الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي مخاوف من مواجهة الآخرين وعدم القدرة على المبادرة

السؤال

السلام عليكم

لدي منذ صغري مخاوف من مواجهة الآخرين، وعدم القدرة على المبادرة، مثلاً لو هناك عمل موجود أستطيع التعديل عليه أو استكماله، لكن لو هناك عمل جديد لا أستطيع بدءه بسهولة.

عند شراء شيء جديد لا أعلم عنه شيئاً أبحث مطولاً قبل شرائه، لكن لو هذا الشيء أعرفه مسبقاً أشتريه بسهولة، كما أنني لو في مواصلات عامة ويجلس بجواري شخص ولا يترك لي فسحة من المكان لا أشتكي، لكن أتحمل ضيق المكان وأصمت.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك – أخي العزيز – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع، سائلاً الله تعالى أن ييسر أمرك ويشرح صدرك، ويرزقك قوة الإرادة والثقة بالنفس، والعزم والتصميم والتوفيق والسداد.

ربما يتوفر فيك بعض الشكوك في الإحساس بالثقة والشخصية مما يهوّن عليك ما أنعم الله به عليك من جوانب الكمال، أو إلى ضعف في التربية بسبب تقصير من جهة الأسرة والمدرسة ونحوهما.

لا تبالغ في الشعور بالضعف والقلق، فإنه لطالما كان لعوامل مرور الزمن والسن والتجربة آثارها الطيبة في زيادة رصيدك في الثقة بالنفس، وقوّة الشخصية والشجاعة، والتخلص من هذا الخلل.

لا تتخوّف كثيراً من الوقوع في الأخطاء، فذلك طبيعة بشرية، والكمال لله تعالى، بل إن العاقل يمكنه الاستفادة من الأخطاء والتعلم منها واستثمارها وتحويلها من الجانب السلبي إلى الإيجابي.

الحذر من المقارنة الظالمة مع الأكمل منك في الصفات الإيجابية، ومن الوساوس الشيطانية، فاستعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، والذي يحرص على تقليلك من قيمتك الذاتية، والتقليل من قدر الذات والتقييم الخاطئ لها.

لزوم تقوى الله تعالى والاستعانة به، والتوكل عليه، (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه).

التحلّي بحسن الظن بالله تعالى، وتعزيز الثقة بالنفس، وقوّة الإرادة وزيادة تنمية الجوانب الإيمانية والأخلاقية، وذلك بلزوم الذكر والاستغفار وقراءة القرآن وطلب العلم النافع والعمل الصالح، والقراءة ومتابعة المحاضرات والبرامج النافعة والمفيدة.

ضرورة التحلي بروح المبادرة والإقدام، وعدم التردد في الأمور الواضحة، (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين).

أما الأمور المهمة المشكلة فمن المهم قبل المبادرة ضرورة الاستشارة، والسؤال عنها أهل الثقة قبل الإقدام عليها، ومما ورد في الحكمة (ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار).

احرص على لزوم الصحبة الصالحة والعاقلة الواعية، والاستشارة لهم، وقبول النُصح والتوجيه منهم، والتحاور بلطف وتواضع معهم، والأخذ برأيهم، حيث وإن ذلك يسهم في الشعور بالرضا النفسي، والثقة بالذات وتكميل الجوانب الإيجابية، وتشجيعك عليها، وتحاشيك للجوانب السلبية والتي لا يخلو منها الإنسان مهما بلغ من القدر والمكانة؛ فالصاحب ساحب، وفي الحديث: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).

الانخراط في العمل الاجتماعي والدعوي والخيري، وتقوية مهاراتك الاجتماعية، والرفع من مستوى إدراكك وثقافتك، وقدراتك العلمية والعملية، لا سيما الحياتية المختصة بدراستك أو عملك، وقد صح في الحديث: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم.

لا تعط للناس أهمية زائدة في تقييمك الذاتي، فالناس لا يزيدون ولا ينقصون، ولا يقدمون ولا يؤخرون، وكثيراً ما يُبتلى الناجحون بالحسد والغيرة وسوء الظن والفهم من الناس، والمهم حسن صلتك وعلاقتك بربك، وحسن معرفتك بذاتك، اطرح مخاوفك جانباً، وتغلب على شكوكك واطرد الأفكار السلبية وصف ذهنك وتحرر من القلق والشعور بالضعف، والإنسان – كما يُقال – حيث يضع نفسه.

"وما المرء إلا حيث يجعل نفسهُ ** ففي صالح الأعمال نفسك فاجعلِ".

ضرورة الضغط على نفسك والصبر والمجاهدة للنفس، واستشعار القدرة على النجاح وتجاوز كل العوائق والتحديات، ومما يسهم في ذلك تقوية الدوافع الإيمانية والأخلاقية لديك في تحقيق النجاح، والتخلص من الأخطاء والذنوب، والبعد عن أسباب وسائل المعاصي والشهوات المحرمات واتباع سفاسف الأمور.

على قدر قناعتك – أخي العزيز – بالغاية التي تطلبها في تحصيل طاعة الله ومحبته وجنته ورضوانه، والخوف منه ومن عقابه والحياء منه ورجائه، فإن الإرادة تزداد وتعظم وتسهل دونها كل الرغبات والمطامع والشهوات، "فمن خطب الحسناء لم يغله المهر"، وقد صح في الحديث : (ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة)، وما أجمل وأحكم قول المتنبي:

على قدر أهل العزم تأت العزائمُ ** وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها ** وتصغر في عين العظيم العظائمُ"

تريدين إدراك المعالي رخيصةً ** ولابد دون الشهد من إبر النحلِ".

لا أجمل وأفضل من اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، فاسأل الله تعالى التوفيق والسداد وأن يلهمك الصبر والحكمة والهدى، والنجاح والقوّة والصواب والرشاد، وفقك الله وزادك من فضله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا احمد مبارك احمد

    جزاكم الله خيرا والله المستعان

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً