الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا في علاقة حب مع صديقي، ما رأيكم في هذه العلاقة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في 18 من العمر، وعندي صديق أكبره بخمس سنوات، وهذا الصديق أنا وهو في علاقة حب في الله، أنا أحبه جداً ومتعلق به كثيراً، إذا فعل ما يغضبني أغضب منه وهو كذلك، أحزن إذا لم أره في يومي، ودائماً ما يدور بيننا أحاديث رومانسية يقول لي: (أحبك وأقول له أحبك) وأُلقبُهُ أنا بخليلي.

أنا متعلق به كثيراً، وهو متعلق بي، وبما أني أنا الأكبر منه، دائماً عندما أرى منه تقصيرا في جنب الله، أو أي شيء يغضب الله أنصحه وأغضب منه كثيراً، لكني متعلق به كثيراً، وسمعت كثيراً من الفتاوى تقول أن هذا التعلق حرام والله أعلم.

ما رأيكم في هذه العلاقة؟ وهل أنا وصديقي في ضلال؟ مع العلم أني تعرفت على هذا الصديق في المسجد، ويومياً نلتقي في المسجد، ونحن ندرس في نفس المدرسة القرآنية.

والسلام عليكم ورحمة الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يجب أن تفرق بين الحب في الله لشخص وبين التعلق بالشخص.

فالأول: مشروع، والثاني: ممنوع.

ذلك أن الحب في الله يقوم على توفر صفات يحبها الله ويرضاها في الشخص المحبوب، فيحب الشخص لأجلها ابتغاء الأجر والثواب وينقص حبه بنقصها، ويمكن تركه لسبب أو لآخر دون مشكلة نفسية تتبعه.

أما التعلق بشخص آخر فهو: تجاوز الحب للصفات الحسنة المتوفرة فيه إلى التعلق بذاته؛ نتيجة لفقد الحنان والعطف من غيره، ويصعب على الشخص تركه، ويحزن لفراقه، ولو أنه فقده لأي سبب فإنّه من المحتمل أن ينهار نفسياً.

ولا شك أن هذه العلاقة مذمومة ومحرمة، وأنها من مصائد الشيطان التي يصيد بها بني آدم، حيث يحرص الشيطان على تزيينها في قلب العبد، ويلبسها لباس الأخوة في الدين والمحبة في الله، وشتان بين هذا وذاك.

وقد حذرنا -النبي صلى الله عليه وسلم- من الإفراط في محبة الأشخاص، وندبنا إلى الوسطية والاعتدال في ذلك، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما)، رواه الترمذي وصححه الألباني.

وكونك تعرفت على ذلك الشاب في المسجد وفي المدرسة القرآنية، لا يبيح لك تجاوز علاقة الحب في الله معه إلى مرحلة التعلق به، خاصة في هذا السن.

ولذا يجب عليك سرعة معالجة هذا التعلق المذموم والاعتدال في العلاقة معه وذلك من خلال الآتي:

1- الدعاء لله والاستعانة به سبحانه، وصدق اللجوء إليه بأن يصلح حالكما، ويرزقكما الدواء لهذا الداء والعافية منه.

2- كما ننصحك أنت بالزواج، وشغل نفسك بزوجتك، فإن من أعظم الأسباب في نشوء مثل تلك العلاقات هو الفراغ العاطفي الذي يقع فيه من كان في هذه المرحلة، خصوصاً إذا كانت العلاقة مع الوالدين وباقي أفراد الأسرة ضعيفة أو منقطعة، وبالزواج وإنجاب الأبناء والقيام على تربيتهم، يحدث تفريغ لهذه الطاقات العاطفية.

3- أن تقلل من لقائه والاجتماع به، ومخاطبته بتلك الألفاظ الرومنسية، وليكن جلوسك معه إذا لقيته جلوسا قصيراً مهما كان الحديث نافعاً حتى ولو كان في أمور الدين.

4- أن تدله على بعض أهل العلم ممن هو أكبر سناً منك ومنه، ليصاحبه ويستشيره في كثير من الأوقات بدلاً عنك.

5- إن وجدت تحسناً في الأمور وذهاب ذلك التعلق بينكما فالحمد لله على ذلك، أما إذا تطورت الأمور وزاد التعلق وخفت على نفسك الفتنة فعندها يجب عليك قطع علاقتك به، والابتعاد عنه تماماً والنظر في مفاسد هذه العلاقة، واستمرارها وما تجلبه من شغل القلب واضطرابه وحبسه وذله، وضياع الأوقات والمصالح من جراء ذلك.

ولاشك أن واحداً منها يكفي لإنهاء العلاقة به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات