الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا ينسى خلافاتنا في السنة الأولى من زواجنا.. ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 28 سنة، متزوجة منذ أربع سنوات، وأنجبت، ابنتي عمرها ثلاث سنوات، بداية زواجي انتقلنا لمنطقة بعيدة عن أهلي، فحصلت بداية الزواج المشاكل بسبب اشتياقي لأهلي وجعلي زوجي كل أسبوع يقطع المسافات للوصول لهم، وكان برضاه، لكني عرفت مؤخرا أني أضغط عليه، طبعا أول شهرين من زواجي فقط، ثم بدأنا بتمديد المدة إلى ثلاثة أسابيع، وأيضا عند نزولي المنزل وأنا عروس كان البيت ينقصه الأثاث، وغير مرتب وسبب امتعاضي قليلا، وحرصي على إكمال الأثاث، وحصل عندها مشاكل أيضا، ثم حملي بابنتي بعد خمسة أشهر، وتوحمت على زوجي، فأصبحت لا أريده، وذهبت لأهلي لمدة شهرين، فكانت أول سنة من زواجنا مليئة بعدم التفاهم، ولي النصيب الأكبر لعدم تقبلي الحياة الجديدة مع النقص الموجود فيها.

أيضا زوجي يحب أن أكون دائما بجانبه، وأن أتودد له دائما، والعلاقة تكون أي وقت، وكل يوم تقريبا، وكنت في بعض الأيام يتضح علي الضيق وبسبب طفلتي الصغيرة، فأصبح يتضايق ويطول الخصام، ومع تكراره هذا الشيء، حاولت أنا أستجيب له وأعدل من تصرفاتي، لكن أصبح زوجي عند أقل تقصير يتضايق ويفكر بالانفصال، وأن حياتنا كلها مشاكل، ثم أحاول إرضاءه فيرضى ونعود، وكأن شيئا لم يكن.

في السنة الثانية أصبح هو الذي يتضايق، ومرة نمت مع ابنتي في المستشفى عند أهلي، فكلمته وقلت له جميع الأطفال المنومين يأتي أباؤهم أين أنت؟ فخاصمني لمدة عشرة أيام؟ أثناء مكوثي في المستشفى، فعلموا أهلي وتركت البيت، ثم أرجعني، ثم اليوم شعرت أن زوجي بارد معي منذ أيام فناقشته، فقال إني لا أنسى مشاكل أول سنة، وأنها ترجع علي عند أي تقصير منك، وصرت أخاف من الانفصال من أجل ابنتي، وصار يتناول حبوب القلق منذ سنة، وأنا لا علم لي، كان يقول إنها حبوب منومة، ويدعي أني السبب في أكلها، مع أني تركت التضايق بعد أول سنة، لكنه لا ينسى، والآن يقول انفصلي عني؛ لأني لا أنسى وصحتي تتدهور، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- بارك الله فيك – أختي الفاضلة – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع, سائلا الله أن يُفرّج همك، ويشرح صدرك، وييسر أمرك، ويجمع شملك، وزوجك على خير.

- بخصوص كراهية زوجك لك لاستحضاره متاعب الماضي، وخشيتك أن تؤول العلاقة الزوجية إلى الفراق, فإني أوصيك بالآتي :
- حسن الظن بالله تعالى وتعزيز الثقة بالنفس والحرص على التحلي بالإحسان في التعامل مع الله ومع عموم عباد الله، ومع الزوج خاصة, وقد صح في الحديث: (اتقِ الله حيث ما كنت, وأتبع السيئة الحسنة تمحُها, وخالق الناس بخلق حسن).

- ضرورة الدخول مع زوجك في حوار هادئ ومتزن متحلية بالحكمة في اختيار الوقت والأسلوب المناسبين, اشكري لزوجك الجوانب الإيجابية لديه مبيّنة له عظيم محبتك وامتنانك واعتذارك على أخطاء الماضي، وكون كل إنسان لا يخلو من الأخطاء, كما صح في الحديث: (كُل بني آدم خطّاء, وخير الخطّائين التوابون), لاسيما ما تتميّز به النساء عامة والزوجات خاصة من الضعف, لاسيما في سنين الزواج الأولى لِصغر السن وقلّة المعرفة والارتباط الزائد للأهل والآثار السلبية للحمل, وقد صح في الحديث : (استوصوا بالنساء خيرا ؛ فإنهن خُلقن من ضِلَع...), وللرجال في نبيهم صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة في صبره وحلمه على زوجاته, واحتساب الزوجين ثواب الأجر على البلاء والشكر للنعماء والرضا بالقضاء (إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب).

- ذكّريه بالجوانب الإيجابية لديك، لا على سبيل الامتنان, وقول الله تعالى: (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا), وبما صح في الحديث: (لا يفرك – أي لا يبغض – مؤمنٌ مؤمنة, إن كره منها خُلقاً رضي منها خُلقاً آخر) واستعدادك – بإذن الله تعالى – على فعل الأفضل قياماً بحق الطاعة لله تعالى وللزوج: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله), ومعنى قانتات: أي مطيعات لله ولأزواجهن, ومعنى حافظات للغيب: أي حافظات لأمانة أزواجهن في ماله وعِرضه وسرّه.

- ذكّريه بحرص الشرع على تحلي أتباعه بأخلاق العفو والمسامحة والتواضع في المعاملة والنفقة ونبذ أخلاق الكراهية والحقد عامة, لاسيما بين الزوجين خاصة؛ حفاظاً على بنيان الأسرة ومصلحة الزوجين والأولاد.

- المهم أن يحرص الزوجان على إصلاح حاضرهم وواقعهم ونبذ الماضي بكل أخطائه وعيوبه وتجاوزاته, فما مضى فات, والمؤمّل غيب, ولك الساعة التي أنت فيها, والعاقل من يستفيد من الماضي ويأخذ منه الدروس والعِبَر فيسخِّره في إصلاح الحاضر (لا تحسبوه شراً لكم بل هو خيرٌ لكم).

- احرصي على توفير القدوة الحسنة منك في الحرص على الالتزام بالدين والأخلاق الحسنة والمعاملة الطيبة لزوجك, وطاعته في كل ما يحبه على الوجه الأجمل والأكمل والأفضل, والعمل الصالح والعناية بالصلاة خاصة, ونوافل الصلاة والصوم والصدقة.

- احرصي على تشجيع زوجك بلطف على الاقتران بالصحبة الطيبة والصالحة العاقلة, ومشاركة زوجك لك فعل الخير والذكر والطاعة وقراءة القرآن واستماع المحاضرات والبرامج المفيدة, والترويح عن النفس بالخروج إلى المتنزهات ومن يحبه زوجك من الأهل والأصدقاء, لاسيما مع ما ذكرتيه من إيجابية محبة زوجك؛ لأن تكوني بجانبه والتودد له في أقوالك وأفعالك وأحوالك.

- أضفي على نفسك وأسرتك جو المرح والبهجة والمتعة والراحة والنظافة والجمال والتودد واللطف والزينة والسعادة والذكر والعبادة...

- ومن المفيد المهم أحياناً عند اللزوم الاستعانة بمن تأنسين منه الثقة من زوجك والقبول لديه والتأثير عليه ممن يتحلون بالحُجّة والحكمة لدى زوجك في القيام بعملية التقريب والإصلاح بينكما لاسيما من عقلاء الأهل والأقارب.

- أوصيك باللجوء إلى الله تعالى والإلحاح عليه بالدعاء, لاسيما الدعاء في قيام الليل (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قُرّة أعيُن واجعلنا للمتقين إماما).

- أسأل الله تعالى أن يجمع شملك وزوجك على سكن ومودة ورحمة وخير, وأن يصلحك وزوجك، ويرزقكم الصبر والحلم والسداد والتوفيق والذرية الصالحة والحياة السعيدة والآمنة والكريمة والمطمئنة.

الله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً