الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بالخوف والتفكير بعد وفاة أمي لأنها لم تكن مواظبة على صلاتها!

السؤال

السلام عليكم

أعيش في السويد منذ ٦ أشهر، ووضعي النفسي صعب جدا. أعاني من فرط في التفكير بكل شيء، حتى أصبح التفكير في صنع الطعام يرهقني، بدأ تعبي منذ وفاة أمي، لقد كانت أما رائعة، ولكنها لم تكن تصلي، كانت تحاول ولكنها لم تواظب على الصلاة، ومنذ وفاتها وأنا أفكر فيها هل سيعذبها الله أم سيرحمها إن كان أرحم بها مني؟

بالاستمرار في التفكير بهذا الموضوع أصبحت منهكة، كل يوم أبكي بدون سبب، ولا أستطيع التخلص من الحزن على فراقها وعلى خوفي عليها، حتى صرت أعتقد أن الله ليس رحيما، وأني أعبده خوفا فقط، وهذا يتعبني جدا، والغربة هنا أضافت على حزني، فأنا في بلاد غير مسلمة، وأحس بالوحدة، وأشعر أني حزينة دائما.

حتى وأنا نائمة أفكر بأبسط الأشياء، أكاد أجن حقا فما الحل؟ أتمنى دائما أن أموت وأخاف منه أيضا؛ لأن لدي ابنة.

أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عزيزة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- بارك الله فيك –أختي الفاضلة– وأشكر لك حسن خلقك ووفائك لوالدتك –رحمها الله– ومحبتك لها وخوفك عليها وحبك لها الخير والمغفرة والرحمة وكل هذا –ولا شك– دليل على حسن دينك وخلقك وتحليك بالرحمة وصلة الرحم.

- لا يجوز للمسلم أن يسيء الظن بربه تعالى، بل الواجب استحضار عقيدة حسن الظن بالله تعالى ومحبته ورجائه مع الخوف منه جل جلاله، فالله تعالى هو (الرحمن الرحيم) اسماً وصفة وأثراً في كونه ومخلوقاته (ورحمته وسعته كل شيء) (وسع ربي كل شيء رحمة وعلماً)، كما دلت الأحاديث الصحيحة: "أن رحمته تعالى سبقت وغلبت غضبه"، "لله تعالى مائة رحمة، أنزل منها رحمة على عباده بها يتراحمون واختبأ الباقي شفاعة للأمة يوم القيامة".

- ولا شك أن اليأس والقنوط من رحمة الله من أعظم الذنوب والمعاصي (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون)، فسوء الظن بالله واليأس والقنوط من رحمته أعظم.

- الصلاة أعظم أركان الدين، وتركها أعظم من الكبائر وصاحبها متوعد بالعقوبة، فأول ما يُسأل عليه المسلم يوم القيامة الصلاة، لكن جمهور الفقهاء على القول بعدم تكفير تارك الصلاة تهاوناً بها لا إنكاراً لوجودها، وقول أكثر الفقهاء معتبر؛ مما يستلزم معه عدم المبالغة في الخوف والهم ولاسيما وأن والدتك لم تقطع الصلاة بالكلية.

- إن الواجب عليك أيضاً –أختي العزيزة– بعد محافظتك على الصلاة والطاعة والذكر والحرص على الدعاء لوالدتك والاستغفار لها، كما والصدقة عنها أمر مرغوب مطلوب.

- أبشري وأملي خيراً فلن يضيع الله تعالى جميل خلق والدتك وحسن رعايتها لأولادها، وما تحمل من عقيدة التوحيد والإيمان بالله، والمهم أن تلزمي الدعاء والاستغفار، والله لا يضيع أجر المحسنين.

- وأما بالنسبة لحزنك الذي ينتابك في غربتك -أسأل الله أن يفرج همك، ويجمعك بأحبتك- فهذه طبيعة الحياة أن نفارق من نحب لظروف، احرصي على الاستفادة من غربتك بتحصيل العلم، والصحبة الصالحة، وتكوين علاقات اجتماعية طيبة، والانشغال بالطاعة والذكر، ولابد يوماً أن تلتقي بأحبتك في بلدك مهما طال الزمن، واحتسبي أجر الهجرة والحرمان.

نسأل الله لك العون والرحمة والصبر والثواب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً