الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وساوس وأفكار أتدواى منها فتذهب ثم تعود.

السؤال

السلام عليكم.

أهلاً وسهلاً د. محمد عبد العليم.

أنا شاب أعزب، موظف بعمل مكتبي، ولي تأريخ طويل يصل لعشر سنوات مع الاكتئاب والخوف والقلق، وذلك بسبب ظروف قاسية ومواقف في فترة مبكرة من حياتي.

بدأت تلك الأعراض تقريباً في 16 من العمر، بقلق وخوف لدرجة أني لم أكن أضحك من قلبي، ولكن اعتقدت أن هذا مس شيطاني ولم أعالج منه رغم معاناتي الشديدة، خصوصاً في أول سنتين في التعليم الجامعي.

في 26 من عمري أصابتني آلام في الصدر وضيق في التنفس، وعندما ذهبت لطبيب الباطنية قال: أنت تعاني من قلق واكتئاب، ووصف لي سيبراليكس، وأخذته بالتدريج والحمد لله، ذهب عني 90 ٪ من الأعراض السابقة، وشعرت بأني ولدت من جديد، وذهبت أعراض الضيق، وظل عندي عرض واحد وهو وساوس وأفكار تؤدي إلى الغضب، بعضها مواقف حقيقية قديمة والآخر من نسج الخيال!

علماً أن هذه الوساوس لم تكن قوية قبل أخذي لدواء السبراليكس، أو ربما كان الخوف والقلق الدائم لا يجعلني أحس بها، ولكن الوساوس ازدادت خلال سنة وصارت تأتيني أفكار لمواقف قديمة، وبعضها خيالية تؤدي بي إلى الغضب، فيتعكر مزاجي وتنتفخ أوداجي إلى درجة أصابتني نفس آلام الصدر السابقة، بل وضعفت ذاكرتي وقل تركيزي، والحال يزداد سوءاً، فما الحل؟

علماً أني حاولت مراراً التصالح مع نفسي وتمكنت قليلاً من تخفيف الوساوس والأفكار لكنها تعود بشكل أقوى، وأنا شخص ملتزم ومحافظ على الأذكار، والحمد لله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

هنالك بوادر تشير إلى أنه لديك بعض الاستعداد للقلق والخوف، وهذا قد ينتج عنه عسر في المزاج، وأنت كنت تراجع الطبيب فيما مضى، وطبيب الباطنية ذكر لك أنك تعاني من قلق واكتئاب، ووصف لك السبرالكس، وكان السبرالكس مفيداً، والسبرالكس بالفعل هو دواء بسيط جداً وسليم ومفيد، ويعالج حالات كثيرة على رأسها القلق والخوف والاكتئاب، وحتى الوسواس.

أيها الفاضل الكريم، أنت لا زلت تعاني من الوسواس، وازدادت لديك الانفعالات خاصة الغضب، وآلام الصدر التي نتجت من الحالة النفسية قطعاً ناتجة من القلق والتوتر، لأن التوتر النفسي يؤدي إلى توتر عضلي وأكثر العضلات تأثراً هي عضلات الصدر.

أخي الكريم، أريدك أن تنظر للأمور عامة بصورة أكثر إيجابية، وأن تعبر عن مشاعرك، فالاحتقانات النفسية والكتمان وعدم فتح محابس النفس من خلال تعبير الاجتماعي السليم يؤدي إلى ثورات من القبض والقلق الداخلي لدى بعض الناس.

أخي الكريم، عبر عن نفسك، عليك أيضاً بتفعيل التواصل الاجتماعي الإيجابي والممتاز، عليك بممارسة الرياضة بانتظام، وعليك بتطبيق تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس التدرجي، أعتقد أن هذه آليات علاجية مهمة جداً، وإن جعلتها نمط حياتك أعتقد أن التحسن سيكون أكثر ثباتاً، لأن العلاجات السلوكية والاجتماعية بالفعل هي التي تؤدي إلى كمال العافية والشفاء إن شاء الله تعالى.

الدواء يساعد لكن مساعدة الدواء غالباً ما تكون وقتية، بمعنى أننا إذا لم ندعمه بما هو سلوكي واجتماعي وبصورة إيجابية بعد التوقف من الدواء؛ تنتكس حالة الإنسان.

أنا لا أعرف إن كنت أنت لا زلت تتناول السبرالكس أم لا، هذا غير واضح لي، وإن كنت تتناوله أقول لك: استمر عليه فهو دواء جيد، وجرعة 10 مليجرام قد تكون كافية في حالتك، وعليك أن تدعمه بدواء آخر وهو الديناكسيت مضاد رائع للقلق يمتص القلق بصورة فاعلة، وأنت تحتاج أن تتناول الديناكسيت بجرعة حبة واحدة صباحاً لمدة شهرين، بعد ذلك تتوقف عن تناوله وتستمر على السبرالكس، أسعدني أنك محافظ على الأذكار وعلى الصلاة قطعاً في وقتها وتلاوة شيء من القرآن.

نحن الحمد لله تعالى مقبلون على موسم الخيرات وعلى شهر الصيام، وهذه فرصة عظيمة، لأن نروض أنفسنا ونجعلها تكون أكثر إقداماً وانفتاحاً وقبولاً للخير.

أخي: إن شاء الله أنت بخير، وتطوير نفسك أيضاً على الصعيد المهني سيساعدك جداً، لأن ذلك يساعد الإنسان اجتماعياً، وهذا كله إن شاء الله تعالى يصرف انتباهك من القلق والتوتر، وسيتحسن المزاج بل يتحول القلق إلى قلق إيجابي.. بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً