الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مريض وأخشى من تناول الدواء النفسي، ما رأيكم؟

السؤال

السلام عليكم.

شاب، عمري 20 عاما، أعاني من الوسواس القهري، وصف لي الطبيب دواء لوسترال (سيرترالين)، وخائف جدا من تناول العلاج.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والشفاء.
أيها الفاضل الكريم: إذا كان بالفعل تشخيصك هو الوسواس القهري، وهذه هي مهمّة الطبيب الأولى بأن يُحدد التشخيص.

والنقطة الثانية: ما هي نوعية هذه الوساوس؟ هل هي وساوس أفكار؟ أم وساوس أفعال؟ أم وساوس طقوس؟ أم وسواس تكرار؟ أم شكوك وظنان؟ أم مخاوف؟ ... فالوساوس كثيرة جدًّا.

وصاحب الوساوس يجب أن يتفهمها بأنها متسلطة عليه، ومستحوذة، وأنها سخيفة، وما دامت هي على هذه الشاكلة فيجب على الإنسان أن يرفضها، ألَّا يعطيها فرصة للتنامي والازدياد، وأن يكون صارمًا في مواجهتها، وألَّا يدخل في نقاشها وحوارها، لأن ذلك زيد منها. أما التجاهل وإغلاق الباب أمامها بهذه الكيفية فهذا يقطع دابر الوساوس.

وأن تشغل نفسك بما هو مفيد، هذا أيضًا يصرف انتباهك عن الوسواس.

واعلم – أيها الفاضل الكريم – أن الوساوس تزيد وتنقص حسب الحالة النفسية للإنسان، فكن دائمًا إيجابيًا، واسعى لأن تكون شخصًا منفتحًا ومتواصلاً، وتُحسن إدارة الوقت وتستثمره، وتحرص على أمور دينك، وتجعل لنفسك رؤية مستقبلية جيدة وإيجابية، وتُكابد وتُكافح لتصل إلى مبتغاك.

هذه علاجاتٍ أساسيةٍ جدًّا للتخلص من الوسواس، ولتنمية الذات وتطويرها.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي فهو يُساعد، واللسترال دواء مفيد جدًّا، وسليم جدًّا، وليس هنالك ما يدعوك للتخوف منه أبدًا.

جرعة البداية تكون صغيرة، وهي نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تتناولها يوميًا لمدة عشرة أيام مثلاً، ثم تجعلها حبة واحدة (خمسين مليجرامًا) يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلاً، وهذه هي الجرعة الوسطية التي تُعالج الوساوس.

بعض الناس يحتاجون لجرعاتٍ أكبر من ذلك، لكن في المتوسط جرعة المائة مليجرام أجدها ممتازة، خاصة بالنسبة للذين يُطبِّقون نوعية الإرشادات والسلوكيات التي تحدتنا عنها سلفًا في كيفية مواجهة الوساوس.

والجرعة العلاجية هذه يمكن أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر، ثم تخفضها إلى خمسين مليجرامًا يوميًا كجرعة وقائية لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم تجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

قطعًا هذه هي الوصفة المتوسطة والجيدة والتي تفيد الكثير من الناس، لكن إذا رأى طبيبك وصفة أو جرعات غير الذي ذكرتُه لك – أو فيما يتعلَّق بمدة العلاج – فأرجو أن تتبع ما يذكره طبيبك.

السيرترالين/اللسترال أؤكد لك أنه سليم، لا يُسبب الإدمان، لا يؤثِّر على الهرمونات الذكورية، فقط ربما يؤخّر القذف المنوي قليلاً عند المتزوجين، لكنّه لا يؤثِّر على الصحة الإنجابية، وفي بعض الأحيان قد يفتح الشهية نحو الطعام، وقد تكون هناك شراهة نحو الحلويات لدى بعض الناس، وفي هذه الحالة يجب أن يتحوّط الإنسان حتى لا يزيد وزنه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً