الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو تفسير القلق والتوتر الذي أعاني منه؟

السؤال

السلام عليكم.

أرجو من حضرتكم تفسير القلق والتوتر وأعراضه الجسدية، وآلية حدوثها بالتفصيل؛ لتبرير ما يحدث معي مع قلق متواصل للشعور بالاطمئنان، إن ما أعاني منه هو القلق بكل الأعراض الجسدية التي جعلتني منهكا ومتخبطا وزائرا إلى أكبر عدد من الأطباء، حيث أنني أعتبر قراءة هذا التفصيل بمثابة علاج نفسي لحالتي، ودمتم بخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عاf حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي الكريم: معرفة التفاصيل الدقيقة عن الأعراض وكيفية ظهور وتكوين القلق والأمراض المشابهة كالوساوس والمخاوف قد يؤدي إلى المزيد من القلق والتوتر بالنسبة لك، أنا حقيقة لا أودُّ أن أحرمك عن أي معلومات، لكن نصيحتي لك هو أن الدخول في تفسيرها والتدقيق حولها يزيد منها، وهذا أمرٌ ثابتٌ جدًّا.

بصفة عامّة: القلق له مكوّن نفسي، ومكوّن بيولوجي، ومكوّن اجتماعي، ومكون سلوكي، والقلق قد يكون مرتبطًا بشخصية الإنسان أصلاً، أي أنه مكوّن رئيسي للشخصية، وهذا قد يكون سببه الجوانب الوراثية، زائد التفاعل الظرفي أو البيئي حسب محيط الإنسان.

وقد يكون القلق قلقًا ظرفيًا فقط، أي أن الإنسان تتسلط عليه جرعات كبيرة من القلق تحت ظروف معيَّنة وتظهر الأعراض وبعد ذلك تختفي.

والقلق قد يكون مصاحبًا للأمراض الأخرى كالاكتئاب، كمرض الفصام، كمرض الوسواس، كأمراض المخاوف... وهكذا.

الذي يحدث - أيها الفاضل الكريم - أن جسد الإنسان له استجاباتٍ معيَّنة، والإنسان إذا أراد أن يقوم بفعلٍ ما حتى وإن كان بسيطًا، أو أراد أن يهرب من موقفٍ ما حتى وإن كان بسيطًا، يجب أن يتهيأ الجسم لذلك، والجسم يتهيأ من خلال إفراز مادة الأدرينالين، ويلعب قطعًا الجهاز العصبي اللاإرادي دورًا في هذا الموضوع.

حين يُفرز الأدرينالين - وهو مادة تؤدي إلى تحفيز الجسد ووضعه في حالة استعداد وفي حالة استنفار تامَّة - يؤدي إلى زيادة مثلاً في ضربات القلب، تدفق زائد في الدم والأكسجين، وانشداد في العضلات، وربما تقلُّصاتٍ هنا وهناك. هذه هي خاصِّية الأدرينالين.

وفي بعض حالات القلق أيضًا تتأثَّر الموصِّلات العصبية (المواد الكيميائية بالدماغ) خاصة مادة تُسمى (سيروتونين)، يكون اضطراب إفرازها هو السبب الذي يدفع نحو القلق، وهذه المادة لها علاقة قوية جدًّا بأجزاء معينة في الدماغ، هنالك منطقة (اللوزة)، هنالك منطقة (الفص الأمامي)، و(الفص الصدغي)، وأجزاء كثيرة من الدماغ قد تتأثَّر، وهذا يؤدي إلى القلق، أو يُظهر الصورة الإكلينكية السلبية التي تظهر في شكل توتر وأعراض جسدية كتسارع ضربات القلب، كالتعرُّق، وهذا النشاط الكبير في الجهاز العصبي اللاإرادي يؤدي إلى كل هذا الشعور، الجفاف في الفم، الشعور بخفة الرأس، البعض يحدث لهم تقلُّصات في المثانة مثلاً، لذا البعض قد يظهر عليه دائمًا إبداء الرغبة في التبول، وشيء من هذا القبيل.

إذًا - أخي الكريم - العملية عملية فسيولوجية، نفسية، سلوكية، ويجب أن نعرف - أخي الكريم - أن الأعراض تختلف وتتفاوت بين الناس، حتى وإن كان التشخيص هو القلق، لكن قد يكون المكوّن النفسي هو الأقوى لدى شخصٍ معيَّن، ولدى شخصٍ آخر تجد المكوّن الجسدي هو الأكثر، لذا تظهر أعراض نفسوجسدية، وفي هذه الحالة نُحِبُّ أن نسمي القلق بـ (القلق المقنّع) لأنه لا يوجد جانب نفسي، إنما جانب عضوي أو جسدي فقط.

أخي الكريم: أرجو أن تستفيد من القلق، وتجعله قلقًا إيجابي، واحرص على ممارسة الرياضة، والتمارين الاسترخائية، وعبِّر عن نفسك دائمًا، لا تكتم، لأن الكتمان يزيد القلق، وعليك بالنوم الليلي المبكر، والاستيقاظ المبكر، والحرص على أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، وغيرها من الأذكار، وحافظ على صلواتك في وقتها، وتلاوة القرآن والدعاء.

وللفائدة راجع العلاج السلوكي للقلق: (261371 - 264992 - 265121).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً