الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي الشاب يعاني من اضطراب ثنائي القطب، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أخي ذو الربيع الثامن عشر تغير كثيراً منذ سنة، وأصبح يقوم بتصرفات طائشة، مثل إضرام النار في الطريق، والمشاجرات مع الناس، ومعاكسة الفتيات! ثم بعد كل هذه المشاكل لازم المنزل ولم يخرج منه بتاتاً، مع إلحاحنا عليه كثيراً، بل ورفض الذهاب لطبيب نفسي، وبقى على ذلك لستة أشهر، ثم بعدها حدثت المعجزة وخرج من المنزل ففرحنا كثيراً، لكن فرحتنا لم تدم حيث أصبح مصدر إزعاج لنا كثيراً بخصوماته ومشاكله اليومية مع الناس، وطلبه للنقود من أناس غرباء.

المهم أنه رجع مثل ما كان سابقاً وأسوأ، وأصبحنا لا نطيقه حتى أخذناه لمستشفى الأمراض العقلية، وعند مقابلته للطبيبة قام بتصرفات غريبة كالضحك والاستهزاء بالطبيبة، وزعمه أنه يتمتع بقوة خارقة، وأطلق على نفسه اسم أحد رموز البطولة.

تم تشخيص حالته بأنه مصاب بالاضطراب ثنائي القطب، ولا أدري إن كان التشخيص صحيحاً أم لا؟! وقررت الطبيبة إبقاءه بالمستشفى.

أريد أن أعرف ما هو سبب الحالة والمرض؟ هل المخدرات تلعب دوراً؟ علماً أنه جربها فقط ولم يدمن عليها، وجرب كذلك أحد الأقراص المهلوسة.

كذلك تعرض للضرب بعد دخوله بشجار، ممكن يكون تأثر بالظلم فأصيب بالمرض؟
هل مكوثه بالمستشفى مع المجانين يؤثر على حالته سلبياً؟ وهل هناك أمل في الشفاء تماماً من المرض؟

هل تأخرنا بأخذه للطبيب بسبب ضرره؟ علماً أنه لما كان بالمنزل لمدة 6 أشهر لم يقم بأي تصرفات سلبية.

أرجو الإفادة، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا على ثقتك في إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر أخيك هذا، وأسأل الله تعالى الشفاء لهذا الابن.

وصفك وصف جيد للحالة، وبالفعل يظهر أن هذا الابن – حفظه الله – يُعاني من تقلُّباتٍ مزاجية شديدة ذات طابعٍ قُطبي، وهنالك قطب هواسيٍّ انشراحيٍّ، وحدث لديه أيضًا ما نُسمِّيه بالقطب الاكتئابي الانعزالي.

ما بدر منه أمام الطبيب دليل قاطع على أنه يُعاني من نوبة هوسيَّة في ذاك الوقت، وهذا نُسمِّيه بالقطب الانشراحي للاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وحين كان مُنعزلاً كان في مرحلة القطب الاكتئابي، وحتى التصرفات الانحرافية والشِّجارات وإضرام النار أعتقد أنها جزء من الحالة المرضية التي يُعاني منها.

نعم بقاؤه في المستشفى ضروري، وهذه الحالة تُعالج بصورة ممتازة جدًّا، بشرط أن يكون هنالك التزام قاطع بتناول الدواء، وأن يُتابع مع الطبيب حسب المواعيد المقرَّرة.

بالنسبة للمخدرات: تُثير المرض ولا تكون سببًا فيه، وحتى تكون الأمور واضحة: الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية غالبًا هو مرض بيولوجي، المؤثّرات الخارجية لا تُسبِّبُه، لكنها قد تزيد من حدته وشدته وتُقلِّلُ من فرص التعافي.

هذا الأخ إذا تناول الدواء والتزم به بمساعدتكم طبعًا، وأن تحاولوا أن تساعدوه بقدر المستطاع ليعيش حياة طيبة ومعقولة، ويبتعد عن التعاطي لأي مخدّر، وأن تكون صحبته طيبة، أعتقد أنه يمكن أن يكون في وضعٍ نفسي ممتاز.

وجوده بالمستشفى لن يؤثّر عليه سلبيًّا – أخي الكريم – لأن الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية هو من أشد الأمراض، فحتى إن كان في المستشفى مَن ابتُلوا بأمراضٍ شديدةٍ فهو لا يقلّ عنهم أبدًا، ومعظم هؤلاء المرضى حين يحسُّون بالتحسُّن – ومنهم هذا الابن طبعًا – يستشعرون بالاستبصار ويرتبطون بالواقع، وعليه يُقدِّرون أن إدخالهم المستشفى كان أمرًا صحيحًا.

لا أعتقد أنه يوجد تأخير شديد في الذهاب به إلى الطبيب.

التدخل المبكر مفيد أكثر، وكذلك الالتزام بالعلاج، فأنا في حالته لا أرى أن هنالك تأخُّرًا شديدًا، وإن شاء الله تعالى هذا لن يؤثّر عليه سلبيًّا.

لا أعتقد أن الوقاية من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية ممكنة، هو مرض آتٍ، لكن قطعًا هنالك بعض المسبِّبات التي ربما تُعجّل به، يعني مثل تناول المخدرات مثلاً.

أكرر مرة أخرى – أخي الكريم – أن هذا الشاب نسبةً لصغر سِنِّه يجب أن نكون على درجة عالية جدًّا من اليقظة في رعايته ومراقبة علاجه ومتابعته مع الأطباء، وأن تؤهِّلوه في الحياة بقدر المستطاع.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً