الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من تحطيم تام بسبب تأخر الزواج وعدم الوظيفة.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر 29سنة، وأنا أصغر إخوتي -الحمد لله- تلقيت تعليما جيدا جدا، ولدي بكالوريوس، وأذكر بأني كنت ممتازة في الدراسة، وفي أغلب أمور الحياة، لدرجة أني كنت قدوة لأبناء إخوتي ولإخوتي شخصيا، وجميع من حولي كانوا يثنون على تصرفاتي الرزينة، وأناقتي، ورقيي، إلى أن أنهيت دراستي الجامعية، وجلست في البيت في انعزال تام لمدة 5 سنوات قدمت على وظائف كثيرة ولم أقبل.

والداي كبار في السن، ولا أخرج من البيت أبدًا إلا نادرا عندما يتذكرني أحد إخوتي المتزوجين أن أخرج معهم، ولا أزور أحدا من أقاربنا بسبب خلافات أسرتي معهم، ووالدي لا يسمح بأن أخرج من المنزل مع السائق لزيارة صديقاتي، وتقدم لي الكثير من الرجال ورغم أني ولله الحمد جميلة ومحترمة إلا أني تعرضت وبشكل محير لكثير من الرفض لدرجة أن إخوتي ضغطوا على كرامتهم وعرضوني على كثير من الرجال، ورفضوا.

هذا الموضوع أثر على نفسيتي كثيرا، انصدمت وأصبحت شاحبة ونحيفة، وليس لدي رغبة في أن أعمل في المنزل، أو أطبخ، أو أمارس هوايات، ولا أن أحاول الخروج من بحر الفراغ والوحدة، حتى والدي ووالدتي ليس لدي رغبة في الجلوس معهم، وكل يوم أبكي على وسادتي، وعندي يقين أني لن أتزوج أبدًا، ولن أتحرر من قيدي، وأحيانا أشك بأني مسحورة من أقاربي، لذلك لا تتيسر أموري.

حاولت أن ألتزم بالدين وأسمع الرقية، وألح في الدعاء، ولكن لم أستمر وبعدها تعبت نفسيتي أكثر، خاصه بعد زواج جميع صديقاتي وإنجابهن الأطفال وقبولهن في وظائف، وعندما يخبرنني برحلاتهن مع أزواجهن وأسفارهن أشعر بأني مختلفة عنهن وأقل منهن بكثير، وبدأت في أن أكرههن ولا أريد أن أكلمهن.

أنا أعاني كشخص محكوم بالسجن المؤبد، ولا أحد يشعر بي، أرجوكم أريد حلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة وأختنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك حسن العرض لمسألتك، ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يلهمك السداد والرشاد والبر بوالديك والطاعة لرب العباد.

لكل أجل كتاب، والخير في الذي يقدره الحكيم الوهاب، فلا تسجني نفسك، وثقي بأن ما يختاره الله لنا أفضل مما نختاره لأنفسنا، وقد قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار، وقال الفاروق عمر رضي الله عنه لو كشف الحجاب لما تمنى كل إنسان إلا ما قدر له.

وسلي الله أن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به.

ومما يعينك على الخروج مما أنت فيه ما يلي:
1- كثرة اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.

2- الاشتغال بذكر الله وطاعته وحسن عبادته، وهذه هي المهمة التي خلقنا للقيام بها.

3- النظر إلى النعم التي خصك بها ربنا الكريم والقيام بشكرها لتنالي بشكرك المزيد، واعلمي أن نعم الله مقسمة والسعيد هو الذي يعرف نعم الله ويرضى بها ويشكرها.

4- لا تقارني نفسك بالأخريات، فأنت أعطاك الله أشياء وأعطاهن مثلها أو غيرها، قال تعالى: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} وكل إنسان مفضل بأشياء عن الآخرين.

5- انظري إلى من هن أقل منك في أمور الدنيا ولا تنظري إلى من هن فوقك كي لا تزدرى نعمة الله عليك، وهذا طبعا في أمور الدنيا، أما أمور الدين فننظر فيها إلى من هم أعلى منا لنتأسى بهم.

6- لا تنزعجي من ذهاب من طرقوا الباب فسيأتيك ما قدره لك الله في الوقت الذي كتبه وقدره سبحانه.

7- لا تنعزلي عن الناس، وابحثي عن مجالس الصالحات، ففيهن من تبحث عن أمثالك لابنها أو لأخيها أو لأي محرم من محارمها، واستمعي للدروس والمحاضرات.

8- أظهري بين النساء ما وهبك الله من جمال وكمال أخلاق، وذلك من فعل الأسباب.

9- تفاءلي بالخير تجديه، وإياك والتشاؤم فإن الشؤم على من تتشاءم، وثقي بربك وتوجهي إليه، وأحسني الظن به سبحانه.

10- استمري في الأذكار واقرئي على نفسك الرقية الشرعية، ولا مانع من الذهاب إلى راقية أو راقي يقيم الرقية الشرعية على قواعدها ووفق ضوابطها.

11- اقتربي من والديك واجتهدي في برهم، واشعري بنعمة وجودك معهم، واعلمي أنهم أبواب إلى الجنات والرضوان، كما أن برهم من أهم أبواب الرزق والخير.

12- استمري في التواصل مع موقعك، واقتربي من إخوانك، وصلي رحمك، وكوني في حاجة الضعفاء ليكون العظيم الكريم في حاجتك.

13- اتقي الله في سرك والعلانية؛ فإن ربنا قال في كتابه {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

14 تجنبي التسخط مما يحصل، وتعوذي بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان.

ونسأل الله أن يهيئ لك من أمرك رشدا، وأن يكتب لك التوفيق والسعادة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا فاطمة

    فرج الله كربك و كرب كل مسلم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً