الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من خوف وقلق وصراع داخلي، ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب بعمر 33 سنة، لست اجتماعيا كثيراً، ومشكلتي أني متخوف من فكرة الزواج والارتباط طول حياتي، ولم أفكر كثيراً في الموضوع.

كنت أقول لم يأت وقته، وفي الوقت الحالي فكرت في الموضوع، وقررت أن يكون السنة القادمة -إن شاء الله-، ولكن ما إن قررت حتى تملكني الخوف والقلق والضيق والاضطراب في النوم، وأحيناً أقول في نفسي: لا أريد، وأشعر بصراع داخلي يضيق علي حياتي، وأفقدني لذة الحياة، ولا أشعر برغبة في شيء حولي، وأشعر بأن حياتي توقفت عن الحركة.

أنا محافظ على صلاتي مع قليل من التقصير، ومحافظ على الأذكار وقراءة القرآن مع التقصير أيضاً، وهذا التفكير أصابني بشعور نفسي صعب جداً، ولا أستطيع التخلص منه.

أرجو المساعدة منكم بعد توفيق الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

أخي: لا تقصِّر فيما ترى أنك مقصِّر فيه، خاصة فيما يتعلق بأمور دينك، فالدين يُجمّل الإنسان ولا شك في ذلك، ويؤدي إلى صحة نفسية إيجابية، ويُشعرنا بالطمأنينة، مصداقًا لقوله تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، والحمد لله تعالى، أنك مدرك لجوانب التقصير عندك، فحاول أن تسدَّ كل هذه الثغرات، ولا تترك للشيطان مجالاً، وبما أنك شخص حسّاس - وذو ضمير عال ويقظ، ومنظومة قيمية محترمة، ولتقصير سيُشعرك بالذنب، وهذا دور إيجابي جدًّا للنفس اللوامة، وإن شاء الله تعالى، من خلال مداركة هذا التقصير والتعامل معه بكل حسم وعزم تستطيع أن تصل إلى مرحلة النفس المطمئنة.

أخي الكريم: لديك شيء من القلق الذي يؤدي إلى التردد، والقلق حين يكون سلبيًا بالفعل يكون مُعلًّا للإنسان، ويجعله يتخبط في الأمور، ويجعل أفكاره تتسارع وتتسابق، لكن القلق يمكن أن نجعله قلقًا إيجابيًا، في حالتك فكرة الزواج فكرة عظيمة، فكرة ممتازة، والزواج فيه خير كثير – أخي الكريم – هو وسيلة من وسائل السكينة والمودة والرحمة، بل هو أفضلها.

فكر على هذا النسق، هنا إن شاء الله تعالى يتحول قلقك من قلقٍ سلبيٍّ إلى قلقٍ إيجابي، وأنا أقول لك: لا تقلق، ولا تحزن، الحياة طيبة، والحياة جميلة، ابعث في نفسك مثل هذه الرسائل، وأنا أريدك – أخي الكريم – أن تتواصل اجتماعيًا، لأن بناء نسيج اجتماعي صحيح سيُساعدك كثيرًا، وأنتَ مُدرك لهذا التقصير الاجتماعي، فأنا أقول: أول ما تلتزم به هو: الصلاة مع الجماعة، فيها أريحية عظيمة، وتجعلك فعلاً تحسّ بروح الجماعة، وستلتقي بالصالحين من الناس، وهنا تكون الفرصة عظيمة بأن تبني نسيجًا اجتماعيًا جيدًا.

أخي الكريم: ألزم نفسك بتلبية الدعوات، الأفراح، الأتراح، الأعراس، زيارة المرضى، المشي في جنازة وحضور دفنها، كل هذا – أخي الكريم – يجب أن تلبيه كدعوات وواجبات اجتماعية.

زيارة أرحامك، أن تخرج مع أصدقائك – أخي الكريم – من أجل الترفيه الجميل في بعض الأحيان، ممارسة رياضة جماعية مثل كرة القدم، هذا كله وسيلة محترمة وجيدة ومفيدة للإنسان، فأرجو أن تلتزم – أخي الكريم – بهذه الوسائل وتُطبِّقها.

طوّر نفسك – أخي – فيما يتعلق بوظيفتك، لأن العلاج بالعمل أيضًا نحن نعتبره وسيلة من وسائل الارتقاء بالصحة النفسية، فكن حريصًا على هذا.

أنا أرى أنه ليس هنالك ما يمنع أن تتناول أحد الأدوية البسيطة المضادة للقلق وللتوتر، عقار بسيط مثل (سلبرايد) والذي يُسمى تجاريًا أيضًا (دوجماتيل) وله اسم تجاري آخر (جنبريد) سيكون مفيدًا لك جدًّا.

الجرعة هي: أن تبدأ بخمسين مليجرامًا (كبسولة واحدة) ليلاً لمدة أسبوع، ثم اجعلها كبسولة صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم اجعلها كبسولة واحدة صباحًا لمدة ثلاثة أسابيع، ثم توقف عن تناوله، هو دواء سوف يُساعدك كثيرًا في التخلص من القلق والتوتر، بجانب أهمية التطبيقات السلوكية الأخرى التي ذكرتها لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية Muhamed

    بارك الله فيك يا دكتور وجزاك الله عنا كل خير والله يكتب الخير لنا ولكم .. آمين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً