الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو علاج الاضطراب ثنائي القطب من فضلكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوج منذ 20 عاما -ولله الحمد-, في بداية الزواج بدأت ألاحظ تصرفات غريبة نوعا ما على زوجتي, فهي أحيانا منشرحة ومرحة, وأحيانا عصبية ومتهورة, طبعا مع غيرة مبالغ فيها, ولكنني تماشيت مع الواقع وحاولت أن أسايرها, ولكن مع مرور السنين ازداد وضعها تعقيدا، وعصبيتها أحيانا أصبحت تسبب لي المشاكل.

كوننا -ولله الحمد- لدينا أربعة أولاد, فقررت أن أراجع طبيبا نفسيا برفقتها, طبعا رفضت الفكرة, وبعد تدخل أهلها وافقت, وشخص الطبيب حالتها باضطراب مزاج ثنائي القطب, ووصف لها علاجا لا أذكره لأنها بمجرد خروجها من العيادة مزقت الوصفة، ونعتتني بأفدح الأوصاف.

واضطررنا للسفر منذ حوالي سنتين لتركيا, وبمجرد وصولنا ازدادت حالتها، أحيانا تكون مبسوطة ومرحة، وأحيان تتمنى الموت وتطلب الطلاق, وبدأت تمارس مهنة الخياطة, أثناء أيام العمل تكون طبيعية, ولكن أيام العطل تكتئب وتدعو على نفسها بالموت، وتصبح عصبية جدا.

طبعا أيام الدورة الشهرية أيضا, تفقد أعصابها, حاولت إقناعها بمراجعة الطبيب، لكنها رفضت بشدة، واتهمتني بالجنون, وقطعا ترفض أي علاج, ما الحل معها، وهل يمكن أن أعطيها علاجا بالسر حتى تتحسن قليلا وتقبل زيارة الطبيب؟

وفقكم الله، أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أسأل الله تعالى لزوجتك الكريمة العافية والشفاء.

أخي الكريم: من الوصف الذي وصفته لهذه السيدة الكريمة، من المحتمل أنها تعاني بالفعل من بعض سمات الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية من الدرجة الثانية -أي الدرجة الخفيفة- وما دام التشخيص قد قام به طبيب في وقتٍ مضى فهذا يجعلنا مطمئنين للتشخيص، ويُعرف عن مرضى ثنائي القطبية بالرغم من اندفاعيتهم وعُرضتهم للتقلبات المزاجية الشديدة، إلَّا أنهم قد يتمتعون بدرجة كبيرة من الذكاء والقدرة على الإنتاجية في بعض الأحيان.

أخي: أنا أعتقد إقناعها يمكن أن يتمُّ -وأقصد بذلك إقناعها بالذهاب إلى الطبيب النفسي- من خلال شخص يكون مُقرَّبٌ لها، طبعًا أنت أقرب الناس إليها، لكن في بعض الأحيان الشخص قد يستمع ويستكين ويُقدّر رأي طفلٍ أو أي شخص آخر من الأسرة، أو خارج الأسرة، فإن كان بالإمكان تتحدَّث مع إحدى صديقاتها مثلاً، أو أحد معارفكم من الذين تثق بهم، وترى أنه بالفعل أنه قد يكون لديه تأثير إيجابي عليها لإقناعها بالذهاب إلى الطبيب، دون أن نقول لها (أنت مريضة)، يمكن أن يُقال لها: (نلاحظ أنه في بعض الأحيان يأتيك شيء من عسر المزاج فلماذا لا تذهبين إلى الطبيب ليقيِّم حالتك ويعطيك علاجًا مناسبًا إذا كان هنالك داعٍ لذلك).

فإذًا المحاولات يجب أن تستمر في إقناعها، ودائمًا المفتاح يكون من خلال شخصٍ ما، وشخصك الكريم يمكن أن تقوم بمحاولات مرة أخرى، وبشيء من التودُّد لها والكلمة الطيبة والكلام عن مآثرها وعن إيجابياتها ربما تستمع إليك، وإن فشل هذا فلا بد أن تبحث عن مَن يكون شخصًا مفتاحيًّا -كما نسمِّيه- يؤدي هذا الدور الكبير، وإن كان هنالك أحد من أهلها (مثلاً) أو تتواصل مع أحد أقربائها بالتليفون للتحدث معها، هذه أيضًا وسيلة جيدة.

بالنسبة لإعطائها الدواء سِرًّا: أنا لا أؤيد هذا في مثل هذه الحالة، أؤيده في الحالات الشديدة التي تمَّ تشخيصها بالفعل بواسطة الطبيب، وأقصد بذلك حالات الهوس أو الحالات الذهانية، وهنالك أدوية أُعِدَّتْ خصِّصًا لتُعطى في المحاليل، هنالك دواء معروف يُعرف باسم (زبركسا فلوتاب)، هذا الدواء أعدَّته شركة (لييلي) لمثل هذه الحالات، يمكن أن يُذوَّبَ ويُعطى للمريض، لكن لا أعتقد أن الشروط الإكلينيكية متوفرة في حالة زوجتك، وأنا أعرف أنك تتحرَّك بحسن نية ومن أجل مصلحتها، لكن لا أرى من الناحية الأخلاقية المهنية الطبية أننا يمكن أن نقدم على هذه المحاولة في الوقت الحاضر.

نسأل الله لها العافية والشفاء، ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً