الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب عصبيتي وكثرة نصحي لأولادي صاروا ينفرون مني

السؤال

السلام عليكم.
مشكلتي أني عصبي جدا مع أولادي، حيث أشعر أنهم لا يحبونني، وذلك لأنني دائم النصح لهم، أخاف عليهم، وأضربهم إذا صدر منهم تصرف خاطئ، وكثير الأوامر لهم بفعل كذا وتجنب كذا، وكثيرا ما أرفض طلباتهم من منطلق الخوف عليهم فهم صغار، مثل اللعب في الشارع مع أصدقائهم، حتى أصبح لديهم انطباع أنني أرفض كل شيء يرغبونه، فيطلبون من أمهم التي تجيب مطالبهم دون الرجوع إلي في بعض الأحيان، مما يؤدي لشجار بيننا.

الآن أشعر بنفورهم مني، ولا يخبرونني عن أي شيء يتعلق بهم، ويخافون مني جدا، حتى أن أحدهم ذهب للعب في الشارع دون علمي، فلما رجع كان يبكي ويستحلفني ألا أضربه لأن الكرة انفجرت، فاحتضنته وقلت له: فداك ألف كرة، المهم أنك بخير.

ألاحظ أن أولادي يميلون إلى زوج خالتهم الذي لم يرزق بأطفال، فهو يدللهم ويلعب ويمزح معهم، ويجلسون معه ويتجاهلونني عندما نتقابل، وأحيانا ينادونه: بابا، وهذا يضايقني جدا، وأيضا عندما أقوم بتوجيههم نحو تناول طعام معين لا يحبونه، وأرفض تناولهم ما هو غير صحي كالبيبسي والشيبس، يعترضون، فيكلمهم هو فيتقبلون كلامه دون اعتراض، فأشعر بالضيق لأنهم يسمعون كلامه ولا يسمعون كلامي.

أشعر أنهم يكرهونني ويحبونه مما جعلني أبتعد عنهم، وأتفادى اللقاء بعديلي حتى لا أصاب بالضيق من إقبال أولادي عليه، فهم يحبونه أكثر مني؛ لأنه يلبي طلباتهم ويتعامل معهم برقة ومحبة.

أنا حزين جدا لما وصلت إليه العلاقة بيني وبين أولادي، ولا أعرف ماذا أفعل؟ أنا أحبهم جدا وأشعر أنهم لا يحبونني، فأرجو من سيادتكم إفادتي عن التصرف السليم، وهل هناك أمل أن يحبوني مثلما أحبهم؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا وسهلا بك -أخي الكريم-، ونسأل الله أن ينفع بك، والجواب على ما ذكرت:
- بداية تربية الأولاد مسؤلية عظيمة، وعليك أن تقوم بها على ما يرضي الله تعالى ويحقق صلاح الأولاد، ونحيي فيك هذا الشعور وقيامك بهذه المسؤولية.

- ثم عليك أن تعلم أنه قد وجد في التربية المعاصرة ما يسمى التربية بالحب والعاطفة، وهذا موجود من ديننا، فأنحصك من الآن فصاعدا أن تربي أولادك بالحب، فأكثر من قول تعال يا حبيبي، أبشر يا حبيبي، وإذا طلب الولد شيئا سيئا فقل له يا حبيبي أنا أخاف عليك لو فعلته، أخاف عليك من النار وهكذا.

- حاول جاهدا التخلص من عادة الغضب والشدة، وأكثر من الدعاء أن يصرف عنك هذه العادة، وتحلى بالحلم والرفق والإناة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: " إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه " رواه مسلم برقم 2594، ودائما حاول الإقناع للأولاد لكل ما تريد إنكاره عليهم، واعط مكافأة لمن يمتثل أمرك، ولا تعاقب المخالف وإنما تكرر عليه النصح برفق.

لا داعي للقلق من عدم حب أولادك لك، فالحقيقة هم يحبونك، ولكن بسبب الطفولة وحب اللعب لا يحبون من يشد عليهم بالإنكار، ولو غيرت طريقة الإنكار ستجد أنهم يبادلونك الحب، والعلاقة لم تنته بينك وبين أولادك، بل ما زالت علاقة طيبة، وتحتاج حتى تكون هذه العلاقة قوية أن تخرج مع أبنائك في نزهة، وأن تهدي لهم بعض الهدايا، وأن تمزح معهم، وتجلس معهم جلسات ودية ممتعة لهم، وستجد أبناءك يحبونك.

- ثم اعلم -أخي الكريم- أن المجتمع له دور في التربية، وما يقوم به زوج أخت زوجتك قد يساعد في تربية أبنائك، فهو يعاملهم بعاطفة، ويهدي لهم، وبما أنه صالح فلا بأس من ذلك، ويمكن أن تخبره عما تريده، وما لا تريده من أبنائك فينصحهم به.

- وأخيرا اعلم -أخي الكريم- أننا إذا أنكرنا على أبنائنا أمرا منكرا علينا أن نوجد البدائل المناسبة لهم، فمثلا إذا أنكرت عليهم عدم اللعب مع أولاد قد تخاف عليهم منهم، فالبديل أن تلعب معهم أو توجد لهم من يلعب معهم ممن لا تخاف أن يلعب معهم.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً