الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اكتشفنا أن أمي تعاني من مرض الشك في الآخرين، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

اكتشفنا أن أمي تعاني من مرض البارانويا، أو الوسواس القهري المتعلق بالشك في الناس، وعلمنا هذا من قرائتنا لأعراضه على الإنترنت، وتوافقها مع ما تعاني منه.

هي منذ فترة أصبحت انعزالية بعض الشيء، وأصبحت تشعر أننا مراقبون، وهناك من يود أذيتنا، وحتى إنها عندما تفتح الهاتف تغطي وجهها لكي لا يتجسس عليها أحد، أو يصورها من خلال الهاتف، فهي قد قرأت أن الهواتف الحديثة بها إمكانيات تجسس عالية، ثم أصبحت تجلس في غرفة مظلمة وتغطي وجهها عند استعمال الهاتف.

أصبحت تشعر أنها أفضل من غيرها، وأصبحت تفتح المصحف وتكتب أشياء في ورق تظنه اختراعات، ثم أصبحت تظن أن العالم يريد سرقة تلك الأفكار، منها وأيضاً أنا وإخوتي نساعدهم، فأصبحت كلما رأتنا تقول لنا: إن الله سيحاسبكم وينتقم مما تفعلون بي، وتدعوا علينا أحياناً، وعندما نسألها وماذا نفعل؟ تقول: أنتم تعلمون!

هي لا تقبل النقاش عموماً، وفي الغالب ينقلب إلى مشكلة، ثم أصبحت تغلق الغرفة على نفسها، لا تريد لأحد الدخول في بعض الأوقات، هي وأبي على غير وفاق منذ زمن، وقد أصبح لا يأتي البيت إلا على العشاء، من ناحية لعدم الاحتكاك ببعضهم البعض، وأيضاً لكي لا تغلق غرفتها طول اليوم.

الموضوع يتطور كل فترة، فماذا نفعل؟ خصوصاً أننا عندما نخبرها ألا تجلس وحدها كثيراً تقول: إننا نريد أن نقول: إنها فقدت عقلها، وبالطبع لن توافق أن تذهب لطبيب، فقد أصبحت تشك في أي شيء يقال لها، فماذا نفعل؟ جزاكم الله خيراً.

ملحوظة: هي تأخذ دواءً للسعال أو الربو، بشكل يومي، يسمى "زيرتك" تقريباً، وأيضاً موضوع الشك بالناس هذا كان منذ صغرنا عندما كانت تنبذ أقاربنا، وتظن أنهم يحسدوننا، وفي الأخير جعلتنا نقطع علاقتنا بهم، وقد كانت دائمة الخلاف مع إخوتها وأمها، ولكنهم أيضاً كانوا مخطئين في أشياء كثيرة في حقها، لكن الموضوع تطور معها بشكل كبير في تلك السنة، وقد تركت عملها منذ عامين تقريباً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لوالدتك العافية والشفاء، الوالدة واضح أنها تعاني بالفعل من علة ظنانية شديدة، تصل لما نسميه بمتلازمة البرانويا أو الإيذاءات أو الضلالات.

أخي الكريم، هذه الحالة تعالج وتعالج بصورة ممتازة جداً، خاصة أن شخصية الوالدة شخصية جيدة، ولا زالت متماسكة، وقطعاً هي قد امتلكت مهارات كثيرة في الحياة، وهذا يساعدها لمقاومة هذا المرض.

لكن بشرط أن تتناول الدواء الذي سوف ينظم كيمياء الدماغ بالنسبة لها، هنالك أدوية معروفة جداً لعلاج هذه الحالات، منها عقار رزبيريادون، عقار آخر يسمى بليبريادون، عقار أولنزبين وكذلك عقار كواتبين، ومن الأدوية القديمة يوجد هلوبيردون واستالزين أدوية كثيرة مفيدة وفاعلة جداً.


أنا أعتقد أنكم يمكن أن تقنعوا الوالدة من خلال أن يتحدث معها شخص مؤثر في حياتها، لا تتحدثوا معها جميعاً شخص واحد يقول لها: نحن نلاحظ أنك مجهدة نفسياً، ربما يكون لديك شيء من الاكتئاب البسيط، لماذا لا نذهب إلى الطبيب وهكذا، بهذه الكيفية سوف تقنعونها إن شاء الله تعالى.

لا تتعرضوا لأفكارها ولا تناقشوها حولها، حاولوا بهذه الطريقة يتحدث معها شخص مؤثر، ونحن نسميه الشخص المفتاحي، أي الذي يفتح لها الطريق إلى الطبيب، إن شاء الله تعالى.

يكون هنالك اتفاق مع الطبيب قبل أن تذهب الوالدة تحكون له الأعراض تماماً، لأن ذلك سيسهل عليه كثيراً، وحتى إن رفضت أن تذهب إلى طبيب نفسي هنالك بعض أطباء الباطنية لديهم إدراك كبير لهذه الحالات النفسية.

يمكن لطبيب الباطنية أن يصف لكم عقار رزبيريادون مثلاً دواء فاعل سليم، أو دواء آخر لم أذكره مسبقاً هو الأريببرازوال أيضاً من الأدوية الممتازة، وقليلة الآثار الجانبية، فأقل شيء أن نقنعها بأن تذهب إلى الطبيب الباطني، والذي سيقوم بفحصها وإجراء الفحوصات العامة لها، وإن شاء الله تعالى من خلال ذلك يقنعها أن تذهب إلى الطبيب النفسي أو يصف لها أحد الأدوية التي ذكرناها، أو يمكن أن يستشير أحد زملائه من الأطباء النفسيين، ليخطره باسم الدواء الصحيح، وغالباً يكون أحد الأدوية التي ذكرتها.

أنا أعتقد ما دام لديها سعال أو ربو فهنا الذهاب إلى الطبيب الباطني أو طبيب الصدر سيكون سهلاً جداً، ولا أعتقد أنها سوف تقاوم ذلك.

بالنسبة لأفكارها العامة لا تناقشوها حولها، حاولوا أن تغيروا الموضوع حين تتكلم عن هذه الأفكار، واطلبوا منها أن تكثر من الاستغفار، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم.

لا بد أن تشعروها أيضاً بأهميتها كوالدة، وقطعاً لن تقصروا في برها أبداً، أرجو أن لا تتأخروا أبداً في علاجها، لأن هذه الحالة مزعجة جداً لكم ولوالدكم، ولكل من حولكم.

في ذات الوقت أنا متأكد أنها ستستجيب استجابة عظيمة جداً للعلاج، ما جعل الله من داء إلا جعل له دواء فتداووا عباد الله.

بارك الله فيكم وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً