الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بحالة نفسية؛ لأنني لم أفهم ما يحدث لي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب بالغ من العمر 21 سنة، أولاً أتوجه إلى سيادتكم بالشكر تجاه مجهوداتكم الرائعة في الإجابة على أسئلتي.

ثانيا أنا أعاني من الأعراض الآتية: ارتفاع الأدرنالين من بطني وصولا للقلب، يصاحبه وجع طولي، وإذا اشتد مع جهد بسيط أو عند المكوث أحس كان أحداً يمسك رقبتي، وأشعر أن صدري يريد أن ينفجر، ثم أجد قلبي ينبض بقوة مع بطئه، ثم يقف أو أحس بهزة يسار القلب، مما يسبب لي الذعر والرهبة، لكن لا أحس بدوخة أو أفقد الاتزان، وأحس بوجع بعد ذلك في يسار القلب أو الصدر، وإذا لم يحدث ذلك تكون الأمور على ما يرام، لا أعلم إن كان قلبي هو الذي يفعل ذلك أم لا.

قمت بعمل ايكو وهولتر وكانت النتائج سليمة، أيضا فحوصات الدم والغدة ووظائف الكبد والكلى والسكر، كلها سليمة ماعدا وجود أملاح زائدة (يوريات) وذلك دعاني أن أقوم بتقديم تركيب هولتر لمدة 48 ساعة، وبالفعل تم تحديد موعدا في 3/5 -إن شاء الله- وسوف أرسل لكم النتائج حتى أتبين ما وراء ذلك، وأقطع الشك باليقين.

أنا أيضا أتجشأ كثيرا، وأحس بأصوات غريبة في بطني تشبه الغازات، وتدرج ذلك إلى غازات في الصدر، حيث إذا لم آكل ولم آخذ نفسا، أجد يسار صدري يصدر صوتا مثل الذي يصدره بطني، وعند شربي الماء أجده يترجرج في معدتي، وأجد وجعا تحت يسار القلب مباشرة مع انقباضات تشبه رفة العضل، وأجد التبرز لونه أسود، ولكن ليس الاسود الداكن، وذلك منذ أكثر من أسبوع.

جاءتني حالة نفسية، فقد اكتأبت مما أنا فيه، ولم أستطع فهم ما يحدث لي، كما أصبحت ضعيفاً في كل شيء، وفقدت ثقتي بنفسي، فأنا أجد زملائي حالتهم الصحية أقوى وأحسن مني، فأصاب بالخيبة، وإذا سألتهم هل يحدث ذلك معكم؟ فيجيبون بالسلب، أشعر بأني مختلف عن الآخرين، أنا متفوق جدا في الدراسة، لكن أصبحت منشغلا بحالتي الصحية أكثر من دراستي، وأذهب للمشفى أكثر من حضوري المحاضرات، وعند المذاكرة أفكر فيما يحدث لي، وكلما تذكرت صحتي وأنا صغير أتمنى حينها أن أرجع صغيراً مرة أخرى، وأعلم جيدا أن صحتي لم تعد مثلما كانت.

عند تفكيري في المستقبل أسأل نفسي: كيف أقدم مثلا على الزواج وأنا في هذه الحالة؟ وكيف سأكوّن عائلة؟ وإذا عينت في وظيفة كيف سأستطيع المواظبة؟ وغيرها من الأسئلة، تمنيت أن أموت وأرتاح وأتخلص مما أنا فيه، لاني فعلاً تعبت.

تناولت عقار إندرال بمقدار 20 مج صباحا ومساءً لمدة شهر، وجدت ارتياحا بعض الشيء، ثم خفضت الجرعة إلى مرة في الصباح فقط، لأني عند ممارسة الرياضة أجد نفسي منهكا بسرعة.

أشكر سيادتكم، وآسف على الإطالة، فلم أجد أحداً يفهمني وأعبر له عن حالتي سواكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لاشك أن الجسد والنفس والوجدان والعواطف والمشاعر كلها مترابطة مع بعضها البعض، أنت تحدثت عن أعراض جسدية وكذلك أعراض نفسية، وأيضاً تحدثت عن فكر يدل أنك بالفعل تعيش نوعا من الشفقة الزائدة على صحتك، مما أدخلك -لا أقول في توهمات مرضية- لكن في مخاوف غير مبررة.

أعراضك هي نفسوجسدية، وأعتقد الآن أنك سوف تصل إلى أقصى درجات الفحوصات الطبية حين تقوم بعمل اللهولتر، -وإن شاء الله تعالى- نتائجه تكون رائعة، وهذا يجب أن يكون نهاية لهذه الرحلة، أي رحلة التردد على الأطباء، ويجب أن تقنع نفسك أن الانتقال بين الأطباء يؤدي إلى التوهم المرضي.

الإنسان عليه أن يقوم بفحص دوري، من هم مثلك في هذا العمر الجميل يحتاج لفحص مرة في السنة، وليس أكثر من ذلك، والمطلوب أن تعيش حياة صحية، أن تنام نوما ليلياً مبكراً، أن تحافظ على صلواتك في وقتها ومع الجماعة، أن تمارس الرياضة، أن تتجنب النوم النهاري، أن يكون غذاؤك مرتباً ومنتظماً، أن تحسن إدارة وقتك، وأن يكون لك آمال وتطلعات وخارطة واضحة للمستقبل، وأن تكون باراً بوالديك، وأن تكثر من التواصل الاجتماعي الإيجابي، هذا يصرف انتباهك تماماً عن الأعراض النفسوجسدية التي تشغلك.

موضوع إفراز الأدرينالين: هنالك الجهاز العصبي اللإرادي أو الجهاز السمبثاوي، بالفعل بالنسبة للقلقين ينشط هذا الجهاز، وقد يؤدي إلى زيادة في إفراز مادة الأدرينالين، وهي قد تؤدي إلى تسارع ضربات القلب، وإلى شيء من اليقظة في كثير من أعضاء الجسم، وهذه عملية فسيولوجية بحتة، وحين يهدئ الإنسان من روعه ويمارس الرياضة ويسترخي ويكون إيجابياً في تفكيره، هذا يؤدي -إن شاء الله تعالى- إلى استقرار كامل حتى في الجهاز العصبي اللإرادي، بعد أن تقوم بفحص الهولتر -إن شاء الله- ستجد كل الأمور جيدة والفحوصات سليمة.

ربما تحتاج لتناول أحد مضادات القلق البسيطة، والطبيب يمكن أن يكتب لك هذا، وعقار إندرال لا بأس به، لكن قد لا تكون محتاجا له بهذه المرحلة، وأحد مضادات القلق قد يكون أفضل بالنسبة لك، الرياضة استمر عليها، الشعور بالإنهاك هي ظاهرة نشاهدها عند الذين يعانون من القلق، لكنها تختفي تدريجياً واعلم أيها الفاضل الكريم أن الرياضة تقوي النفوس قبل الأجساد، وأمر آخر هو يجب أن تعبر عن نفسك ولا تحتقن لأن الكتمان يؤدي إلى تراكمات واحتقانات نفسية سلبية..

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً