الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرضت في صغري لحادثة سببت لي رعشة مستمرة، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم

تعرضت في صغري لحادثة خفت فيها كثيراً، وأصبت برعشة شديدة في كامل جسدي. الآن بعد مرور سنوات عديدة لا زالت لدي رعشة خفيفة في كامل جسدي، هل يوجد علاج لها؟

جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Esraa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والمعافاة، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

هناك حقيقة علمية أودُّ أن أوضِّحها لك في بداية إجابتي على استشارتك، وهذه الحقيقة هي: إن الخوف والمخاوف سلوك إنساني مكتسب ومتعلَّم، يعني أن الإنسان لم يُولد وهو خائف، على العكس تمامًا الله تعالى هيأ أجسادنا وتكويننا الإنساني على أن تكون متوائمة مع الحياة، ومتناسقة دون خوفٍ أو وجلٍ.

الخوف البسيط والمعقول مطلوب كظاهرة نفسية وسلوك اجتماعي إيجابي جدًّا؛ لأن الذي لا يخاف لا يحمي نفسه، وكذلك بقية المظاهر السلوكية الأخرى كالقلق مثلاً، فالذي لا يقلق لا ينتج، الذي لا يوسوس لا ينضبط، لكن يجب أن تكون بكمية وفي حيِّزٍ معقول.

أنتِ مررتِ بتجربةٍ صعبةٍ –كما ذكرتِ– في مرحلة الطفولة الأولى، ويُعرف أن الطفل بطبعه يخاف، يخاف مثلاً من الظلام، يخاف من أصوات الرعد والبرق، يخاف من الحشرات...وهكذا، فالقابلية أصلاً لديك في تلك المرحلة العمرية، وحدث هذا الحادث أو الموقف الذي ذكرتِه، ومن ثمَّ ترسَّختْ وتجسَّدتْ هذه الحادثة في عقلك الداخلي أو عقلك الباطني على مستوى اللاشعور، وبعد ذلك بدأت تظهر لديك الآن في شكل أعراضٍ جسدية كرعشة خفيفة في كامل جسدك.

أرجو أن أكون قد أوفيت الشرح المعقول؛ لأن فهم الأمور النفسية والسلوكية يُسهِّلُ على الإنسان كثيرًا علاجه.

ما دام الخوف مكتسباً ومتعلَّماً فيمكن أن يُفقد، كل شيء متعلَّم يُفقد، وكلَّ شيء مكتسب قد يُفقد، حتى المال، وذلك من خلال ما نسميه بالتعليم المضاد أو التعليم المعاكس، وفي حالتك مجرد فهمك لحالتك سيُساعدك –كما ذكرتُ لك– وتذكري أنك قويَّة نفسيًّا وجسديًّا، وفي بدايات سِنِّ الشباب، فليس هنالك ما يجعلك تكونين عُرضة للخوف، وعليك فقط بممارسة بعض التمارين الرياضية التي تناسب الفتاة المسلمة، كما أريدك أيضًا أن تتدربي على تمارين الاسترخاء –تمارين التنفُّس التدرُّجي على وجه الخصوص– مفيدة جدًّا، وإسلام ويب أعدَّت استشارة رقمها (2136015) أرجو أن تطلعي على محتوياتها وتطبِّقي ما ورد فيها، وإن شاء الله تعالى ستجدين فيها نفعًا كبيرًا جدًّا، وهذه التمارين سوف تزيل عنك القلق الداخلي.

أريدك أيضًا أن تكوني إنسانة اجتماعية في حدود الضوابط الإسلامية، وأن تكوني إنسانة ذات همَّةٍ عالية، انهلي من العلم ومن الدين، وتواصلي مع أسرتك ومع الصالحات من النساء، وابني شخصيتك بناءً إيجابيًا. برَّ الوالدين أمر عظيم يُنزِلُ على الإنسان الكثير من الطمأنينة والأمان.

هذا هو الذي أنصحك به، ولا مانع أيضًا أن تذهبي إلى طبيب حتى وإن كان الطبيب طبيبًا عموميًا، وتقومي ببعض الفحوصات الطبية العامّة، وعلى وجه الخصوص: تأكدي من مستوى هرمون الغدة الدرقية، لأنه في بعض الأحيان زيادة هرمون الغدة الدرقية قد يؤدي إلى رعشة بسيطة في الجسد.

أريدك أيضًا أن تتناولي أحد مضادات القلق البسيطة، وعقار (تفرانيل) والذي يُسمَّى علميًا (إمبرامين) سيكون عقارًا جيدًا، وهو مضاد للاكتئاب، لكنه بجرعة صغيرة يُعالج القلق أيضًا، والجرعة هي خمسة وعشرون مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناوله.

هنالك دواء آخر يُسمَّى تجاريًا (إندرال) ويسمَّى علميًا (بروبرالانول)، تناوليه بجرعة عشرة مليجراما صباحًا لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً