الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رسبت في الكلية ولم أخبر أحداً، تعبت كثيراً وأريد حلاً.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا تلميذ متفوق والحمد لله، نجحت في امتحان البكالوريا بامتياز، والتحقت بأفضل كلية في بلدي، في السنة الأولى من دراستي لم أدرس جيداً، لأنني لم أجد طريقة جيدة للدراسة ورسبت، لم أرد أن أخبر عائلة أمي وأبي وأخبرتهم بأني نجحت؛ لأنني أعتقد أن هذا ليس من شأنهم، ولأنهم سوف يشمتون بي، وسيقولون قلنا له أن الكلية صعبة، وليس الجميع قادراً على النجاح فيها، لا أعرف كيف عرفوا بالموضوع؟

والآن يحاولون بكل الطرق ابتزازي والسخرية مني، وإحراج أمي وأبي في كل لقاء لنا يسألون في أي سنة دراسية هو؟ أصبح هذا الموضوع يزعجني، ولم أعد حتى أريد مقابلتهم والذهاب إليهم في الأعياد والمناسبات.

لا أعرف ما العمل؟ أعرف أن نيتهم سيئة جداً، ودائماً أشكو الله منهم؛ لأنهم يحاولون اللعب بأعصابي والتقليل من شأني، لا أريد أن أخبرهم، فقد أصبح الجميع يعرف، أريد فقط أن يتوقفوا عن إزعاجي وإزعاج والدي.

الرجاء المساعدة معنوياً؛ لأن الموضوع أتعبني، وشكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ sousou حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من خلال رسالتك يظهر لي أنك شاب جيد، وذكي وقادر على تجاوز الصعوبات بإذن الله، لكن الخطأ الذي وقعت فيه هو الكذب على أهلك ظناً منك أن هذا طريق النجاة، ولكن الكذب حبله قصير، وقد حذرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الوقوع فيه أو استخدامه، وأمرنا بالصدق وتحريه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (عليكم بالصدقِ، فإِن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق حتى يُكتب عندَ اللّه صدِّيقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند اللّه كذاباً" رواه أحمد.

وأرشد إلى تحري الصدق، حتى لو ظن أنه سيهلك فليقل الصدق وستكون نجاته به، وحذر من الكذب حتى لو ظن الإنسان أن نجاته بسببه فسوف يهلك، ففي الأثر "تحرَّوا الصِّدق وإنَّ رأَيتم أَن فيه الهلكة فإنَّ فيه النجاة، واجتنبُوا الكذب وإنْ رأَيتم أَنَّ فيه النجاة، فإنَّ فيه الهلكة" رواه ابن أبي الدنيا.

وما حصل لك هو نتيجة لاستخدام الكذب على أهلك وأمك وأبيك، فننصحك بالتوبة، والرجوع إلى الله والندم على ما فعلت، والعزم على عدم العودة إليه، والاستغفار والإكثار من العمل الصالح عسى الله أن يغفر لك.

كما ننصحك بإخبار والدك ووالدتك، إن كنت لم تخبرهم بما حصل من قبل بطريقة مقنعة لهم، وبأسلوب مناسب يصاحبه الاعتذارعن إخفاء الخبر عليهم، وندمك على ذلك وأتوقع أن يتفهموا منك ذلك ويعذروك.

فإن لم تستطع إبلاغهم بالخبر مباشرة، فأخبر من تثق فيه من أهلك ومعارفك ليبلغهم بطريقة مناسبة، وسيقومان بالتصرف المناسب مع أهلهما، وعند ذلك ستنتهي المشكلة مع باقي العائلة.

كما ننصحك أن تعتبر الموضوع طبيعيا جداً، فالرسوب أمر متوقع لأي شخص بسبب ظرف قد يواجهه، ولكنك تعاملت مع الموضوع بحساسية زائدة، حتى سبب لك مشكلة ولو تقبلت الأمر ولم تخفه؛ لانتهى الإشكال.

كما ننصحك بالتعامل الإيجابي معهم، والبعد عن التفكير السلبي في مواقفهم، وأحسن الظن بهم فهم أهلك وأقاربك، ولا تقطع التواصل معهم لمجرد أنهم اكتشفوا أنك رسبت، بل حاول أن تنهي الموضوع معهم بالاعتراف لهم بالحقيقة حتى لا تظل سبباً للقطيعة بينكم.

وأتوقع أنك قادر على ذلك، لو شجعت نفسك وتحليت بالصبر، والشجاعة الأدبية، واستعنت بالله سبحانه.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً