الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فتاة تعلقت بشاب وهو لم يوضح رغبته فيها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود أن يشرح الله صدركم لحل مشكلتي، وأن تجيبوني لأنتهي من حيرتي.
مشكلي أني بدأت العمل منذ أشهر في إحدى الشركات الدينية الكبيرة، وأحسست براحة كبيرة في هذه الشركة نظراً للجو الديني العام فيها، وحظيت على إعجاب الجميع ولفتّ انتباه الجميع لعملي المجد وتديني اللافت وأيضاً لأن الله حباني شكلاً جميلاً والحمد لله.

ما حدث أني التقيت في هذه الشركة بشاب متدين يعمل معنا، لم أبد اهتماماً له ولم ألاحظ اهتمامه بي في البداية، ولأجل الصدفة تعرفت على أخته ونشأت بيننا صداقة قوية، ومرت الأيام وفجأة بدأت ألاحظ اهتمامه بي بأمور لم أكن ألحظها من قبل، فمثلاً يأتي ويجلس معي كثيراً وطبعاً بوجود زميلاتي في الغرفة، ولاحظت نظراته المتابعة لي، وطبعاً كل هذا بحدود الأدب، وما شد انتباهي هو أنه كان ينوي ترك العمل قبل أن أعمل في الشركة كما علمت من البعض ومن ثم غيّر رأيه عندما أتيت إلى العمل في الشركة، وفوق ذلك تقدم لي الكثيرون لطلب يدي في الشركة وكل مرة ألحظ عليه انزعاجاً عندما يرى أحد الأشخاص يتكلم معي في هذا الخصوص.

ألاحظ أنه يأتي إلى العمل في الوقت الذي أذهب فيه وفي الأيام المحددة لي، وأيضاً يخبرني بمشاكله دائماً بشكل لا يخبره لغيري، كل هذا ولم يلحظ أحد في الشركة شيئاً، فقط يظنون أنه يعاملني بشكل خاص لأجل العمل.

المشكلة الآن أن أخته صارحتني برغبتهم في خطبتي لأخيها الثاني الذي لا أعرفه! وصدمت عندما علمت بهذا، ولا أدري ماذا يعني هذا وهل أنا مخطئة في تصوري أم ماذا؟ هل إحساسي خاطئ؟؟ أنا لا أستطيع أن أقول أني أحبه لأنه لم يصارحني بمشاعره، وقد يكون خائفاً من رفضي ولكن كيف يعلم بأن أهله يريدونني لأخيه وهو لا يحرك ساكناً!؟

أعلم أنه غير مستعد للزواج الآن، وأنا لم أوافق طبعاً على أخيه، لكن ما يحيرني هو موقفه وأخشى أن أكون قد فهمته خطأ وأنه لا يكنّ لي سوى الزمالة في العمل! كيف لي أن أعرف حقيقة مشاعره وأنا لن أتضايق إن علمت أنه لا يريدني لأني لم أتعلق به ولا أسمح لعقلي أن يتعلق بأحد لأني متدينة، وفوق ذلك أفكر بعقلي، ومن ناحية العقل أجده شاباً يلائمني كزوج على كافة الأصعدة لكني لست متعلقة به بقلبي بعد.

أرجو نصيحتكم مهما كانت، ولكن أرجو أن تعلموا أني لا أتخيل اهتمامه بي ولا أجد سبباً لتخيل ذلك؛ لأني كما قلت: لست متعلقة به، لكني أريد أن أعلم فقط كيف لي أن أتمكن من التأكد من مشاعره أم أترك الأمر لله وللوقت؟ وهل أرفض المتقدمين لي أم أنتظره؟ علماً أني أفضله هو على غيره إن كان يريدني.

وقد عملت استخارة أكثر من مرة، وأجد تيسيراً في هذا الأمر بشكل ملفت، وهناك أمور كثيرة قربت بيننا لكنني أخشى أن أكون واهمة في كل هذا، ولقد أخبرت أختي بما حدث وتعجبت من الموضوع فأرجو أن أجد الجواب عندكم.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sawsan حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وأن يلهمنا السداد والرشاد.
فقد أعجبني قولك: لن أسمح لعقلي أن يتعلق بأحد؛ لأنني متدينة، وهكذا ينبغي أن تكون المؤمنة حريصة على حب الله أولاً، وتؤسس محبتها للآخرين بمقدار طاعتهم وقربهم من الله، فإذا رزقها الله بزوج صالح أخلصت في الوفاء له والود، وتقربت إلى الله بطاعته وإحسان عشرته، والحب عندنا ـ معشر المسلمين ـ يبدأ بالرباط الشرعي ويزداد مع مرور الأيام ووجود الأطفال قوةً وإشراقاً.

لا شك أن صداقتك لأخته سوف يسهل عليك معرفة كثير من الحقائق، ولا بأس من إظهار مشاعرك لهذه الشقيقة، مع أن رفضك لأخيه قد يترك في النفوس أثراً، وعليه فأرجو عدم التردد في حالة وجود خاطب آخر جاهز للزواج شريطة أن يكون صاحب دين وأخلاق وأمانة، مع ضرورة التأكد من قدرته على تحمل المسئولية، وأهمية أن يكون ذلك عن طريق أهلك وأسرتك.

نحن ننصح أخواتنا الصالحات إذا شعرن بميل بعض الرجال إليهن أن يحرصن على الالتزام بالآداب الشرعية وعدم مجاراة الشباب في ذلك؛ لأن الشريعة أرادت للفتاة أن تكون مطلوبة عزيزة لا طالبة ذليلة، وحرصت على أن يتقدم الشباب إلى أولياء الفتاة لكونهم أعرف بأحوال الرجال، ولأن في ذلك حفظاً لحياء الفتاة وعفتها.

على كل حال فلن تخيب فتاة تستخير ربها وتستشير إخوانها وأخواتها، وربما كان هذا الشاب مرتبطاً بفتاة أخرى فلما نلت إعجابه زكاكِ لأخيه الذي طلب يدك بالفعل، وإذا كان بالإمكان وجود طرف ثالث مثل أخته أو أحد المحارم واستطاع بلباقة وذكاء أن يعرف حقيقة الأمر؛ فهذا سوف يقصر الطريق عليك، وقد أرسلت خديجة رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من تخبره برغبتها في الارتباط به.

لا شك أن وجود المرأة في وسط الرجال يجلب لها ولهم كثيراً من المتاعب، وها نحن ندفع ثمن تقصيرنا في تنفيذ أحكام وآداب هذه الشريعة؛ فإن ديننا باعد بين أنفاس الرجال والنساء، وفي ذلك راحة للجميع، قال تعالى: (ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور:30]، فاشغلي نفسك بتجويد عملك واجتهدي في البحث عن وظيفة تبتعدين فيها عن مواطن الرجال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً