الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الرهاب الاجتماعي له علاقة بالجبن؟

السؤال

السلام عليكم

أتقدم بالشكر الجزيل لفريق إسلام ويب على الخدمات الاستشارية في مختلف الحالات المرضية، سائلاً المولى القدير أن يبارك جهودكم في خدمة الجمهور العربي والإسلامي.

كما ذكرت لكم سابقاً بأني أعاني من الرهاب الاجتماعي المعمم منذ الصغر، وهو موجود في العائلة بشكل عام على الرغم من أسلوب التربية الصحيح، والقائم على تشجيع الوالدين لنا في الذهاب للمسجد، وتلاوة القرآن، ونشارك في مختلف المناسبات.

استخدمت دواء السيروكسات لعلاج الرهاب منذ 14 عاماً، وأتوقف في بعض الأوقات لفترة محددة بالتدرج، وأرجع أستخدم الدواء تارة أخرى، وأنا على هذه الاسطوانة، بالإضافة لتناول دواء الاندرال.

خلال الفترة الماضية توقفت عن تناول السيروكسات والاندرال لمدة شهرين، ولاحظت أن معاناتي من القلق خفيفة جداً لحد هذه اللحظة، إلا أن الأعراض الجسدية مثل احمرار الوجه وارتعاش الأطراف ورجفة الصوت ما زالت على حالها؛ مما جعلني أضطر لاستخدام الاندرال 20 جرام، والحمد لله؛ فالأمور طيبة.

للعلم: أنا أنسان اجتماعي، وأحضر جميع المناسبات، ويوجد لدى الكثير من الأصدقاء، وأشارك في عدد من الفعاليات، ومحافظ على صلاتي، وتوجد لدي أسرة، ولكن بدون علاج دوائي للرهاب لا يمكن أن يحدث ذلك.

هل ممكن أن أتوقف عن السيروكسات نهائياً وأستخدم الاندرال فقط عند الضرورة؟ وهل لمدة طويلة أم أستخدمه بشكل يومي؟

أنا بعمري تقريبا 32 سنة، وأقرأ بأن الرهاب في هذا العمر يختفي، هل هذا صحيح -على الرغم أني لم أشعر بذلك حتى اللحظة- أم أنه يمكن أن يكون مزمناً؟

يوجد لدى عدد 2 من الأبناء في عمر 5 و8 سنوات، مصابان بهذا المرض، ولاحظت ذلك من خلال بعض المواقف التي رأيتهم فيها يرتعش جسمهم في بعض المواقف، ومنعزلون في المدرسة ولا يستطيعون الحديث في الصف على الرغم من معرفتهم بالإجابة، إلا أنه بعد التشجيع والتعامل بطريقة النجوم، والتعاون مع المدرسة؛ أصبحوا -ولله الحمد- يشاركون ويختلطون مع أقرانهم، إلا أنه تظهر عليهم ملامح الخوف بشكل دائم، حتى إن المعلمين يقولون لنا: إن أطفالكم يخافون بشكل مفرط، ويظهر ذلك من خلال تعاملهم وملامح وجوههم!

ما هي الاستراتيجيات المناسبة للتعامل معهم؟ أنا أخاف عليهم من هذه الصفات والمرض أن يستمر معهم مثلي لفترات طويلة.

السؤال الثالث: لماذا دائماً تذكرون في استشاراتكم بأن الرهاب الاجتماعي هو مختلف عن الجبن، على الرغم من أن صفات الشخص الرهابي هي صفات الجبان تماماً؟ هل لرفع معنويات الشخص المصاب؟ وما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من البخل والجبن)؟ ما المقصود بالجبن؟ ولماذا استعاذ الرسول منه؟ وفي حديث آخر قول الرسول عليه السلام عندما سئل هل يكون المسلم جباناً؟ قال: (نعم). وقوله (شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع).

كذلك قوله تعالى: (أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف...) إلى آخر الآية الكريمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ alayham حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

أودُّ أن أبدأ بسؤالك الثالث: الرهاب قطعًا ليس له علاقة بالجبن أبدًا، وليس جُبنًا، الرهاب هو سوء تقدير وسوء تفسير لموقفٍ اجتماعيٍّ، وهو متعلَّمٌ ومكتسبٌ، والدليل على أنه ليس جُبنًا: الإنسان يمكن أن يكون مروضًا للأسود ولكنه يخاف من القط، وهذه حقيقة –أيها الفاضل الكريم-.

يجب ألَّا تخلط الناس بين الاثنين، وإن كان بعض الناس قد يجتمع فيهم الخجل والرهاب الاجتماعي، وربما شيء من ضعف الشخصية الذي ربما يُوصف بنوع من الجبن، والبعض أيضًا يكون لديه درجة من الحياء، لا أقول إنه يُساعد في أن يكونوا جبناء، ويستجيبوا استجابات سلبية من خلال الرهاب الاجتماعي، لكن هذه الحالات كثيرًا ما تختلط على الناس.

الرهاب الاجتماعي أمرٌ مكتسبٌ ومتعلَّم، وما هو مكتسب ومتعلَّم يمكن أن يُفقد من خلال التعليم المضاد.

أخي: أشكرك على هذه الملاحظة، وأؤكد لك أننا لا نقول ذلك من أجل أن نطمئن الناس، ولكن من أجل أن نُملِّكهم الحقائق العلمية.

بالنسبة لك –أيها الفاضل الكريم-: قطعًا الرهاب الاجتماعي بصفة عامة يتلاشى ويضعف مع مرور العمر، خاصة إذا أهَّل الإنسان نفسه اجتماعيًّا، بمعنى أن تكون له شبكة اجتماعية ممتازة، أن يقوم بواجباته الاجتماعية، لا يتأخَّر أبدًا عن المناسبات والدعوات، وتقديم واجب العزاء مثلاً، زيارة المرضى، الخروج مع الأصدقاء، ممارسة رياضة جماعية، الصلاة مع الجماعة في المسجد –كما ذكرنا–؛ هذه –يا أخي– كلها وسائل للتأهيل الاجتماعي الذي يُضعف كثيرًا الرهاب الاجتماعي.

الإنسان يتطوّر، ومهاراته تزداد، ومقدراته تكون في نضج واكتمال، هذا هو الشيء الطبيعي، لذا يقلُّ الرهاب كثيرًا مع تقدُّم عمر الإنسان.

كما أن الإنسان يتفهّم الرهاب إذا استمرَّ معه لسنوات طويلة، وهذا يؤدي إلى نوع من التواؤم الإيجابي وليس التكيُّف السلبي، كما يحدث لدى قلة قليلة من الناس.

أيها الفاضل الكريم: أنا أريدك أن تأخذ نوعًا من الدعم الدوائي الكيميائي؛ حتى نجعل الموصِّلات العصبية الدماغية في وضعٍ إيجابي، بعد ذلك يمكن أن تُخفِّض الدواء، هذا أفضل لك –أخي الكريم-.

اجعلْ جرعة الزيروكسات 12.5 مليجرام -وأقصد بذلك الزيروكسات CR، أي بطيء الإفراز- وبعد شهرٍ اجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها 12.5 مليجراما يوميًا لمدة شهرٍ، ثم 12.5 مليجراما يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم 12.5 مليجراما مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناوله.

بالنسبة للإندرال: يوجد نوع من الإندرال يُسمَّى (LA80)، إن وجدتَّه فهذا جيد جدًّا، تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله، ثم بعد ذلك يمكنك أن تتناول الإندرال العادي بجرعة عشرة إلى عشرين مليجرامًا عند اللزوم.

هذه –يا أخي– هي الطريقة المثلى، وأريدك أن تُكثِّف من التمارين الرياضية وكذلك التمارين الاسترخائية، وأشكرك كثيرًا على ثقتك في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً