الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بألم في ظهري وأشعر بصعوبة التبول، فما علاجه؟

السؤال

السلام عليكم

بدأت مؤخرا بحبس البول ليلا، وقبل يومين تبولت بصعوبة، ووجدت نقطة صغيرة من الدم، الآن أشعر بألم في ظهري على مستوى الكليتين، علماً أن لون البول فاتح، فهل يكون البول راجعاً إلى الكليتين؟ وهل هناك علاج طبيعي -حفظكم الله-؟ وبدأت بأخذ دواء mexine 500mg neomox 1g فهل هو مفيد؟ علما أنني لا أعاني من أي مشكلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ OTHMANE حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن ما تصفه يعتبر تصويرا كلاسيكيا لوجود حصاوي في أسفل الحالب، إلا أن ذلك عادة ما يكون مصاحبا بآلام في إحدى الخواصر، ونادرا جدا ما يكون الألم محسوساً في كليهما معا في نفس الوقت، وقد لا يكون مصاحباً بأي ألم في أحوال أندر.

من الأسباب الأخرى لما تشعر به ما يشمل تواجد حصوات في المثانة أو الإحليل، وهذا الأخير هو مجرى البول الخارجي (والتي تكون غالبا ما نشأت في إحدى الكليتين ثم نزلت بدون أعراض لتستقر في أحد الأعضاء سالفة الذكر).

وأخيرا فإن الالتهابات المختلفة في الجهاز البولي قد تؤدي إلى نفس الأعراض، مثل التهابات البروستاتا والمثانة والإحليل، أو وجود تضيق في مجرى البول نتيجة التهابات سابقة بالسيلان أو نحوه، أو حتى نتيجة لإصابات قديمة في المنطقة، وفي أحوال نادرة جدا قد يكون السبب مرده إلى وجود أورام في المناطق سالفة الذكر، عافانا وعافاك الله منها.

يبدأ مشوار العلاج بأخذ تاريخ مرضي كامل، وإجراء فحص لمنطقتي المسالك البولية الخارجية التي تتضمن القضيب وكيس الصفن والخصيتين والبربخ، بحثا عن آثار التهابات بها، يستتبع ذلك فحص دقيق للبروستاتا بحثا عن و جود ملاحظات مثل التضخم والألم، وحتى الليونة الشديدة عند جسها بالإصبع، مما يدلل على وجود التهابات بها حادة أو مزمنة، وإجراء بعض الفحوصات المجهرية مثل فحص الدم، بحثا عن ارتفاع الكريات البيضاء، وفحص البول مجهريا، وحتى تزريع للبول والمني بحثا عن تواجد بكتيريا ضارة مسببة لمثل هذه الأعراض، وإجراء فحوصات للبروستاتا والمثانة والكليتين عن طريق الموجات فوق الصوتية، بحثا عن مؤشرات تدل على وجود حصوات بها، أو التهابات، أو في حالة الكلية توسع بها؛ مما قد يثير الشك في وجود حصاوي في الحالب، والتي كثيرا ما تتعذر رؤيتها عن طريق الموجات فوق الصوتية، وحينها قد يلجأ الطبيب لطلب فحص لمنطقة الكلى والحوض بواسطة الأشعة الطبقية المحورية بدون صبغة، والتي أصبحت الفحص الأول الأكثر دقة في تشخيص الحصوات في كل من الكلية والحالب والمثانة والبروستاتا، وحتى الإحليل.

أخيراً: فإن الطبيب قد ينصحك بإجراء منظار تشخيصي للمنطقة، لإكمال ما عنده من نواقص في المعلومات، بحثا عن عيوب خلقية أو علل كثيرة، منها الأورام -لا قدر الله-.

عند استكمال الفحوصات فإن الطبيب سيتمكن عندها من إعطائك التشخيص لحالتك، ولنفترض أننا وجدنا حصوات بالمثانة أو الحالب، فإن العلاج يحتوي على استخلاصها عن طريق التنظير البولي للإحليل والمثانة، أما إذا كانت الحصوات كبيرة نسبية ومتواجدة في المثانة، فإن الخيار قد يشمل أيضا إجراء تفتيت للحصى عن طريق جهاز تفتيت الحصى.

أما سابقا وقبل حدوث الطفرة العلمية الأخيرة في الطب والعناية المبكرة للمرضى، فإن الكثيرين منهم كانوا يأتون للطبيب ليكتشف وجود حصوات كبيرة جدا في المثانة قد تتجاوز في حجمها حجم البرتقالة -أو ما شابهها- إلا أن هذه الظاهرة قد انتهت بشكل كبير جدا في عالمنا الحديث، أما إذا كانت الحصوات صغيرة -أي بمعنى أن تكون 5 مليمترات أو أقل- فإن الطبيب قد ينصحك بالانتظار والصبر، فإن نسبة خروجها تلقائيا عالية جدا، ولو أخذ ذلك بعض الوقت.

ننتقل الآن للخيارات بالنسبة لحصوات الحالبين:
أولا: موضوع الحجم يهم كثيرا، فإن الحصوات الصغيرة تنزل بنفسها بدون تدخل، فيستحسن الصبر عليها لفترة كافية يقدرها الطبيب، وفي حالة فشل نزولها فإن الطبيب قد يلجأ حينئذ لاستخراجها عن طريق المنظار الحالبي الكلوي، ويعتبر إجراء تفتيت لها وهي في الحالب عملية قليلة النجاح، فلذلك يجب استخراجها عن طريق التنطير الداخلي أو حتى الخارجي باستخدام ناظر البطن، مثل ذلك الذي يستخدم في استخراج المرارة مثلا، ونلجأ للجراحات المفتوحة بصورة نادرة جدا لا يتسع المجال الآن إلى الخوض فيها، وعند الصعود إلى الكلية فإن خيارات استخراج الحصى منها تشمل التفتيت عن طريق جهاز التفتيت، أو إجراء مناظير للكلية من داخل المسالك البولية، أي من الخارج إلى الإحليل إلى المثانة، ومن ثم إلى الحالب في الجهة المتواجد بها الحصى، ومن ثم الصعود إلى الكلية وتفتيت الحصى واستخراج الحصوات المتكسرة من الكلية، وهناك خيارات إدخال المنظار عن طريق الجلد، ثم إلى الكلى واستخراج الحصاوي منها عن طريق المنظار وتكسير الحصى.

أما إذا كان هناك التهاب في الجهاز البولي السفلي -أي المثانة والبروستاتا وما تحتها- فإن العلاج يكون باستخدام المضادات الحيوية المناسبة ومضادات ألفا ونحوها.

أما بالنسبة لوجود ارتجاع بولي، فهذه ظاهرة رجوع البول إلى الكلى عند إفراغ المثانة، ولا تنطبق صورة ذلك مع ما تشكو منه، فالذي يحدث التهابات بولية شديدة وأعراض مزعجة مثل تكرر التهابات البول والآلام الحادة عند التبول وغيرها، ويستطيع الطبيب في حالة شكه في مثل هذه الحالة من طلب تصوير بالصبغة للمثانة والإحليل أثناء التبول، والوصول إلى هذا التشخيص ببساطة ويسر.

بالنسبة للمضاد الحيوي الذي ذكرته، فإنه للأسف عديم الفائدة في علاج علل المسالك البولية، وقد تركنا استخدامه هنا في قطر، وعالميا منذ سنوات عدة، وذلك لضعفه وكثرة مقاومة الباكتيريا لمفعوله، فأرجو عدم الاستطباب من الصيدليات مباشرة، والذهاب إلى طبيب متخصص في المسالك البولية، لاستكمال الفائدة والحصول على العلاج الناجع -بإذن الله-.

بعد هذه المقدمة الضافية أرجو ألا أكون قد أحسستك بالرهبة والخوف من كثرة ما بها من معلومات، فإن المراد من الشرح أن أبين لك أن حالتك موجودة كثيرا بين أوساط الشبان الذين هم من عمرك، وأن علاجها ميسور -بإذن الله- وأن طبيبك المعالج قد يتخذ خطوات كالموضحة أعلاه، كما أنك حينها تستطيع أن تناقش حالتك معه باستفاضة مستعينا بهده الخلفية المعلوماتية.

شفاك الله وعافاك وأراح بالك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً