الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أدخل معمعة الدراسة بهذا العمر وألتحق بميدان العمل بلا خبرة؟ انصحوني

السؤال

السلام عليكم.

عمري 25 سنة، وأرغب في دراسة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في تخصص دقيق لا يشغلني عنها أمور الحياة اليومية، وهذه الرحلة الدراسية ستكون على حسابي، وستكلفني عشر سنوات من عمري، أي سأصبح في عمر 35 سنة عند التخرج، ووقتها لن تقبلني أي جهة عملية لأني بلا خبرة، فهل هذا التفكير منطقي؟ وهل خططي جيدة؟

لا أرغب في الدراسة عن بعد، أو الدراسة مع عمل، فأنا أرغب في الخوض في البحوث والدراسات المتعمقة، وهذه تحتاج مني تفرغا كاملا، فهل هذا منطقي أن أكون بهذا العمر خريج غير مقبول في كثير من الوظائف، ولا خبرة لدي، وسريعا ما سيكون عمري 40 سنة.

فضلت العلم عن الزواج، علما أني تمنيت لو كنت قد أنهيت دراستي مبكرا وتزوجت وبدأت أحصد ثمار تعبي، والآن أصدقائي يتزوجون ويعيشون حياتهم، وأنا أكافح، وبعد كل ذلك فإن الشركات تريد خريجا بعمر 29 سنة وحاصل على الماجستير وليس بعمري 35 سنة!

لم يتحقق حلمي منذ كنت صغيرا لأني لم يكن لدي عزيمة، واليوم أنا أصر على تحقيقه، ولكني أمر باكتئاب وإحباط، وأخشى أن أتراجع، فلقد أصبحت مهزوزا ضعيفا، أعاني من عقدة العمر بعد التخرج، فما رأيكم، هل أدرس وتضيع سنوات عمري في الدراسة والغربة، ثم بدء الحياة الوظيفية بلا خبرة ولا منصب؟

ولا أدري هل سأفرح بشهادتي، أم أتحسر على شبابي الضائع في الغربة، وإذا لم أدرس سأتوظف براتب زهيد، وأنا لدي طموح أستطيع تحقيقه نسبيا، لكني مصاب باكتئاب، ولم يعد يهمني شيئا، علما أني تعرضت للتهكم والتحطيم والتشكيك منذ الصغر، والآن أتيحت لي الفرصة لأثبت نفسي.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجهول حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- بارك الله فيك – أخي العزيز – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع, سائلاً الله تعالى أن يمن عليك بالعافية والنجاح والتوفيق والسداد ويلهمك الصبر والحكمة والصواب والرشاد.

- من الواضح أن ما ذكرته من تعرضك في صغرك للتهكم والتحطيم والتشكيك ممن حولك وممن كان يجب عليهم دعمك المادي والنفسي، -وللأسف غفر الله لهم- هو السبب فيما تمر به من حالة اكتئاب, وهذه الحالة أيضاً هي السبب فيما تعانيه من مشاعر الضعف والاهتزاز والإحباط، كما أنها هي التي تقف أيضاً وراء هذه الأسئلة والإشكالات الوهمية، والتي إن لم تضع لها حداً قد تسهم - والعياذ بالله – في انقطاع دراستك ومستقبلك وراحتك النفسية.

- لذا فإني أنصحك بالتجاهل والتغافل لماضيك المؤلم وما تخلله من مواقف وأحداث مؤلمة, وعدم الانشغال والالتفات والمبالاة لهذه الأسئلة غير الواقعية والعلمية, والمضي بكل ثقة وأمل وتفاؤل وطموح في تحصيل مصالحك الدينية والدنيوية من تحصيل دراساتك العليا والأكاديمية, أو الإقبال على طلب العلم والعبادة.

- يمكنك إذا تحليت بهدوء النفس والحزم أن تجعل من ذلك الماضي المظلم مناراً في الإقبال على مستقبلك المشرق, كمن يجعل من الليمون الحامض شراباً حلو المذاق, وذلك باستحضار طبيعة الحياة الدنيا وأنها طُبعت على الابتلاء فلا يخلو إنسان من المتاعب والمصاعب في ماضيه أو حاضره أو مستقبله, واستحضار عظيم الثواب والجزاء في الصبر على البلاء والإيمان بالقدر والرضا بالقضاء.

- أنصحك بالإقبال على الله تعالى بالدعاء وملازمة الأذكار وقراءة القرآن والصلاة والصدقة والصحبة الطيبة ومتابعة الدروس والخطب والمحاضرات والبرامج والقراءة المفيدة.

- ضرورة الحزم مع نفسك في مواصلة دراستك بكل ثقة لإثبات نفسك -كما ذكرت-، ودفع وساوس النفس والهوى والشيطان -وفقك الله وقواك-.

- من الجيد الزواج المبكر إذا توفرت لديك ظروفه المادية, وفي حال عدم توفرها فلا ينبغي أن يصرفك ذلك على مواصلة دراستك والإقبال على مصالحك الدينية والدنيوية, وأحسن الظن بربك أن يُهيئ ويحقق لك آمالك وأمانيك الطيبة, والمهم أن تكون مع الله ليكون الله معك.

- كما وأوصيك بمراجعة الطبيب النفسي المختص لمعالجة حالة الاكتئاب لديك شفاك الله وعافاك (تداووا عباد الله ؛ فإن الله ما أنزل داءً إلا جعل له دواءً).

أسأل الله تعالى أن يفرج همك ويمن عليك بالعفو والعافية والعفة والسعادة والنجاح في الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً