الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد قبول ومودة ورضا أصرت خطيبتي على فسخ الخطوبة، فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب تقدمت لخطبة فتاة وجلست معها في الرؤية الشرعية، وحدث بيننا قبول، وكانت الفتاة ملتزمة وفي غاية الأدب والخلق، منتقبة وحافظة لكتاب الله، وأسرتها ملتزمون، وتوالت الزيارات والقبول يزداد وأحبني أهلها جداً، وكانت هي في غاية السعادة، وأخبرتني بأنها وجدت فيّ كل الصفات التي كانت تحلم بها، وأن الله عوضها خيراً.

تمت الخطوبة وكنا في قمة الفرحة والسعادة وسط الأهل والجيران، وتوالت الزيارات بعد الخطوبة، إلى أن مر شهر ففوجئت بأنها تغيرت بدون أي مبرر، وقالت لأهلها أنها تراني كأخ لها، ولا تشعر تجاهي بأي قبول، وقالت أن نفسيتها مضطربة وغير مستقرة، وأنها لا تريد الزواج مطلقاً لا مني ولا من شخص آخر، وأهلها تعجبوا جداً من ذلك التغيير، خصوصاً أنه لم يحدث بيننا أي خلافات، ولم أغضبها في أي شيء، ولم يجدوا لذلك تفسيراً إلا أن هذه حالة نفسية مرضية عارضة، واستبعدوا أن تكون سحراً أو عينا؛ لأن البنت تقرأ القرآن وتراجع حفظها وتصلي وتدعو الله وتحافظ على الأذكار.

هل هذا طبيعي من الناحية النفسية وقابل للحدوث أن القبول يمكن أن يزول فجأة، أم أنها حالة نفسية طارئة وستأخذ وقتها؟ وإذا كان كذلك فما هي الأسباب؟ وما العلاج؟ وكم تحتاج من الوقت لتعود لطبيعتها؟

أفيدونا بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:

لا بد أن يكون ثمة سبب هو الذي جعلها تنقلب رأسا على عقب بعد أن كانت موافقة وفي قمة السعادة، وعليه فلا بد من التعرف على ذلك السبب، وكما يقال: (إذا عرف السبب بطل العجب وأمكن بإذن الله إصلاح العطب).

على أمها أن تقترب منها أكثر وتتعرف على الأسباب التي جعلتها تتراجع بهذه الصورة المفاجئة، فإن لم تفلح أمها فعن طريق أخواتها أو بنات أعمامها وأخوالها أو صديقاتها المقربات ممن تثق بهن، ولا شك أن لها صديقات تبوح لهن بأسرارها وهن من يمكن أن يستخرجن منها تلك الأسباب.

قد يكون من الأسباب أنها تريد أن تكمل دراستها والخطوبة سببت لها تشويشا في الذهن.

وقد يكون من الأسباب أن معلومات خاطئة نمت إلى ذهنها فأخافتها من الزواج وليلة الدخلة وما شاكل ذلك، أو أن بعض زميلاتها أفسدنها عليك لسبب أو لآخر.

إن تم استبعاد الأسباب السابقة وغيرها بعد الحوار معها فيمكن القول حينئذ أنها أصيبت بحسد أو غيره وفي هذه الحال لا بد أن تعرضها على راق أمين ثقة لتشخيص حالتها، فإن تبين أنها تعاني من سحر أو حسد فلا بد من الرقية حتى تشفى -بإذن الله تعالى-، وأنفع علاج للحسد أن ينظر فيمن يمكن أن تتهمهم هي أو أهلها فيطلب منهم أن يغتسلوا ويؤخذ الماء الذي اغتسلوا به فتغتسل به هذه الفتاة فإنها ستبرأ مباشرة -بإذن الله-.

عليك بالصبر والنظر فيما تؤول إليه الأمور، فإن حصل منها تراجع أو تعالجت فالحمد لله، وإلا فما زلت في فسحة من أمرك والبنات غيرها كثير، فتخير صاحبة الدين والخلق فقد يكون الله صرفها عنك وليست من رزقك فلا تأسف على ذلك فأقدار الله كلها خير.

علمنا نبينا -عليه الصلاة والسلام- صلاة الاستخارة في كل أمورنا، فعليك أن تصلي صلاة الاستخارة وتدعو بالدعاء المأثور وتوكل أمرك إلى الله، فالله لن يختار لك إلا ما فيه الخير بل إن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.

في حال تركك لهذه الفتاة وبحثك عن أخرى قبل أن تذهب للخطوبة صلِّ كذلك صلاة الاستخارة فإن سارت أمورك بيسر وسهولة ولم تتعسر فذلك دليل أن الله قد اختارها لتكون زوجة لك، وإن تعسرت الأمور فتلك إشارة أن الله صرفها عنك فاحمد الله واشكره على ما قدَّر.

لا تشغل بالك ولا تحمل هم هذا التراجع وأكثر من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد وسله سبحانه أن يفرج همك وأن يختار لك ما فيه الخير، وأكثر من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق وأن يختار لك ما فيه الخير والصلاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً