الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تفترض المشاكل، وحياتنا أصبحت مهددة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية أريد أن أشكر القائمين على هذا الصرح الجميل، وأسأل الله العظيم أن يوفقهم ويسدد خطاهم.

متزوج منذ 6 سنوات، ولدي طفلان وزوجتي حامل، فخلال الست السنوات التي عشتها مع زوجتي كانت حياتنا لا تخلو من المشاكل، لا يكاد يمر أسبوع أو أسبوعان حتى تطرأ مشكلة جديدة، كنت أتعامل مع هذه المشاكل باحتوائها ومحاولة حلها مع زوجتي، ولكن للأسف زادت المشاكل ولم تنتهِ.

في البداية كانت تطلب الطلاق كثيرا في جميع مشاكلها، وعند زيارتها لأهلها ترفض الرجوع معي حتى وصل الأمر في أكثر من مرة إلى التحدث إلى والدتها وإخبارها بأنها ترفض الرجوع معي، والأسباب -للأسف- غير مقنعة لا يفترض أنها ترفض العودة إلى بيتها بسببها.

تحدثت مع والدتها في أكثر من مناسبة وأخبرتها بما حصل، ولكنها تخبر أهلها عكس ذلك، وتحاول أن تجعل سوء أخلاقي وعدم احترامي لها سببا لذلك، مع العلم أنني إنسان هادئ ولا أحب المشاكل، مثال: هي كثيرة الإلحاح وتتوقع مني أن أعمل لها جميع ما تتمناه وتشتهيه، وحجتها أنك موظف ومرتبك مجزئ وعليك العمل بذلك، وقمت بعمل مصروف شهري لها بحيث تدير احتياجاتها ولا تحتاج إلى الرجوع إلي، ولكن مع الأسف لا يكاد يمر أسبوع حتى تصرف ما معها وتعود للمطالبة بالمزيد، وإذا رفضت تقصر بواجبات بيتها وواجباتي معها وحجتها أني قصرت معها، مع العلم أنني لم أقصر لا في مأكلها ولا مشربها ولا كسوتها، تبدع في اختلاق المشاكل لكي تحصل على ما تريد، لم نصل إلى نقطة تفاهم، أتكلم معها باللين وبالموعظة ولكن سرعان ما تنسى حديثي لها وتعود لما هي عليه.

تكرر الموضوع مرارا وتكرارا حتى أنها عندما تغضب ترفع صوتها وتحاول أن تستفزني حتى تحصل على حجة للذهاب إلى بيت أهلها، ومؤخرا قامت بعمل نفس الشيء واستفزتني وذهبت إلى بيت أهلها دون علمي، لم أستحمل الموقف وقمت على الفور بالاتصال بأبيها، وأخبرته أنها ذهبت من دون علمي وأغلقت الجوال، وأخبرني أنه تحدث معها وقالت له إنها ذهبت بعلم مني.

الآن هي لا تزال موجودة في بيت أهلها ولم يتحدث معي والدها منذ ذلك الوقت، وأنا في حيرة من أمري، وينتابني شعور أنها تعمل كل هذا من أجل الحصول على الطلاق، مع العلم أنني لم أخالف سنة الله ونبيه في حقوقها وواجباتها، ولم أعد أستحمل هذا الوضع حتى أنني أشعر مهما فعلت فإنها سوف تعود وتقوم بما عملته، ولم أنعم بالاستقرار معها.

أرجو منكم التفضل علي بالنصيحة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك، وردا على استشارتك أقول: قد يكون لزوجتك شكوى أخرى لكنها تستحي أن تنطق بها، ولذلك أنبهك إلى أن المرأة كتلة من العواطف وتحتاج أن تشبعها بالكلمات الجميلة المليئة بالحب والحنان، سواء كان ذلك مباشرة مع لمسة حانية وتربيت على كتفها ومسح على رأسها، أو كان ذلك عبر الرسائل النصية، وقد يغفل الكثير من الناس عن هذا الأمر، ويظن أن احتياج المرأة إنما هو للطعام والشراب وما شابه ذلك، فتفكير المرأة على العكس من ذلك تماما.

إن لم تكن مقصرا في ذلك وكان مطلبها المصاريف الشخصية، فعليك أن تتفق مع أهلها على مبلغ معين يدفع لها أسبوعيا وليس شهريا، حتى لا تنفق ذلك المبلغ دفعة واحدة، ومن هنا ستسد عليها هذا الباب بشهادة أهلها.

لا تحاسبها على كل صغيرة وكبيرة، وعليك أن تتغاضى عن بعض التصرفات، فالعوج سمة في النساء، كما أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام بقوله: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر. وقوله: استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء).

اضبط أعصابك، واحذر من زلات اللسان، أو أن تمد يدك عليها، فبعض النساء كما ذكرت تبحث عن مبرر لهدم البيت دون أن تفكر في العواقب -عياذا بالله- وأرى أن توثق صلتك بوالديها أكثر، وتخاطب عقولهم من أجل أن يناصحوا ابنتهم؛ لأنها قليلة الخبرة والتجربة، وانظر في أعز صديقاتها ممن تقبل نصحهن وتوجيهاتهن وسلطهن عليها من خلال الالتقاء بأزواجهن، فلعلهن يناصحنها وتقبل نصحهن، فمن الناس من جعلهم الله مفاتيح للخير مغاليق للشر.

وثق صلتك بالله أكثر، واجتهد في تقوية إيمانك من خلال الإكثار من العمل الصالح، فالحياة السعيدة لا تستجلب إلا بذلك يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عيه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذاً تكف همك ويغفر ذنبك).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحين أوقات الإجابة وسل الله تعالى أن يصلح زوجتك وأن يلهمها الرشد، ويبعد عنها رفيقات السوء، وأكثر من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

نسعد بتواصلك في حال استجد أي جديد، ونسأل الله تعالى أن يصلح زوجك، وأن يلهمها الرشد وأن يرزقكما السعادة إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً