الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس الموت والخوف يسيطر على تفكيري!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ حوالي سنتين أصابني وسواس وخوف دائم من دون سبب، ولكن بفضل الله ثم نصائحكم شفيت منه، ولكن منذ فترة عاد لي هذا الوسواس، وصرت أخاف من أي شيء، وأقول: إن هذا إنذار، أي: أشعر أن شيئا يسيطر على تفكيري لا أستطيع معرفة ما هو!

ذهبت إلى أحد المشايخ، فقال لي: إن هذه قرينة متسلطة علي. دائما هناك شيء سيء يسيطر على تفكيري، مثل وسواس الموت والخوف، وأشعر بضيق نفس، وعصبية كثيرة. أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

هذا الذي تعانين منه هي علة معروفة، وفيما سبق قدَّم لك الشيخ موافي عزب –جزاه الله خيرًا– الكثير من الإرشاد، فأرجو الرجوع مرة أخرى لما كَتَب الشيخ، ومحاولة الاستفادة ممَّا أرشدك إليك ونصحك به.

ومن ناحيتي أقول لك: الذي تعانين منه هو نوع من قلق المخاوف الوسواسي، والحالة قطعًا تُعالج من خلال تحقير الأفكار وتجاهلها والتغافل عنها، واستبدالها بفكرٍ جديد، وعدم الخوض في نقاشها أو إخضاعها للمنطق؛ هذه هي المبادئ العلاجية. كما أنه يجب تجنب الفراغ؛ لأن الفراغ الذهني أو الفراغ الزمني يؤدي إلى كثير من استشراء الوسواس واستحواذه وتمكّنه.

فإذًا: حُسن إدارة الوقت مطلوبة، تطبيق بعض التمارين الاسترخائية، وكذلك التمارين الرياضية سوف تفيدك، وأن تطوري ذاتك. الحمد لله أنت زوجة ولديك مسؤوليات، وتواصلك الاجتماعي ومهاراتك الأسرية يجب أن تكون متطورة، وهذا يفيدك كثيرًا.

الذي ذكره لك الشيخ من أن هنالك قرينا متسلطا عليك: فالله خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين، والإنسان له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله، وما هم بضارين به من أحدٍ إلَّا بإذن الله، والشيطان أو الجن ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون، فاعملي بمقتضى هذه الآيات، وتكون لك النجاة بإذن الله من كل تسلط.

ولتكوني أكثر اطمئنانًا؛ احرصي على صلاتك في وقتها، وعليك بالأذكار والدعاء والرقية الشرعية، وتلاوة القرآن الكريم؛ هذه إن شاء الله تبعث فيك طمأنينة كبيرة وحفظًا بإذن الله تعالى من كل شيطان وهامَّة.

أنت محتاجة لعلاج دوائي بسيط، أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف سوف تفيدك كثيرًا، هنالك عقار (زيروكسات CR)، ويُسمَّى علميًا (باروكستين)، أراه مناسبًا جدًّا، ابدئي بجرعة صغيرة، وهي 12.5 مليجراما يوميًا، لمدة شهرٍ، ثم اجعليها 25 مليجراما يوميًا لمدة شهرين، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، ثم خفضي الجرعة واجعليها 12.5 مليجراما يوميًا كجرعة وقائية، واستمري عليها لمدة شهرين، بعد ذلك ابدئي في التوقف التدريجي من الدواء بأن تجعلي الجرعة 12.5 مليجراما يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم اجعليها 12.5 مليجراما مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

لابد أن يكون التوقف من الزيروكسات تدريجيًا؛ لأن التوقف السريع والمفاجئ قد يؤدي إلى بعض الآثار الانسحابية، والتي تظهر في شكل قلق وتوتر ونوع من الدوخة في بعض الأحيان. هذا لن يحدث لك إنِ اتبعت الطريقة التي ذكرتها لك.

الدواء سليم، ودواء فاعل، ولا يُسبِّبُ الإدمان، وليس له ضرر على الهرمونات النسائية، فقط ربما يفتح الشهية قليلاً نحو الطعام، فإن حدث لك شيء من هذا؛ فأرجو أن تُنظمي طريقة تناولك للأكل.

توجد أدوية بديلة أخرى مثل الزولفت أو السبرالكس، لكن أعتقد أن الباروكستين سيكون أنسب في حالتك، وإن تمكنت أن تذهبي إلى طبيب نفسي؛ فهذا سوف يكون مرتبة أعلى في العلاج والإرشاد.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً