الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هاجس الخوف من موت أمي يلاحقني.. كيف أعيش مطمئنة؟

السؤال

أنا بعمر 27 سنة، غير متزوجة، أعيش مع والدتي، ولدي إخوة متزوجون، يسكنون معنا في نفس الفيلا.

أمي في عمر الستين سنة، تعاني من خمول في الغدة الدرقية منذ 11 سنة، وكانت منتظمة على الدواء الخاص بالغدة، قبل شهرين تعرضت لألم مستمر وشديد في البطن والظهر، وحتى بعد عمل الفحوصات الكاملة، وجميعها سليمة، وكان الأطباء يشتبهون بوجود قرحة في المعدة، وتم عمل منظار، وصرف لها دواء بانتزول بالمعدة.

خلال الشهرين كانت لا تستجيب للأدوية، وكان الأمر يزداد سوءًا، ولم تهدأ الآلام إلا بعد أخذ المسكنات المؤقتة في الوريد، وما أن ينتهي مفعول المسكن حتى تعود الآلام مرة أخرى.

خلال الشهر الماضي بدأ مفعول دواء المعدة، وخفت الآلام، ولكن حالتها النفسية سيئة للغاية، وبدأ معها القلق والخوف والرعشة في جسمها حتى أنها بدأت بوصيتها علينا.

عرضت مشكلتها لطبيب نفسي، فتبين أنها تعاني من اكتئاب، وصرف لها دواء سبرالكس 10 وسوليان 50، وهي الآن في الأسبوع الرابع من استخدامه، وبدأ يختفي القلق والخوف، ولكن أصبحت طريحة الفراش دائمة الصمت، وقليلة الأكل ودائما نائمة، وأحيانا يأتيها أرق، ولا تستطيع النوم، جسمها أصبح نحيلاً، وقليلة الحركة، وأصبحت تجمع الصلوات، ولا تريد أي أحد يتواجد عندها سواي.

أنا أهتم بها، ولكني أخاف عليها، وأصبح هاجس الموت يلاحقني، وبدأت أتخيل حالي بعد موتها والعزاء، وكيف هو مصيري بدونها، أصبحت لا أنام، ولا أخرج من المنزل؛ لأنني دائمة التفكير بالموت، ولدي خوف متواصل، وفقدت جزءاً كبيراً من وزني، دائماً أصلي وأبكي وأدعو الله أن يشفيها، ولكن إحساس الخوف يلازمني.

أرجو منكم مساعدتي في مشكلة والدتي، ومشكلتي النفسية بعد ما أصابها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.
وصلتني منذ مدة رسالة مشابهة تمامًا لرسالتك هذه، وأقول لك: جزاك الله خيرًا على ثقتك في استشارات الشبكة الإسلامية، وعلى اهتمامك بأمر والدتك، التي أسأل الله تعالى لها العافية.

الإجراءات الطبية التي اتُخذتْ هي إجراءات صحيحة، بأن عُرضتْ الوالدة على الأطباء المختصين في مجال الباطنية والمعدة، واتضح أنها لا تُعاني من علة أساسية، وبعد ذلك عُرضتْ على الطبيب النفسي واتضح أنها تُعاني من اكتئاب نفسي.

إجراءات الطبيب سليمة، قام بإعطائها عقار (سبرالكس)، وهو من الأدوية الممتازة والفاعلة جدًّا، والـ (سوليان) أيضًا دواء بجرعة خمسين مليجرامًا يُعتبر جيدًا جدًّا للأعراض النفسوجسدية، وقد يُدعِّم فعالية السبرالكس.

الذي استوقفني هو أن الوالدة أصبحت قليلة الحركة، وأنها فقدت شيئًا من وزنها، أعتقد هذا يُحتِّم حقيقة أن ترجعي بها لنفس الطبيب النفسي الذي قام بفحصها، لأن الأعراض التي تُعاني منها هي أعراض اكتئابية، بمعنى أن الاكتئاب لا زال يتملَّكها، وأنا أعتقد أن علاجاتها الدوائية تحتاج لمراجعة، وأيضًا يجب أن نُراجع حالتها العضوية مرة أخرى.

أنا أعتقد أن التعاون بين الطبيب الباطني والطبيب النفسي في حالة والدتك سيكون هو الأفضل من حيث الأسس العلاجية الطبية السليمة وذات المستوى والجودة العالية، فأرجو أن تذهبي مرة أخرى بوالدتك، وأنا متأكد أنها بإذن الله تعالى سوف تتحسَّن.

ساعديها - أيتها الفاضلة الكريمة - أيضًا في تنظيم وقتها، أن تحرص على النوم الليلي، أن تتجنب النوم النهاري، حاولي أن تُحثِّيها وتُحفِّزيها وتزيدي من همَّتها لترفع من معدَّل نشاطها الجسدي، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا.

لا بد أن يكون هنالك نوع من التواصل الاجتماعي مع الوالدة، لو تحدثت مع قريباتها أو جاراتها، أو مَن لهم بها علاقة ليزوروها ويتحدثوا معها، هذا أيضًا علاج مهمٌّ جدًّا، ومن جانبكم أشعروها أنكم في حاجة إليها، هذا يُساعدها ويُحسِّن من دافعيتها.

بالنسبة لك - أيتها الفاضلة الكريمة -: أنت تقومي بعمل عظيم وعمل كبير وعمل جليل، والله تعالى فتح لك بابًا من أبواب الجنة، بأن تجتهدي في أولادك، هذا يجب أن يُعزِّز الشعور الإيجابي عندك، وليس هنالك ما يدعوك أبدًا لئلا تنامي أو تكوني مشغولة وتفكري في الموت بصورة مرضية، أنا أعتقد أنه من المفترض أن تُكافئي نفسك، أن الذي تقومين به هو عملٌ رائع، وعملٌ فاعل، وعملٌ ممتاز، فلذا يجب أن تكوني قوية، أن تكوني صامدة، وصابرة، وليس هنالك أبدًا ما يجعلك أن تكوني بهذه الكيفية، تفاءلي، وساندي والدتك، وقطعًا هذا سوف يعود عليك بخير كبير ومشاعر إيجابية.

نظِّمي وقتك - أيتها الفاضلة الكريمة - واحرصي على النوم الليلي، ومارسي تمارين رياضية بسيطة، كرياضة المشي مثلاً، ويا حبذا لو ذهبت الوالدة معك في ممارسة رياضة المشي، ولابد أن تأخذي قسطًا من الراحة، فلنفسك عليك حقا، واهتمي من الناحية الغذائية، وتواصلي أيضًا اجتماعيًا، اقرئي، اطلعي، وعليك بالدعاء والذكر وقراءة القرآن...

هذه هي الأسس التي أراها سوف تفيدك، وحتى لو كنت أنت مُدركة لها - وأنا أحسبُ ذلك - فقد ذكرتها من قبيل التذكرة.

لا أراك محتاجة لعلاج دوائي، ولا أنصحك بتناول علاج دوائي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد
.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً