الذكورية عند الرجل أبدًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مجهول ام عون

    الاجابة كانت رائعة وأضيف انه لاضير من الذهاب لطبيب نفسي .سيساعدك كثيرا كثيرا وسعطيك اسس التخاطب وكيف تواجه المواقف.وستتعزز ثقتك بنفسك ...ستتغير حياتك ..اذهب لطبيب نفسي و ستكتشف مع العلاج ان المشكلة بسيطة جدا ..لا تهمل هذه الخطوة ..لانه امامك حياة ونجاحات يجب ان تحققها ...بالتوفيق بني ..

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً