الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عايرت قريبتي بعد معايرتها لي، وأنا الآن نادمة، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

منذ زمن حينما كنت في 13 من عمري تقريبا، حدثت مشكلة ومشاجرة كلامية بيني وبين إحدى قريباتي الأكبر مني سناً، وعايرتني بمرضي وبالمثل عايرتها بمشكلة في بنتها، وبعد مضي سنين أنا خائفة من أن الله سيعاقبني وسيصيبني بما أصاب بنتها، ولكن في نفس الوقت أنا لم أبدأ بالشماتة، بل هي من بدأت، ومرضي كان أكثر ما يؤلمني، فأنا لازلت أعاني من هذا المرض والحمد لله على كل حال.

العلاقة بيننا ليست جيدة، ولا أتوقع أنهم -هي وابنتها- يريدون مسامحتي، فهل أنا الوحيدة المخطئة بينهم؟ أم كانت محض رد السوء بمثله وردة فعل أثناء الشجار؟

أنا نادمة على ما قلت، واستغفرت ربي، لكن أريد أن أعرف هل هناك شيء يجب أن أفعله لأكفر عن إثمي؟ وهل لي عقوبة من الله على ما قلت؟

لقد أصابني الخوف منذ فترة، وأقلقني التفكير في أن ما حل بها سيحل بي، علماً بأنني مصابة (general and social anxiety disorder ) لذلك فالتوتر من هذه المشكلة عكر عليّ حياتي في الأيام الماضية.

أسأل الله العافية لنا ولكم، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك –أختي العزيزة– وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع, سائلاً الله تعالى أن يفرج همك وييسر أمرك، ويشرح صدرك، ويغفر ذنبك، ويرزقك النجاح في حياتك وسعادة الدنيا والآخرة.

- بصدد إحساسك بالذنب وتأنيب الضمير جراء مقابلتك المعايرة بمثلها, فهو وإن كان بقصد رد السيئة بمثلها إلا أن من مقتضى حسن الخلق والعقل الصمت والدعاء لها بالهداية؛ كون ذلك بلاء من الله تعالى ليس للإنسان فيه يد حتى يُعيّر به, مما ينبغي التعامل معه بمقتضى الصبر والشكر والرضا بالقدر, إلا أنه لا ينبغي منك المبالغة والإفراط في الشعور بالهم والقلق؛ كون الخطأ طبيعة بشرية، والكمال المطلق لله تعالى, وقد صح في الحديث: (كل بني آدم خطّاء, وخير الخطائين التوابون).

- أوصيك بحسن الظن بالله تعالى والثقة بسعة رحمته وعفوه ومغفرته لعظائم الذنوب وكبيرها ومنها الشرك إذا توفرت التوبة, قال تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون), (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم), بل ثقي أن الله تعالى يجعل بالتوبة سيئات العبد حسنات (إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما), لذا فإني أوصيك بالحرص في التكفير عن خطئك بالاستغفار والتوبة وذلك بالندم, وقد صح في الحديث: (الندم توبة) وعدم العودة إلى الفعل والإقلاع عنه, وقد صح في الحديث: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) قال تعالى: (وإني لغفارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى).

- من لوازم التوبة أيضاً: الاعتذار وطلب المسامحة, سواء قبلوها أم لم يقبلوها, فحسبك أنك فعلتِ الواجب وأرضيتِ ربك وأرحت ضميرك, وعسى أن يكون ذلك قدوة لهم ليكون فعلك هذا دعوة غير مباشرة لترك ذنب التعيير والحرص على التوبة منه, وخلق جو المحبة بين الأقارب خاصة والتصالح والتسامح.

- كذلك وأنصحك بلزوم الذكر، وقراءة القرآن، والدعاء، والصحبة الطيبة وطلب العلم النافع، والاهتمام بدراستك وحياتك، ومتابعة الدروس والمحاضرات والقراءة والبرامج النافعة والمفيدة.

- أسأل الله تعالى لك العفو والعافية والسلامة من كل سوء وداء ومكروه وبلاء، وأن يرزقك التوفيق والسداد, والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً