الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدعو على خاطبي لأنه تركني وكسر قلبي، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم.

منذ قرابة ستة أشهر تعرفت إلى أحد الشباب، ولكن هذا الشاب كان على علاقة بأخرى، وقد حلف لي بأنها هي من تلاحقه، وهو لا يريدها، وهي للعلم متزوجة، وأصبح يرجوني لأساعده في التخلص من تلك العلاقة، أنا صدقته وأشفقت عليه؛ لأنه كان في كل مرة يتكلم عنها يبكي.

ساعدته حتى تخلص من تلك المرأة، وخطبني، وبعد فترة أصبح بيننا الكثير من المشاكل لأنه بدأ يتغير معي، وبدأ يختلق المشاكل، ومعاملته اختلفت جداً، إلى أن جاء يوم وقال لي إنه لا يريد الزواج، ولا يستطيع، ولا يريد إنجاب الأطفال، وهو غير مقتنع بذلك، وأنه لا يريد أن يظلمني.

وضع حججاً كاذبةً لقطع العلاقة، وجرحني جداً وكسر قلبي، وانفصلنا.

سؤالي الأول: أنني أدعو على هذا الشخص ليلاً ونهاراً، ولا أستطيع مسامحته أبداً؛ لأنه كذب عليّ، واستخدمني أداة لتحقيق غرض ثم تركني بلا أي سبب، فأنا أعتبر هذا الشخص ظلمني جداً، فهل يجوز أن أدعو عليه؟ علماً أني أشعر ناراً في قلبي لا يطفئها إلا الدعاء عليه.

أما السؤال الثاني هو: أنه قبل الفراق بثلاثة أيام بدأت أشعر بالأرق والتعب الدائم وعدم القدرة على النوم، وخفقان في القلب، وحرارة في الجسد، وطنين في الأذن، وهذه الأعراض ليس لها أي سبب عضوي، وهذه الأعراض ما زالت مستمرة، فأريد التأكد أنني لست مصابة بسحر، وأريد التأكد من أن تلك المرأة لم تسحرني أو تسحره، أريد أن أجزم هل هذه أعراض نفسية أم أعراض سحر؟ وكيف أكشف السحر؟

علماً أن الأعراض بدأت عندما كانت علاقتي بخاطبي السابق جيدة، وليس هنالك ضغط نفسي.

أثابكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بيان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحباً بك -أختنا الكريمة- ورداً على استشارتك أقول:

- من المخالفات التي تقع فيها كثير من الفتيات إنشاء علاقة مع شباب خارج إطار الزوجية، بغض النظر عن تلك العلاقة؛ لأن القلب يتعلق بالشخص ويحبه، وبعض الشباب إنما يفعل ذلك إما للتسلية أو لغرض قذر، فإن لم يقدر على تحقيقه ترك تلك الفتاة بعد أن تعلقت به.

- كثير من الشباب يتقنون التمثيل على الفتيات قليلات الخبرة والتجربة، ونظراً لبراءتهن يقعن في الفخ سريعاً، والموفقة من حماها الله من شر أولئك الذئاب البشرية.

- ينبغي على الفتاة المؤمنة أن تترفع عن أن تكون طالبة، تلهث وراء العلاقات مع أي شاب خارج الأطر الشرعية؛ فالإسلام يريد من الفتاة ألا تذل نفسها، وأن تكون مطلوبة لا طالبة.

- من أراد الزواج بأي فتاة فليأت البيوت من أبوابها لا أن يتسلق جدران البيوت.

- الخاطب لا يزال رجلا أجنبياً بالنسبة للفتاة، فلا ينبغي أن تختلي به أو تخرج معه، أو تبادله الكلمات الغزلية وما شاكل ذلك.

- لعل الله صرفه عنك لعلمه أنه غير صالح لك وكفاك الله شره، فلا تحزني، فكم من أمر يحبه الإنسان وهو شر له، وكم من أمر يكرهه وهو خير له، قال تعالى: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

- عليك أن تكوني حريصة كل الحرص على أن يتوفر في شريك حياتك الصفات التي أرشدنا نبينا -عليه الصلاة والسلام- لضرورة توفرها، وأهمها الدين والخلق، ومن ثم بقية الصفات، يقول عليه الصلاة والسلام: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) فالدين والخلق صفتان متلازمتان لا تنفكان أبداً، وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة، وصاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها، وإن كرهها سرحها بإحسان.

- الزواج من أعظم مشاريع الإنسان، ولذلك ينبغي أن تتأني فيه ولا تتعجلي، يقول عليه الصلاة والسلام: (التأني من الله والعجلة من الشيطان)، ففكري في هذا الأمر بعقل وتجنبي العاطفة، فإن التفكير العاطفي لا يوصلك إلى القرار الصحيح.

- وكلي أمرك إلى الله، ولا داعي أن تدعي عليه، فالخطأ مشترك بينكما، وأكثري من قول حسبي الله ونعم الوكيل، وكوني متوكلة على الله، فمن توكل على الله كفاه، ومن اعتصم بالله هدي إلى صراط مستقيم، قال سبحانه: (وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).

- ما تجدينه من أعراض يحتاج أن تعرضي نفسك على طبيب مختص؛ للتأكد من عدم وجود أي مرض عضوي، فإن تبين أنك سليمة فربما تكونين قد تعرضت لأمر خارجي، وتحتاجين في تلك الحال إلى أن تعرضي نفسك على راق أمين وثقة؛ لتشخيص حالتك، ولتكن الرقية بحضور أحد محارمك، فإن تبين أنك أصبت بسحر مثلاً، فلا بد من مواصلة الرقية حتى تبرئي -بإذن الله تعالى-.

- أكثري من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

- أكثري من تلاوة القرآن الكريم وحافظي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

- تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وسليه أن يرزقك الزوج الصالح، وأن يشفيك ويذهب ما في صدرك، وأكثري من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً