الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحقق النجاح وأتخلص من السلبية والقلق؟

السؤال

السلام عليكم.

لم يتبق سوى ١٠ أسابيع على امتحان الباكالوريا، وإلى حين إجابتكم على استشارتي سيبقى فقط ٩ أسابيع، أشعر بضيق وخوف من الفشل، ولا أستطيع التركيز في المذاكرة، وأشعر بالضعف، بينما جميع زملائي في الفصل يفهمون إلا أنا، أشعر بالإحباط.

لقد سبق وأن فشلت في إحدى السنوات، وأعدت عاما كاملا، كان ذلك في الثالث إعدادي، والآن أنا في السنة الختامية وأنا خائف جدا من المرور بتلك المشاهد والمشاعر السلبية والسيئة مجددا، عندما أعيد التفكير أجد نفسي لم أقدم أي شيء، ولا أستطيع التفوق في أي شيء.

دائما ما تراودني تلك الأحاسيس والمشاعر بأن زملائي في الفصل سوف يستمتعون بوقتهم في عطلة نهاية السنة، بينما أنا أفكر في الطريقة السهلة لأنتحر بها، أشعر بدائرة صغيرة جدا من الناس يهتمون بأمري، ولكنني لا أريد أن أخيب ظنهم بي.

عندما أراجع نفسي أجد أنني لا أمتلك أية مهارات أو مواهب، أنا مجرد فاشل وعالة على المجتمع والأسرة، أشعر دائما بالرغبة في الاستلقاء وتخيل مواقف وأحداث في ذهني، وأكون دائما بطل القصة، هذا ما استطعت فعله، تضيع الوقت، وفي الأخير عند الفشل ألوم نفسي على الوقت الذي ضيعته، ومشاهدة زملائي وهم يفرحون ويستمتعون بوقتهم لأنهم عملوا.

أنا أعرف جيدا معادلة النجاح، العمل بجد والصبر حتى يأتي وقت الامتحان، ثم تملأ تلك الورقة اللعينة لتحصل على معدل، وأخيرا تحظى بتصفيق الآخرين لك، والخروج لتحتفل مع أمثالك.

كلما مر يوم زاد خوفي وقلقي، أشعر بدقات قلبي تتزايد كلما بدأت في التفكير في موعد الامتحان، إن فشلت لا أريد تكرار ما حدث معي من قبل، وقد أضع حدا لحياتي.

قبل بداية الموسم الدراسي وقفت أمام قبر والدي، ووعدته أنني سوف أكون من المتميزين، ووعدته كذلك بتحقيق أهدافي، وقررت أنني لن أعود أبدا إلى زيارته إلا بعد مرور سنة، والتي كنت أعتقد أنها كانت كافية لتحقيق أهداف كإنزال وزني، والنجاح في دراستي لهذا العام بدرجة ممتازة، لقد وضعت رهانا على نفسي، ولكن الآن أنا خجل جدا من زيارة قبره مجددا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ayoub حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الفشل والنجاح من الأمور المتكررة في هذه الحياة مع كل شخص، ولكن الفرق عند الأشخاص هو طريقة التعامل مع الفشل، فبعضهم يستلهم من الفشل طريقا للنجاح، فيحول الفشل إلى نجاح، والآخر يسبب له الفشل الإحباط واليأس فيستمر فيه، ويستسلم له.

لذا نصيحتنا لك لا تقف عند الفشل وتجعله سببا لإحباطك ويأسك، بل استلهم من التجربة الماضية العظة والعبرة للانطلاق نحو النجاح، وما زال لديك الوقت لمراجعة دروسك والاستعداد للاختبار، فعليك أن تنظم وقتك، واترك التفكير السلبي في الحياة، واترك تضييع الوقت بتخيل المواقف والأحداث، وانطلق للعمل والجد والاجتهاد، ومن جد وجد ومن زرع حصد!

حاول أن تستفيد من تجربة زملائك الجادين في الدراسة، وابحث عن رفقة جادة ونشيطة في دراستها وتعاون معهم على المذاكرة والاستعداد للاختبارات، أما الاستسلام للفشل والتفكير بالانتحار فهو قرار العاجزين البطالين، ولا تظن أن نفسك سترتاح إذا انتحرت، بل ستفتح عليها بابا من الضنك والعذاب الشديد في البرزخ الذي يستمر حتى البعث، لأنك وقعت في جريمة عظيمة، وهي قتل نفسك المحرم عليك قتلها، فقد رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ: " مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا".

فانتبه لنفسك من هذا المصير، واحذر الإقدام عليه مهما كانت الظروف؛ فإن هموم الدنيا كلها لا تساوي عذاب لحظة واحدة في الآخرة، ولنفترض أنك حاولت النجاح هذا العام، وأخذت بأسبابه، ولم توفق، فلن تنطبق السماء على الأرض، ولن تنتهي الحياة، فكرر المحاولة واجتهد، وستجد أنك قادر على النجاح -بإذن الله- في وقت آخر.

يظهر من خلال وصف حالتك أنك تعيش حالة من ضعف في الإيمان بالله، وتقصير في الطاعة والاستقامة على أمر الله، مما سبب لك هذا الضنك والقلق الذي تشكو منه، فإن الأعراض عن الله وطاعته سبب كل بلاء وقلق وضنك للعبد في الدنيا والآخرة، وإن التعلق بالله وحسن الظن به، والامتثال لأمره والتضرع إليه بالدعاء والتقرب إليه بالطاعات، سبب من أهم أسباب السعادة والراحة، واستقرار النفس في الدنيا والآخرة.

- فننصحك بالفرار إليه، والتوبة مما سبق من تفريط في حقه سبحانه، والاستقامة على طاعته، والبعد عن معاصيه، والإكثار من التسبيح والاستغفار والذكر وقراءة القرآن كلما شعرت بالضنك والقلق والهم، وستجد أثر ذلك في صلاح حالك، وذهاب همك وهدوء نفسك، وتغير تفكيرك نحو الأفضل -بإذن الله-.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالك، ويوفقك لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً