الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الضحك في مواقف لا تتطلب الضحك.. هل يشير إلى الإصابة بالفصام أم القلق؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إلى -الدكتور: محمد عبد العليم- أرجو أن تكون طيبا وبأحسن حال.

هناك بعض الأعراض التي لم تكن تشغل بالي كثيرا، ولكن عندما قرأت عن الفصام ومرض والدتي، قررت الكتابة لك.

كان لدى أمر يحدث لي أحيانا، أشعر أنني أضحك في غير مواضع الضحك، في مواقف ربما يكون الضحك فيها غير مناسب أو مستفزا، مواقف من المفترض ألا تثير الضحك، ضحكت مثلا عندما علمت أن دواء أمي غالي جدا، أغلى دواء سمعت عنه، ضحكت وسخرت من الموقف، والموقف جدي لا يتطلب الضحك.

عندما تشتكي أمي أمازحها لأخرجها مما هي فيه، وأنا أكثر شخص يضحك من محاولة إضحاك من حولي، وهذا الأمر موجود منذ وقت مبكر جدا في حياتي، أشعر بأنني أضحك أو أبتسم على أشياء من المفترض أنها تثير الحزن أو البكاء.

في أحد المرات وصفني أحد أصدقائي بالبلادة، لأنني أخبرته بوفاة جدتي، وعندما توفيت -رحمها الله- أمام عيني بكيت بصدق عميق، كنت في حدود العاشرة من عمري.

في فترة من فترات حياتي عندما كنت صغيرا، كنت أشعر بأنني غير موجود، كأن وجودي مذبذب كصورة تلفاز لقناة ضعيفة الإرسال، وكذلك أرى الأشياء البعيدة وكأنني أستطيع إمساكها لصغرها، ذلك كله بالماضي واختفى الآن، وربما حدث لي ذلك من أثر مشاهدة الرسوم المتحركة.

ذات مرة أخبرتني أختي بأن أحدهم كان يوجه لي كلاما مباشرا، وكنت لا أستجيب له تماما، والحقيقة أنا لم أشعر بهذا الأمر إطلاقا، ولا أذكره حتى.

ومرة أخرى حدثني زميلي بأنني لست بحال جيدة، لأنه سألني عن شيء متعلق بالدراسة، فكانت إجابتي -الحمد لله-، والإجابة لا علاقة لها أبدا بالسؤال، ولكن الحقيقة أنني لا أذكر سؤاله لي، ولا أجابتي، ولم أشعر بها أبدا.

أحيانا أشعر أنني غير قادر على التفكير، يتوقف تفكيري تماما، فمثلا: أشتري أشياء بثمن ما، وأدفع مئة جنيها ولا أحصل على باقي المبلغ فأمسك المال، لا أستطيع حساب أي شيء على الإطلاق، لا أستطيع جمع قيمة مشترياتي ولا طرحها من المئتين، فقمت بوضع المال في جيبي، وخرجت من المحل وتذكرت العملية وحسبتها بسهولة.

عقلي متوقف تماما عن التحليل، وأحيانا أفعل أشياء بشكل أوتوماتيكي دون عمل عقلي، يمكن وصفي باللغة العامة أنني تائه ولا أركز، كأنني في إحدى المرات أعطيت مبلغا من المال لأحدهم كان من المفترض أن آخذه أنا.

هل هذه الأعراض مرتبطة بمرض والدتي الفصام الوجداني، أم مرتبطة بالقلق ذي الطابع الوسواسي الخاص بي؟ في الحقيقة أنني خشيت على نفسي أن أكون مصابا بالفصام البسيط، أم أنه محض إرهاق لا أعلم، فما نصيحكم لي؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك –أخي الكريم– في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وجزاك الله خيرًا على سؤالك عن أحوالنا، فنحن -الحمد لله- بخير، ونتقلَّبُ بفضل الله في نعمه تعالى، نسأل الله تعالى أن يُديمها علينا جميعًا.

أخي: أنا تفحصتُ رسالتك بكل دقة شديدة، واتضح لي وبصورة جليَّةٍ جدًّا أن كل المواقف التي تحدثت عنها والتجارب النفسية الخاصَّة التي مررت بها هي تجارب وسواسية قلقية، ولا شك في ذلك، وبما أنه لديك درجة عالية من اليقظة والتحسُّس ومراقبة الذات، فأصبحتْ هذه الأعراض الوسواسية مضخَّمة لديك، وشغلتك وأصبحتَ تتخوف من مرض الفصام والعلّة التي كانت تعاني منها الوالدة.

أنا أؤكد لك أن كل الذي تعاني منه ومرَّ بك هي تجارب وسواسية، ولا أرى حتى أنك مُصاب بوسواس قهري حقيقي، إنما هي سماتٌ من سمات الفكر الوسواسي تأتيك هنا وهناك.

فيا أخي الكريم: تجاهل هذا الأمر وحقِّره تمامًا، ولا تشغل نفسك به.

موضوع الضحك الذي تحدثت عنه: المرضى الفصاميون لا يدركون أنهم يضحكون في مواقف لا تتطلب الضحك، هذا في معظمهم، وضحكهم دائمًا يكون استجابة لأصواتٍ في معظم الأحيان، وليس لحديث النفس كما هو في حالتك مثلاً.

فأرجو أن تطمئن، وعش حياتك بكل قوة وبكل تفاؤل، وأسألُ الله لك العافية ولنا جميعًا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً