الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلق وخوف من الموت أو المجهول!

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب أبلغ من العمر 30 عاماً، أشكو من عرضين، الأول نفسي، وهو أنه يوجد لدي قلق وخوف من الموت أو المجهول! أخاف أن أسافر لوحدي أو أن أمشي مكاناً لوحدي، أحس بكتمة نفس مع زيادة في دقات القلب، وانتفاخ البطن لدرجة أني لا أقدر أن أتنفس.


الشيء الثاني: أني لو آكلت أكلا قليلا أشبع وتنتفخ بطني، مع خروج غازات من الفم، واليوم استيقظت مع صداع وطنين، وزغللة في العيون ودوخة.

أفيدوني، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرجو أن تذهب وتقابل الطبيب - الطبيب العام أو طبيب الأسرة - ليقوم بفحصك وإجراء الفحوصات المختبرية الروتينية العمومية اللازمة، هذا يجعلك تطمئن.

أنا أرى أن أعراضك نفسية مائة بالمائة، لكن دائمًا نحرص على أن يفحص الناس أنفسهم عضويًّا أيضًا.

العرض الأول الذي تحدثت عنه مرتبط تمامًا بالعرض الثاني، فأنت لديك قلق المخاوف، وقلق المخاوف معروف أنه يؤدي إلى توترات عضلية، ومن العضلات التي تتأثر عضلات الجهاز الهضمي خاصة القولون، ولذا تظهر عندك هذه الأعراض، أعراض انتفاخ البطن وتراكم الغازات وخروجها من الفم.

أنصحك أيضًا ألَّا تتكلم في أثناء الأكل، امضغ الطعام جيدًا واحرص ألَّا تتكلّم، لأن الكلام مع الأكل يؤدي إلى ابتلاع الهواء ممَّا يكثر من الغازات.

الصداع والطنين، والزغللة في العيون، هذه كلها قد تكون أيضًا أعراضاً نفسوجسدية، لكن قطعًا حين تذهب إلى الطبيب يجب أن تذكر هذه الأعراض له، وإن كان هنالك أي التهاب في الجهاز الهضمي - أو شيء من هذا القبيل - سيخطرك به.

أحسن علاج لحالتك هذه النفسية والجسدية (النفسوجسدية) هي ممارسة الرياضة، رياضة المشي، رياضة الجري بصورة يومية تؤدي إلى زوال الكثير من الأعراض، وتزيل عنك الإنهاك النفسي والجسدي، ويُعرف أن أعراض الجهاز الهضمي التي سببها القلق - كما هو في حالتك - تستجيب لممارسة الرياضة بصورة ممتازة جدًّا، فاحرص على الرياضة.

بالنسبة لأعراض قلق المخاوف: الخوف يجب أن يُحقّر، ويجب أن يتجاهله الإنسان، وأن تقدم على ما تريد فعله، وقد وجدنا أن التواصل الاجتماعي الممتاز - أي الشخص الذي يقوم بواجباته الاجتماعية -: زيارات الأهل، الأرحام، الأصدقاء، المرضى، تقديم واجبات العزاء، المشاركة في الأفراح، هذا يؤدي إلى تحسُّن كبيرٍ في قدرة الإنسان على اختراق الخوف.

الصلاة مع الجماعة في المسجد أيضًا تُعالج هذه المخاوف، وتعالج حتى الخوف من الموت، لأن الخوف من الموت بهذه الكيفية التي تحدثت عنها هو خوف مرضي، لكن الذي يحرص على صلاته وأذكاره ويكون متيقنًا بأن الموت والحياة بيد الله تعالى، يذهب عنه الخوف المرضي من الموت، ويبقى الخوف الشرعي وهو مطلوب، (كنت نهيتم عن زيارة القبور فالآن فزوروها) لماذا؟ لأنها تُذكُّر بالموت.

أنا أريدك أيضًا أن تُحسن إدارة الوقت، الذين يُحسنون إدارة الوقت يُحسنون إدارة حياتهم، وإدارة الوقت بصورة صحيحة ترتقي بالصحة النفسية والجسدية عند الإنسان، لذا ننصح بها كثيرًا.

الاطلاع والقراءة، كما ذكرتُ لك سلفًا التواصل الاجتماعي، بناء صداقات متميزة، وأنت الحمد لله لديك أسرة فيمكن أن يكون هنالك تعارف وصداقات مع أُسرٍ أخرى، هذا كله علاج وعلاج مهمٌّ جدًّا، وأن تطوّر نفسك في وظيفتك، في مهنتك، أن تكون من الذين يُحبون القراءة والاطلاع، هذا كله يُعتبر علاجًا لهذه الأعراض القلقية وكذلك أعراض المخاوف.

أيها الفاضل الكريم: إنِ استطعتَ أن تذهب إلى طبيب نفسي؛ هذا أيضًا أمرٌ جيد، وإن لم تستطع ربما تحتاج أن تتناول أحد مضادات المخاوف البسيطة، عقار (سيرترالين) والذي يُسمَّى تجاريًا (زولفت) ممتاز جدًّا، تناوله بجرعة نصف حبة لمدة عشرة أيام، ثم حبة واحدة - أي خمسين مليجرامًا - يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً