الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع أن أعيش بسلام مع نفسي والآخرين.

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 21 سنة، لا أعرف معنى الحب أو الإحساس به، وأشعر أنه نفاق، حاولت أن أكون علاقات مع فتيات لكني فشلت، ولا أستطيع تمييز كلام الناس بدقة، أقرأ النفاق في أعينهم، ومنذ صغري كنت أتعرض للسخرية من شكلي وجسدي النحيف وكل شيء.

وأنا كتوم لا أظهر حقيقة مشاعري، وأشعر أن لا أحد في الدنيا يستحق الثقة غير الوالدين، أعاني مع هذا التفكير ولا أجد جوابا لنفسي، فصرت أشرب الخمور وأدخن المخدرات والكثير من المعاصي والكبائر، فهل هناك حل لأعيش السلام مع نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Jawad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا وسهلا بك في موقع الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك الهداية والتوفيق، والجواب على ما ذكرت يكمن في الآتي:

- لا بد أن تعلم أن المسلم يجب أن يكون معتزا بدينه، مستقيما صالحا، يعمل على رضا ربه في كل حال، قال الله - تعالى -: " ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون " [الجاثية : 18].

- والأمر الآخر اعلم أنك لم تخسر شيئا بكون أن الله قد عصمك من أن تقع في الحب الكاذب للفتيات، فإن هذا طريق فيه مخاطر على دين المرء وإيمانه، ويجعله إنسانا بهيميا يلهث وراء الشهوات، ويصبح فاقدا للغيرة، يقع في ما حرم الله من الخلوة واللقاء بالفتيات الأجنبيات، فقد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أن يختلي رجل بامرأة، حيث قال"لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري برقم 5233، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان "رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2546، والرجل المسلم الذي يحمل في قلبه غيرة على محارمه لا يرضى أن ينتهك عرض أحد من الناس كائنا من كان، ولذلك عليه في المقابل أن لا ينتهك أعراض الناس باللقاء مع فتاة والحديث معها بالكلام الخادش للحياء من كلام الغزل والهيام الذي لا يقال إلا بين الزوجين اللذين تربطهما رابطة الزواج الشرعي، ولهذا عليك أن لا تتحسر ولا تقلق لأنك لم ترتبط بفتاة ولم تعرف الحب المزيف الذي يقوم به الشباب اليوم، واعرف أن الله قد أراد بك خيرا حيث صرفك عن الحرام.

- أما ما تعاني منه من عدم الشعور من عدم احترام الآخرين لك وإنهم يسيئون إليك: فهذا مرده إلى أسباب منها أن الذين تلتقي بهم ليسوا من الصالحين، فالصالحون ليس لديهم سخرية للآخرين، ومن الأسباب أنك لم تسع إلى تقوية شخصيتك فعليك أن تدخل بعض الدورات التي تتعلم منها تقوية الشخصية، وحاول أن لا تتنازل عن حقك إلى درجة أن يسيي إليك وتسكت، بل عليك أن توقف المتطاولين عليك عند حدهم، ومن الأسباب التي تجعلك لا تشعر باحترام الآخرين أنه قد يكون لديك جدية مفرطة، ولا تحب المزاح وأصدقاؤك يحبون أن يمزحوا معك وأنت لا ترغب بذلك، فلذلك يمكن أن تنبههم على ما ترغب به حتى لا يأتي منهم ما تكره.

- أما مسألة الثقة في الآخرين فهذا يحتاج إلى معرفة صفات من تثق بهم من حيث الأمانة والصدق و حسن الوفاء وسرعة النجدة، فإذا وجدت من وجدت فيه هذه الصفات ولو كان فيه شيء من التقصير فيمكن أن تثق به.

- وأما قولك وبسبب ما تعاني منه فإنك هربت إلى شرب الخمر وتعاطي المخدرات وكما ذكرت من الإتيان الكثير من المعاصي والكبائر، فلذلك عليك أن تترك كل هذه المعاصي فورا وتلجأ إلي الله تائبا ومستغفرا، فالله غفور رحيم لطيف بعباده، يقبل من جاء إليه تائبا، قال تعالى:"قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"[ سورة الزمر اية 53 ]، وقال تعالى: " وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ" [ سورة الشورى اية 25 ].، وعندما تكون مع الله مستغفرا ومحافظا على الصلاة وممتثلا لأمره ذاكرا لله تعالى فإن الله سيجعل حياتك حسنة طيبة قال تعالى {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل : 97].

ثم عليك أن تعلم أن الاستمرار في مواقعة هذه المحرمات فإن هذا ليس علاجا لما أنت فيه، بل إن يذلك يفاقم المصائب عليك ويجعلك تحت في حياة فيها تعاسة ونكد، قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} [طه : 124].؛ ولهذا وجب عليك فورا العودة إلى الله تعالى والعمل على رضاه.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً