الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بنوبة اكتئاب وتقلب مزاج حاد ومفاجئ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب، عمري 19 سنة، أصبت بنوبة اكتئاب شديدة في عمر 19 عاماً، عانيت في هذه النوبة من القلق الحاد، والذعر، والخوف، والأرق، وانعدام الطاقة، والصعوبة في التركيز، وسوداوية في المزاج، وفقدان الشهية، وهلوسة، كنت مصاب سابقاً بالرهاب الاجتماعي منذ 3 سنوات، استخدمت الزيروكسات 20 جرام كل يوم، ثم رفعت الجرعة لـ 40 مع استخدام الإندرال 20 جرام يومياً، تحسنت بشكل جيد، ولكن بقيت بعض الأعراض.

بعد انتهائي من الثانوية العامة كنت محتمسا جداً للدراسة الجامعية، وحينما بدأت الدارسة في الجامعة في أول أسبوع أصابتني نوبة شديدة كما ذكرت سابقاً، وحالة عجيبة من تقلبات المزاج الشديد، حيث أصبح تعيسا وأنام سعيدا والعكس، انسحبت من الجامعة، وندمت جداً على هذا القرار، كنت لا أشعر بعقلي من شدة التقلب المزاجي، أفكر بالانتحار منذ سنتين تقريباً، بماذا تنصحونني؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdullah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أول ما تقوم به هو أنه يجب أن تتوقف عن التفكير في الانتحار، الحياة طيبة وجميلة، والحياة هي هبة الله تعالى، وأنت مسلم مؤمن - أيها الفاضل الكريم - فلماذا تختار لنفسك المآل الأسود، خُسران الدنيا والآخرة، {خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين}.

هذا النوع من التفكير مؤلم جدًّا، وسخيف جدًّا، عظيم جدًّا على من يقْدِم عليه، وقد قال الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم}، وقال: {ومن يفعل ذلك عدوانا وظلمًا فسوف نصليه نارًا}، وقال: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}.

فيجب -أخي الكريم- أن تراجع نفسك، أغلق هذا الباب تمامًا، وارفع من همتك، وشِدَّ من عزيمتك، ويجب أن يكون هنالك تحمُّل لمصاعب ومصائب الحياة، الحياة فيها مصائب لا أحد ينكر هذا، ولكن أعواد الرجال لا تقوى إلَّا من خلال المكابدة والاجتهاد والصبر، وأنت حباك الله تعالى بكل هذا، بالقوة وبالكرامة وبسِنِّ الشباب العظيمة، فلديك الطاقات النفسية والجسدية التي يجب أن توجِّها الاتجاه الصحيح.

لا أراك في حاجة لعلاج دوائي، إنما تحتاج للعلاج السلوكي النفسي الاجتماعي، وهذا ليس من الضروري أن يكون عن طريق طبيب أبدًا، الأمر في غاية البساطة.

أول ما تقوم به هو أن تنظم وقتك، وأن تُحدد أهدافك، بدون هذا لا تستطيع أبدًا أن تقوم بأي شيء، ويجب أن تحرص على صلاتك وكل أمور دينك، ويجب أن تكون بارًا بوالديك، ويجب أن تحرص وتحافظ على الأذكار - خاصة أذكار الصباح والمساء والأذكار الموظفة والمخصوصة -.

هذه خطوات أساسية في الحياة، تهزم الاكتئاب، وتهزم الخوف، وتهزم الوسوسة، ولا تكن مُهمَّشًا في أسرتك، كن عُضوًا فاعلاً في الأسرة، كن شخصًا مُنتجًا، شخصًا مفيدًا، انقل نفسك لفكر إيجابي وفكر مفيد، ومشاعر طيبة، وسلوكٍ حميد، وأفعالٍ إيجابية. بهذه الكيفية تتغيَّر، {إن الله لا يغيِّرُ ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

ولا بد أن تسعى للالتحاق بدراستك الجامعية، أنت محتاج لثورة تغيير في نمط حياتك وفي كيانك وفي وجدانك، وأنت الشخص الوحيد الذي تستطيع أن تقوم بذلك.

لا مانع قطعًا من أن تستفيد من أصدقائك الصالحين من الشباب، أن يأخذوا بيدك ويساعدوك، وكذلك والديك، لكن التغيير منك أنت - أيها الفاضل الكريم -.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً