الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنوي تطليق زوجتي لزعلها المتكرر بدون أسباب، ما رأيكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب متزوج منذ 3 سنوات، زوجتي لم تفهمني حتى الآن، أكبر مشكلة إلى الآن هي أنها تزعل لأتفه الأسباب، وتريد أن أراضيها، وإذا لم أعمل ذلك تخاصمني لعدة أيام، ولا ترجع أبدا، وأنا دائما أرجع لها، وإذا تعمدت إهمالها لكي تحس بخطئها وتفهمه تزداد عنادا.

حلمت بزوجة تحتويني، لكن للأسف الواقع غير ذلك، وإذا وضحت لها أنها على خطأ، وشرحت لها، تقول: أنا لا أستطيع تحمل الزواج، اتركني وخذ غيري وترتاح، وأنا أعود لبيت أهلي، ولا تكون علي مسؤوليات، قلت لها: الزواج سنة الحياة، وأسمعها المحاضرات لكن لا فائدة.

أفكر في تطليقها، فقد تعبت، كما أن أمها دائما تغيّرها عليّ، وهي تحلف أنها لا تعلمها، بالأمس تناقشنا كثيرا، وفي نهاية النقاش وضحت لها ما عليها فعله، وهو عدم الزعل لأتفه الأسباب، قالت: تتقبلني هكذا، أو اتركني، قلت لها: نغير من أنفسنا، ولكن لا فائدة.

إذا هجرتها لكي تفهم أخطاءها تقول: أنت لا تحبني، تتركني لا تراضيني، فعلى ماذا تقول أنت زعلتني؟ أنا إنسان أعيش معك لا بد من احتكاكات واختلافات، ليس من المعقول أن أراضيكِ في كل اختلاف، لكنها تقول: إذا لم تحبني، وتعامل إخوتها وأهلها أحسن المعاملة، وأنا تعاملني بالزعل في كل الأمور.

بصراحة تعبت، لم أعد أعرف ماذا أعمل؟ بدلا من أعود من العمل لأجد زوجة تحتويني ألقى وجها حزينا عبوسا، مع العلم بمجرد اعتذار بسيط ترجع طبيعية، لكنني أقول: ماذا لو حدث شيء كبير بيننا؟ فكل ما يحدث أشياء تافهة، فكيف لو كانت أشياء كبيرة.

أفكر في تطليقها، وأفكر أن أتركها تذهب إلى أهلها مدة طويلة، لكن أعتقد لن تتغير، لأنها سوف تكون بجانب أمها تعلمها، ولن تحس بالاشتياق، ولا بقيمة الرجل، لأن أمها تحب أن تسيطر في بيتها، وكلمتها أكبر من كلمة زوجها، أشيروا علي بنصحكم.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صقر حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:

يتعجل بعض الشباب في الزواج، مع أنه من أهم مشاريع الحياة، وتظهر أهميته كونه مشروع يراد له الاستمرار، فلا يتحرون في الصفات والمواصفات، ولا يتأنون في دراسة جدوى هذا المشروع من كل الجهات، بل يكتفون في بعض الصفات الظاهرية، أو يكتفون بوصف بعض الأقارب ومدحهم.

من أهم صفات الزوجة الصالحة: أن تكون صاحبة دين وخلق، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (تنكح المرأة لأربع، لدينها وجمالها ومالها وحسبها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، ومن أهم صفاتها أنها هي المبادرة دائما لاسترضاء زوجها لا العكس، يقول -عليه الصلاة والسلام-: (أَلَاْ أُخبِرُكُم بِنِسَائِكُم فِي الجَنَّةِ ؟ كُلُّ وَدُودٍ وَلُودٍ، إِذَا غَضِبَت أَو أُسِيءَ إِلَيهَا، أَو غَضِبَ زَوجُهَا، قَالَت: هَذِه يَدِي فِي يَدِكَ، لَاْ أَكْتَحِلُ بِغُمضٍ َحتَّى تَرضَى)، ومن تلك الصفات أنها تسمع وتطيع لزوجها يقول -عليه الصلاة والسلام-:(ألا أخبرك بخير ما يكتنز المرء؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته).

غالبا ما تكون الفتاة نسخة من أمها وأخواتها في التعامل مع الزوج، لأنها تكتسب تلك الصفات من خلال العيش في تلك البيئة، وأغلب الشباب لا يهتمون بتتبع هذه المسألة والبحث عنها.

أنت الآن صرت زوجا لهذه المرأة، وأنصحك أن تتحمل وتبتعد عن كل ما يجعلها تتصف بهذه الصفات السيئة، وتحمل مسايرتها قدر المستطاع، فالحياة -كما تفضلت- في استشارتك لا ولن تخلو من المنغصات، فالكمال عزيز، والمرأة إن كرهت منها خلقا رضيت منها آخر، يقول -عليه الصلاة والسلام-: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء).

المرأة تحتاج إلى مسايرة ومداراة، وأن تغض الطرف عن بعض الصفات السلبية، ولعلها تدرك حقيقة الحياة فيما بعد، وتصقل الحياة عقلها وتنضج، وعليك أن توصل إليها القيم التي تريدها بوسائل مختلفة، فتارة بفتوى عالم تثق به، وأخرى عن طريق إحدى زميلاتها اللاتي تثقن بهن، وتقبل نصحهن.

وثق علاقتك مع أمها، وقدم لها بعض الهدايا الرمزية، فإن صار بينك وبينها محبة، وعلاقة وثيقة اطلب منها أن تقدم نصحا وتوجيها لابنتها، فلعلك تنال مرادك، وتتعدل زوجتك، وكن قدوة لزوجتك في حسن العشرة، ومهما كرهت من سلوكياتها فعسى أن يجعل الله فيها خيرا، يقول تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)، ويقول: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

كن بشوشا ضحوكا مازحا معها، وادخل بيتك بعد أن تترك هموم العمل وأتعابه خارج عتبة البيت، وستجد أن حياتك تتغير -بإذن الله تعالى-، ومن الأخلاق الفاضلة التي يندر من يتخلق بها خلق التغافل، وهذا الخلق تخلق به الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، ويتخلق به أصحاب النفوس الكبيرة، يقول تعالى في نبينا -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ)، وهذا يوسف -عليه السلام- حين قال إخوته: (إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ) قال الله عنه: (فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ).

كلام زوجتك بخصوص الطلاق هو من باب التغنج، وتريد أن تستخرج منك كلاما لطيفا، فتقول لها: أنا أحبك، ولا يمكن أن أتخلى عنك، وتحتضنها بين يديك وما شابه ذلك، وجرب هذا، ستجد وجهها يتهلل فرحا، فالمرأة كتلة من المشاعر، وتحتاج من الزوج أن يحتويها ويشبع عاطفتها من هذه الناحية.

لا تفكر بالطلاق، فالطلاق لا يكون حلا إلا بعد العمل بكل الوسائل والأسباب، وإذا صارت الحياة مستحيلة، وأوصيك أن توثق صلتك بالله تعالى، وتجتهد في تقوية إيمانك من خلال الإكثار من العمل الصالح، فالحياة السعيدة لا تستجلب إلا بذلك، يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖوَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، والزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أعظم أسباب تفريج الهموم، يقول -عليه الصلاة والسلام-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).

أكثر من تلاوة القرآن الكريم، وحافظ على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗأَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يصلح زوجك، وأن يلهمها الرشد ويسعدكما، إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر souha

    السلام عليكم

  • الجزائر souha

    اهلا ومرحبا بك اخى العزيز اعلم انى غريبة عليك ولكن والله لا يحس بحالتك هاذه إلا من عاشها وانا اقرا قصتك تمنيت لو ان زوجى فعل ما فعلت واتى لى الاستشارة هنا فا والله كل ما اجابوك به من شى فهو بلفعل مايدور فى رأس زوجتك فأنا مرأة مطلقت الان لى نفس السبب الذى تريد انت تطليق زوجتك لى اجله فا والله لو انه عرف ما بي قلبى حين طلبت الطلاق مرات عدة لما تركنى ورحل .نعم هو تركنى ورحل وانا الان اموت ندما ليس عليه ولكن لى انى كنت انا الصبب الذى جعله يرحل مع العلم انه انسان حسن الخلق والمعاشرة لكن فى النهاية تستمر الحياة انا الان مخطوبة وعلى ابواب زواج مرة اخرى ولكن ليس با نفس التفكير ولا نفس المزاج فلقد تعلمت دروسا كثيرة فى زيجتى الاولى ومن اعظمها هاذه لذالك ارجوك حافظ على زوجتك واجعل لها وقت اكثر من قبل وتفتح معها وناقش مشاكلك معها وجعلها شريكة بى معنة الكلمة وستجد ان شاء الله كل ما يرضيك فلا تغلق بابا انت ستندم عليه بعد ذالك لى انها رغم الحب الذى تكنه لك ان تركتها وعدت فعلم انك لا ولن تجدها مرة اخرى فصنع خيرا تأتا خيرا منه وشكر

  • الجزائر souha

    ارجو ان تعلمونى ان كان قد قراة تعليقي

  • مصر ام جنى

    بالله عليك اصبر وتحمل لعلها افضل من الاخرى

  • أمريكا Puregirl

    جزاك الله خير شيخنا وأحسن الله اليك
    ماشاء الله كلام جميل ... فعلا المرأه كتلة مشاعر وأحاسيس .. تحب المشاعر الصادقه والكلام الطيب .. تحب المادراه وتحب ان تشعر دائما بتقدير زوجها واحتوائه لها.. تحب ان تشعر دائما انه متمسك بها ويستحيل ان يفرط بها ..ياليت تحاول تحبها وتصبر وتفهمها وتطبق الي قاله الشي .. خلي مشاعرك صادقه وبإذن الله حتشوف التغير .. هيا ماسوت كل ذي الأمور الا لانك تحبك وحساسه جدا .. صادقها واشبعها بالكلام الطيب راح تحبك زياده .. فهمها انو لازم كل طرف يسعى لاسعاد الاخر عشان تستمتعون بحياتكم وتسعدون فيها .. الله يوفقكم ويصلح مابينكم ويسعدكم ربي دائما وابدا ويرضى عليكم

  • هولندا ahmed belmokhtar

    أكرمكم الله بكل خير نعم الراي والفتوى ...استفدت من مقالكم كثيرا...وأحب هذا الموقع ...دعواتكم الصالحة لي

  • مجهول احمد

    جزاكم الله على جوابكم الجميل .نصيحتي الى الاخ لا تسرع في الطلاق بل اصبر وحاول ان تطبق ما قيل لك ارجو الله ان يفرج عنك

  • مجهول دينا جمال الدين

    جزاكم الله خيرا
    ربنا يهدى نساء المسلمين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً