الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع زوجتي وهي لا تريد أن تسكن معنا؟

السؤال

السلام عليكم
أرجو منكم قراءة الموضوع كاملاً، وإبداء النصيحة، وجزاكم الله خير الجزاء.

أنا شاب متزوج منذ ما يقارب 4 سنوات، لدي بنت بعمر سنتين، وزوجتي حامل، وهي بنت عمي، وقد سهل لي عمي موضوع العرس ودعمني بكل شيء بل ولم يطلب مني مهراً لابنته، فزواجنا كان تقليدياً جداً، وغير مبني على الحب.

أما بالنسبة لي فإني لا أرتاح لبيت عمي كثيراً لما أراه فيهم من قلة التدين وزيادة الانفتاح، وقد تزوجت إرضاء لوالدي وعمي وجبراً لخاطرهما، وقد سكنت زوجتي في بيت والدي من بعد العرس لمدة سنتين وحصلت بين زوجتي وأهلي عدة مشاكل فقررت أن آخذها إلى المدينة درءاً للمشاكل، وسكنا في بيت بالإيجار قريباً من مكان العمل أملاً في أن تتحسن علاقتنا ببعضنا.

الأمر ازداد سوءاً، وعلاقتنا ساءت أكثر، فزوجتي دائماً متذمرة، وتقول: إني لا أحبها وبأني تزوجتها بالقوة، وليس عن حب وأنها غير مرتاحة، وبأني غير مهتم بها وبصحتها، حيث أنها كثيراً ما تشكو من الأمراض، وحالتي المادية لا تسمح لي أن أعالجها بسبب الغلاء.

إنها تريد مني أن أرجعها إلى القرية ولكنها تريد أن تسكن في بيت والدها، وهذا أمر أرفضه رفضاً قاطعاً، فلا هي التي سكنت معي في بيتي القريب من مكان العمل، ولا هي سكنت في بيت والدي الذي في القرية حيث قد بنيت لها غرفة وحماما مستقلين، ولا تشترك مع بيت والدي إلا بالمطبخ.

في بعض الأحيان تطلب مني أن أتركها في سبيل حالها وأتزوج بأخرى، متعللة بأنها لم تقدر على إسعادي، ولو تزوجت بأخرى غيرها وتركتها فسأعيش حياة هانئة حسب تعبيرها.

لا أخفيكم أني لا أحبها كثيراً ولكني لا أريد أن أنهي علاقتي بها أملاً في أن تتحسن علاقتنا في المستقبل، ولأن بيننا أولاد.

هي تريد مني أن أنهي هذه العلاقة بأي طريقة، فهي غير مكترثة لموضوع الطلاق، وقد رفضت أن تسكن في بيت والدي، ولا تريد أن تسكن في بيتي القريب من مكان العمل، بل تريد أن تعود إلى بيت والدها وتسكن هناك.

هل بإمكانكم أن تدلوني على طريقة للخروج من هذه المشكلة؟ أفيدونا، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا لا أستسيغ وصف الزواج بأنه زواج تقليدي، لأنه هو الزواج الذي أمر الله به، أما بناء علاقة حب قبل الخطوبة وبعدها خارج إطار الزوجية فأمر مخالف للشرع، فالحب والمودة قد تكفل الله تعالى به، ويقذفه في قلوب الزوجين بمجرد حصول العقد، وجعل ذلك آية من آياته، فقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

تدين الناس لا يقاس بما عليه الشخص، ولا يصلح أن يجعل الإنسان نفسه ميزاناً يحكم من خلاله على الناس، ثم إن التدين يقبل من الناس ولو كان بالحد الأدنى، ومن هنا تأتي مسئوليتنا في النصح والتناصح، وستكون أكثر قبولاً من الشخص الذي له ارتباط بهذا الشخص أو العائلة، والنصح واجب على كل مسلم، فهل قمت بما أوجب الله عليك؟!

إن رمي التبعات على الآخرين أمر سهل، والكل يحسنه، وأمر زواجك قد تم، ولا يصلح أن تتعلل بأن ذلك كان إرضاء لوالدك وللعمل، وعمك قد أحسن إليك غاية الإحسان، فما ذنب هذه المرأة بالله عليك؟!

لها الحق أن تصارحك بما تحس من أنك لا تحبها، ويبدو أن تصرفاتك أصبحت واضحة في جفاف المشاعر نحوها.

أقول أيها الأخ الحبيب: اتق الله في زوجتك وأم أولادك، فهو حبيسة عندك، وها أنت تراعي مصلحة أولادك ولا تراعي مصلحتها، فإن كنت تريدها أن تبقى مربية أولادك فأعطها حقها من الحب والحنان والعطف، وقم بواجبك على أكمل وجه، ولو مجاملة، وأشعرها بالطمأنينة ولا تجعلها تعيش معك بقلق دائم.

المرأة كتلة من العواطف وإشباع عاطفتها أهم عندها من إشباع بطنها بل أهم عندها من العلاقة الحميمية، فهل تستجيز لنفسك أن تعامل بمثل ما تعاملها به.

انظر إلى عواقب الأمور وإلى حياة أولادك واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وتأن في أمرك ولا تتعجل فالتأني من الله والعجلة من الشيطان كما ورد في الحديث.

هناك رسائل سلبية هي التي أثرت على نفسيتك، ومن أهمها أن زواجك كان تقليداً، ولم يكن مبنياً على حب مسبق، وما تحمله على أسرتها، وهذا ما جعل عقلك يستقبل تلك الرسائل فنتج عن ذلك خمود جذوة حبك لزوجتك فأنصحك أن تنظر إلى صفاتها الجميلة، وما أكثرها وتغمر ما تراه من صفات سلبية في بحر حسناتها فإن فعلت بذلك أينع حبها في قلبك وأثمر وعاد ماء الحياة إلى شجرة حبها فصارت أوراقها وفروعها مدهامة من كثرة الري بعد أن أوشكت على اليبس وبدأت وردود الثمار تظهر من تحت كل ورقة.

أنصحك أن تجلس مع زوجتك جلسة ودية وتقدم لها اعتذارا عما حصل فيما مضى وتبدأ معها صفحة جديدة وأنا على يقين أنها ستقبل منك الاعتذار وستبادر لفتح صفحة جديدة.

الشيطان حريص على التفريق بين الزوجين وينفث في هذا الاتجاه وما من أمر أحب إليه من أن يأتيه الخبر بأن فلانا طلق زوجته.

طلبها للطلاق قد لا يكون صادرا من قلبها وإنما لجس النبض عندك فلو أنك قلت لها كيف أتخلى عنك وأنت قطعة مني وحبيبة قلبي وأم أولادي؟ وتكلمت معها بكلام عاطفي لرأيت تهلل محياها من الفرح لكن سكوتك يؤكد لها صدق مشاعرها.

تضرع بالدعاء مخلصا بين يدي الله تعالى وأنت ساجد وسل الله تعالى أن يقذف في قلبك حب زوجتك وأن يذهب عنك الشيطان ووساوسه وكن على يقين أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وأكثر من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

الطلاق ليس حلا وأخشى ما أخشاه لو وقع الطلاق أن تندم أشد الندم على ذلك ولات ساعة مندم وقد لا توفق في زواجك بعد إن ظلمت هذه المرأة.

أكثر من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فذلك من أعظم أسباب تفريج الهموم والكروب يقول عليه الصلاة والسلام: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في قضيتك هذه أو في غيرها، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • جويانا الفرنسية ابو جودي

    جزاكم الله خير الجزاء ، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم ، وأثابكم الله على توفير هذا الموقع وجعله متاحا لجميع الناس.

    أود احاطتكم علما بإني لا أرغب في طلاق زوجتي ابدا وقد أتزوج زوجة أخرى لكنني لن أطلقها إن شاء الله. ولكنها هي التي تطلب مني ذلك. تريد ان أتزوج بأخرى بينما هي لن تظل معي كزوجة أولى.محتجة بإنها لم تقدر على اسعادي وأنه لو تزوجت بأخرى فقد أسعد كثيرا.وكذلك فهي كثيرة المن وتشعرني دائما بأنها غير مرتاحة معي ولا تريد أن تغير من طبعها أبدا حتى تتناسب معي.وهي أيضا تشكو كثيرا من المرض ووضعي المادي لا يسمح لي بمعالجتها.
    كذلك موضع البيت. لا تريد ان تسكن معي في بيتنا القريب من مكان العمل. وكذلك لا تريد أن تسكن في بيت والدي الذي في القرية حيث قد خصصت لها غرفة وحمام مستقلين. وإنما تريد أن تسكن في بيت والدها هي وهذا أمر أرفضه بشدة. حيث أني أكره أن تعيش في بيت والدها وأن يتربى أولادي هناك.
    أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً